الفصل الأول
رواية بوابة كيميت بقلم مَحمود الصَفتيكانت ليلة خريفية باردة. يوسف، الشاب الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره، أنهى عمله المعتاد في المقهى الشعبي. تحت الأضواء الخافتة، بدت عيناه متعبتان من ضغط يوم طويل في الجامعة وعمله في المقهي مع عم حسن، ورغم ذلك لم يفقد ذاك البريق في عينيه؛ بريق يحمل طموحًا أكبر من كل ما يواجهه من صعوبات.
في تلك اللحظة، اقترب منه صاحب العمل، "عم حسن"، رجل تجاوز منتصف الخمسينات من عمره، واضح علي وجهه الإرهاق، عيناه مليئة بحكمة شخص عاش كثيرًا. وقف بجواره وقال بصوت دافئ:
"يا يوسف، يكفي عليك عمل هذا اليوم، انت طوال اليوم مشغول ما بين الجامعة وعملك، يمكنك الآن ان تذهب الي البيت وترتاح قليلاً."ابتسم يوسف بتواضع وأجاب، محاولًا إخفاء تعبه:
"يتبقي اخر طاولة يا عم حسن، ثم أنتهي من العمل."هزّ حسن رأسه وقال:
"يا يوسف، صحتك كنز، لا تجعل الدنيا تنسيك إنها أغلى شئ عندك. كل هذا العمل، وكل المجهود الذي تبذله حتي تحقق حلمك سيضيع لو صحتك ضاعت."نظر يوسف إلى الأرض للحظة، وكأنه يقيّم حديث عم حسن، ثم أجاب بابتسامة:
"لكن الشخص أحيانا يجب أن يُضحي، حتي يستطيع يغير من واقعه. أنا حلمي ليس صغير، وأشعر ان الذي اعمل عليه حاليا هو الذي سيغير حياتي للأفضل."نظر حسن إلى يوسف نظرة عميقة، ثم وضع يده على كتف يوسف وقال:
"ربنا يوفقك يا يوسف، لكن لا تهلك صحتك."انتهى يوسف من تنظيف الطاولة الأخيرة.ثم ألقى نظرة أخيرة على المقهى، كأنه يتأكد أن كل شيء في مكانه، ثم اتجه نحو الباب ببطء. قبل أن يخرج، ألقى التحية على عم حسن بابتسامة هادئة:
"تصبح على خير يا عم حسن، أراك غداً إن شاء الله."رد عليه حسن بابتسامة:
"وأنت من أهل الخير يا يوسف."خرج يوسف من المقهى وأغلق الباب خلفه بحذر، حتي لا يُصدر صوتًا يُزعج الجيران النائمين.
كانت خطواته بطيئة ومرهقة، تعكس ثقل يومه الطويل، وهو يحتضن كتبه بين ذراعيه، وأخيرًا، وصل إلى منزله، شقة صغيرة متواضعة في الطابق الثالث من مبنى قديم، كل زاوية فيه تروي قصة زمن مضى.
فتح الباب بهدوء، ودخل غرفته الصغيرة التي تحتوي على سرير ضيق ومكتب قديم عليه كتب الدراسة وأوراق العمل. جلس على السرير يفكر في مستقبله، كيف ستؤثر دراسته وحياته الجامعية على واقعه.
لم يندم يومًا على قراره بتحقيق حلمه، حتى وإن كان ذلك يعني سهر الليالي والتعب، بل كان كلما شعر بالتعب، تذكر طموحه وكيف يمكن لهذا الطريق أن يغير حياته وحياة عائلته.
في صباح اليوم التالي، استيقظ يوسف على صوت المنبه المتكرر، ارتدى ملابسه سريعاً، وضع كتبه في حقيبته، وخرج من المنزل مسرعًا.
عندما وصل إلى الجامعة، كانت الساحة مليئة بالطلاب، مشغولين في الأحاديث وتبادل الأخبار. وقف يوسف للحظة، يتأمل حركتهم، ثم سمعت أذناه حديثًا جانبياً أثار فضوله.
همس أحد الطلاب: "سمعت عن المقبرة الصغيرة بجانب الجامعة؟ يقولون إن فيها أسرار غامضة، ومن يقترب منها يجد شيئًا غريبًا."
تدخل طالب آخر، محاولاً إظهار الشجاعة، لكن صوته كان يخفي ترددًا: "مجرد حكايات، لا يوجد شيء خاص بالمقابر. كل هذا تخاريف."
اقترب يوسف أكثر، وابتسم محاولاً إخفاء اهتمامه وسأل: "عن أي شيء تتكلمون؟"
التفت الطلاب إليه بدهشة، أحدهم، كريم، شاب طويل القامة، وقال بصوت منخفض: "يوسف! لم أكن أتوقع أنك تهتم بهذه الأمور. هناك مقبرة صغيرة بجانب الجامعة، مغلقة منذ زمن طويل، ويقولون إن فيها شيئًا غير عادي."
تسلل شعور بالرهبة إلى قلب يوسف، لكنه أخفى فضوله بابتسامة سريعة، وأكمل يومه الدراسي كأن شيئًا لم يكن. ومع ذلك، ظلت كلمات كريم تراود ذهنه، وشعور غريب بدأ يتسلل إلى أعماقه، كأن شيئًا ينتظره.
في اليوم التالي، قرر يوسف زيارة المكان بجانب الجامعة حيث يوجد قبر عمه، دون أن يخبر أحدًا. كان الجو هادئًا والمكان شبه مهجور. عندما وصل إلى القبر، وقف يتأمل النقوش القديمة والهدوء المحيط.
عندما اقترب يوسف من القبر، وجد طاولة حجرية قديمة بجانبها، وفوقها مخطوطة غامضة. شعر بجاذبية غريبة تدعوه للاقتراب أكثر. مدّ يده نحو المخطوطة، وبمجرد أن لمسها، شعر ببرودة تخترق جسده وهمسات غامضة تملأ أذنيه .
ثم في لحظة، شعر بدوار عميق، وعندما استعاد وعيه وفتح عينيه، صُدم بما حوله؛ كل شيء تغير، واختفت المقبرة، واختفى المكان الذي يعرفه. نظر إلى يديه فلم يجد المخطوطة؛ لقد اختفت تمامًا.
بدأت دقات قلبه تتسارع، وحاول العودة ، لكن لم يكن هناك أثر لأي طريق للخروج، وكأن العالم الذي يعرفه قد أغلق أبوابه خلفه.
يوسف: ما هذا ؟! كيف انا الآن في الصحراء ؟! الاهرامات ؟!!
وبدأت الأسئلة تتزاحم في رأسه.
هل فضولي أوقعني في فخّ لا نجاة منه؟"
"هل هذا هو مصيري؟"
"هل أنا محاصر هنا إلى الأبد؟"
"أم كان كل شيء مجرد وهم؟"
يتبع ...
الفصل التاني يوم الأربع 14/11
سيب كومنت برأيك فضلاً ♡
أنت تقرأ
- بوابة كيميت.! 📓))
Fantasy"بوابة كيميت": رحلة يوسف، شاب يجد نفسه عالقًا في عصر الأهرامات بعد اكتشاف مخطوطة نقلته الي زمن الماضي ثم اختفت منه تماماً.!