𝟏|الصَــمت

110 8 10
                                    

«الدم أثخن من الماء.»

عبارة ترددت على مر العصور بين مختلف الأفراد والعوائل، لتؤكد لنا أن الروابط العائلية تبقى دائمًا أقوى من الروابط الأخرى، أقوى من الصداقات، وأحيانًا حتى من الحب نفسه.

لكن تلك العبارة لم تخبرنا أنه قبل أن نكون من دماء، يجب أن يكون والدانا مرتبطين بشكل شرعي فلو كان أحدهم ابن عاهرة أو ثمرة علاقة غير شرعية فإنها تفقد معانيها.

منذ أقل من نصف ساعة، كانت جالسة على أريكة فخمة في رواق رئيسي لقصر عائلة أستور كانت قد مرّت بتجربة سفر طويلة استغرقت ثماني ساعات، ثم قضت ساعتين في مركز الشرطة، ولم تتمكن من أخذ قسط من الراحة حتى الآن

ورغم ذلك، لم تشتكِ من ذلك، بل كان شعورها بالحماسة يتفوق على أي تعب، إذ كانت على بعد دقائق فقط من لقاء عائلتها.

كان لديها إخوة، أعمام، وأجداد. كان كل شيء جديدًا بالنسبة لها. في الماضي، لم يكن لديها أحد سوى والدتها، وعندما أصابها سرطان الدم، لم يمهلها القدر سوى ثلاثة أشهر حتى فارقت الحياة.

كانت والدتها فلور قد نشأت في بيئة قاسية، حيث لم يكن لديها أي إخوة أو أقارب، وعاشت حياة مملوءة بالوحدة.

في تلك الفترة، لم يتبقَ أمامها سوى خيار واحد، وهو التواصل مع أخيها الأكبر.

ومع أنه وافق على استضافتها، إلا أنه لم يهتم بزيارتها أو تقديم أي دعم ملموس لها، بل اكتفى بإرسال بعض الأموال لتغطية احتياجاتها، وفي أعماقه كان يعلم أن دماء أستور الإيطالية تجري في عروقها، ولكن يبدو أن العلاقات العائلية كانت بالنسبة له مجرد مسألة شكلية، لا أكثر.

مرّت الأيام و توفي والدها، ولم يتغير شيء في حياتها. بعد وفاة والدتها، كانت قد قضت سبعة أشهر في ملجأ، قبل أن يقرر أخوها الأكبر أخيرًا أن يُرسل إليها لتنتقل إلى منزله.

استفاقت من أفكارها على صوت فتح الباب الرئيسي للقصر، ودخول رجلين كانا يسيران معًا، وعندما رأتهم، تعرفت عليهما على الفور.

ربما كانا شقيقين لها من الأب، حيثلهما نفس لون الشعر والملامح، بينما كانت هي، على الرغم من تشابهها معهما في الشكل، تتمتع بعينين بلون العسل، بينما كان عينا الشقيقين خضراوين كالزهر.

توقف الشقيق الأكبر ذو البنية الجسدية القوية المليئة بالعضلات والوشوم، كان يبدو أكثر برودة وصمتًا، كما لو أنها كانت غير مهمة بالنسبة له.

أما الآخر، فقد كانت نظراته حادة، مليئة بالغضب والمشاعر المتضاربة، وكأنها لا تستحق الوقوف أمامه.

إليسيوم |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن