|| حقيقة الشعور ||

49 29 16
                                    


أحيانًا تكتشف مشاعرك فجأة، كأنك تفتح نافذة في داخلك لم تنتبه لوجودها من قبل، ليغمر قلبك ضوء جديد لم تجربه...
.
.
.
.
.
.
♡♡♡♡♡♡♡

كانت الأيام تتوالى على قصبة الجزائر، تحمل في طياتها ريحاً باردة تخفي خلفها توترات قديمة وتحديات جديدة. تحت ضوء شمس الصباح الباكر، وبين الأزقة الضيقة التي تحمل عبق الماضي وجدران البيوت البيضاء المزينة بالزخارف العتيقة، كانت مشاعر الأمل والقلق تتشابك في قلوب الجميع، وكأن المدينة بأكملها تراقب مصائرهم بصمت.

كان صباح القصبة هادئًا بشكل غير مألوف، والشمس ترسل أشعتها الدافئة بين أزقة المدينة الضيقة، وكأنها تراقب الأحداث القادمة بعين متربصة. في بيت الحاجة حليمة، كان ياسين يجلس بهدوء يراقب أخاه سامي، الذي بدا منشغلاً بأفكاره أكثر من المعتاد. يتأمل فنجان القهوة بين يديه، وكأنما يسأل هذا السائل الداكن عن مصير مشاعره المتأججة تجاه ديهيا.

قاطع ياسين الصمت ونطق بنبرة حازمة، كمن يواجه حقيقة لا مفر منها:
"سامي، أتمنى أن تكون جادًا في قرارك. لا أنكر أن ديهيا مميزة، لكن تذكر... لن يرضيها التملُّك، ولا أن تكون خيارًا مفروضًا."

تجاهل سامي تعليق أخاه بصعوبة، لكنه استجاب أخيرًا وقال بنبرة شبه حادة:
"أعلم ما أفعله. الأمر ليس مجرد تملُّك، وإنما مشاعر حقيقية. لكنني أرفض أن أترك لماسينيسا فرصة للتقرب منها، أو حتى للتأثير عليها."

أومأ ياسين برأسه بتروٍّ، وأجاب:
"أريد فقط أن تتأكد من أنك تختار الطريق الصحيح. المسائل القلبية حساسة، وديهيا إنسانة طيبة وتستحق منك الصبر."

نظر سامي إلى ياسين، وكانت عيناه تحملان إصرارًا ممزوجًا بشيء من القلق الخفي، ثم قال:
"أنا مدرك لكل ذلك يا ياسين. لقد فكرت كثيرًا، وديهيا هي الخيار الأمثل بالنسبة لي. هي من أريد أن أبني معها حياتي، وأنا واثق أنها ستفهم مشاعري في النهاية."

ابتسم ياسين بتهدئة، وأردف قائلاً:
"أنا لا أشك في نواياك، سامي، لكن في بعض الأحيان، قد تكون قسوتنا في حبنا هي السبب في تعقيد الأمور. ديهيا قد تحتاج أن تشعر بالحرية لتختار بنفسها، لا أن تشعر بأنها مجبرة."

تردد سامي قليلاً، ثم أجاب بصوت أقل حدة: "أفهمك، لكن أحيانًا يخيفني التفكير في خسارتها. لا أريد لأي شخص آخر أن يقترب منها، ولا أريد أن أكون ضعيفًا أو مترددًا في موقف كهذا."

أومأ ياسين بتفهم، وأردف بهدوء:
"إن كنت تريد حب ديهيا الحقيقي، فربما عليك أن تدعها ترى من أنت بصدق، وتمنحها الوقت لتختار بقلبها. المحبة الصادقة تُبنى على الثقة، لا على التملك."

|| LALA DZIRYA ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن