بأحد المناطق الراقية بقاهرة المعز نجد بيت هائل شبية بالقصور العتيقة تغلب علي ملامحه الهدوء والسكينة.. الأشجار تحيط به من جميع الجهات مع زقزقة العصافير التي يعلو صوت غنائها مستمتعة بالهواء العليل والسماء الصافية .. نجد فتاة شاردة واقفه في شرفة غرفتها الجميلة التي تتسم بالهدوء كصاحبتها وفي يدها كوبٌ من القهوة الفرنسية مع صوت المذياع يصدع بأغنية فيروز (نسم علينا الهوي ) .
كان المنظر أكثر من رائع ، فكانت في أبهي صورة فهي فتاة رقيقة وجهها خلاب ، من ينظر إليها والي حدقتيها العسليتين يقسم انه يري قطرات من العسل المتوهجة بجانب أشعة الشمس النارية وشعرها الكستنائي البراق ووجها البيضاوي قليلاً ذو الغمازتين الجميلتين وبشرتها الخمرية وجسدها المتناسق .
ظلت حواء تحتسي كوب القهوة إدمانها وهي شاردة حتي دخل عليها والدها عشقها الأول وصديقها الرائع.. رجلاً ف منتصف العقد الخامس من عمره ، طويل الهيئة ، يتميز بالوقار والسماحة والهدوء فهي ورثت عنه الهدوء والحكمة .
ظل واقفاً ينظر اليها عند باب غرفتها مستنداً علي الباب متطلعاً شرودها الذي جعلها لم تشعر بدخوله حتي الآن . وآخيراً حمحم والدها قائلاً :
- الحلو الي دايماً سرحان .. نفسي اخد لك صورة وانتي واقفة كدا تشوفي جمال المنظر .
التفتت له بإبتسامة صافية وهي في طريقها الي احضانه قائلة :
- بكورتي حبيبي .. صباح الخير .
اخذها الي احضانه بحنو أبٍ يشتاق الي ابنته الغائية عنه منذ فترة
- قلب بكورتك والله .. صباح العسل علي قلب ابوها ونن عينه .. عامله اي يا حبيبتي ؟ مش هنبطل سرحان بقي !!؟
كان يوجه لها هذا الحديث رافعاً ذقنها حتي تواجهه .
نظرت له والدموع تترقرق ف عسليتيها قائلة :
- اعمل اي يا بابا انا تعبانه جداً ونفسيتي زفت بحاول اطلع من الي انا فيه بس مش قادرة بجد بيرجع التفكير يستحوذ عليا .
نظر لها باستعطاف وقال :
- بس دي مش حواء الي انا اعرفها .. حواء بنتي قوية وواثقة ف نفسها مش معني ان عملنا حاجة غلط في حياتنا اننا كدا خلاص فشلنا وتبقي آخر الدنيا ،بالعكس البني آدم لازم يغلط عشان يتعلم من غلطته يا حبيبتي .
أخفضت رأسها للأسفل وقالت :
- بس ميبقاش علي حساب حياة حد يا بابا .
نظر لها مجدداً ورفع ذقنها لتواجهه مره اخري قائلاً :
- بصيلي يا حواء .
نظرت له حواء فأردف :
- الإنسان يا بنتي مش معصوم من الغلط والغلط المقصود كمان .. مابالك بغلط غير مقصود واظن انتي كفرتي عنه كتير وعاقبتي نفسك بدون وجه حق .. كفاية كدا يا حبيبتي .. انا قلبي بيتقطع وانا شايفك كدا ومامتك واخواتك زعلانين عشانك .
جلست علي سريرها وقالت :
- عارفة والله يا بابا وحاسه بيكم بس معلش سيبوني براحتي وانا ان شاء الله واحدة واحدة هكون كويسة .
جلس بجانبها علي طرف السرير وقال :
- ماشي يا حبيبتي يالا قومي انزلي معايا نقعد تحت مع ماما والواد أكرم .. قاعد تحت تعالي نحفل عليه شوية عشان شكل اغاني فيروز الي خليت أم سلمي تشغلها لك مجبتش نتيجة .
ضحكت وقالت :
- ماشي يا بابا .. صحيح معتصم هيجي امتي واحشني اوي نفسي يجي ونحكي مع بعض ونسهر علي الروف زي الأول .. شغله دا رخم اوي وكمان كان بيبعد عني سي زفت أكرم وهزاره الرخم كائن الصداع المتحرك .- مين بيجيب في سيرتي !؟
قالها أكر متطلعاً برأسه من باب الغرفة . فقال بكر ضاحكاً :
- اهو عفريت العلبة ظهر اهو .. استقبلي الصداع بقي .
نظر له أكرم بغضب مصتنع وقال:
- ليه بس يا بكر دا انا بحبك متخلنيش اغضب عليك .. زهرة حياتي تحت وممكن اخليها تقلب عليك ف ثانية .. انت حر .
نظر له بكر بغضب وقال :
- ولا!!! ملكش دعوة بمراتي ابعد عنها نهائي انا مش ناقص زعل بيني وبينها .
ضحكت حواء وقالت :
- هو يقدر يعمل حاجة يا بابا وبعدين زهرة دي حد بيزعل منها ولا هي بتزعل من حد دي زهرة وهي زهرة .
نظر لها أكرم بمكر وقال :
- ايوا ياختي ما انتي الي علي الحجر وانا الديڤل بتاع البيت قومي يالا عاوز اكسبك عشرتين طاولة .
نظرت له بدهشة وقالت :
- بذمتك انت عندك دم .. واحد فاضل علي امتحاناته شهرين وعاوز يلعب طاولة !
قال أكرم بغضب مصتنع :
- انتي قاصدة علي فكرة صح ؟! قاصده تفكريه بامتحاناتي .. انتي سوسا وطول عمرك دحيحة وعاوزه الكل يبقي زيك .
ضربه اباه علي مؤخرة عنقه وقال :
- واي يعني لما تطلع زيها يا فاشل يا أخرة صبري .. والله يا أكرم لو ما جبت مجموع السنه دي لا هيبقي في عربية ولا خروجات وهضيقها عليك .
نظر له أكرم وهم ان يغادر وقال:
- ارتاحتي كدا ياختي خربتيها وقعدتي علي تلها والله لنا ماشي وحسابك يا بكر مش معايا استقبله تحت .. انا نازل لزهره حياتي هي الي بتسمعني . باي .
ضحكو بقوة علي هذا الولد الشقي الذي يبلغ من العمر عشرون عاماً لا يكبر ابداً سيظل يتمتع بروح الدعابة هذا حتي مماته .- يالا يا حبيبتي قومي ننزل تحت وعاوز الضحكة دي متفارقش وشك ويالا كمان عشان عندي ليكي اقتراح كدا هقولك عليه بعد الفطار .
ارتمت باحضانه وقالت :
- ربنا ميحرمنيش منك يا بابا . مش عارفة من غيرك هعيش ازاي .
اخذها باحضانه بقوة وقال :
- انتي نور عيوني الي بشوف بيها يا حواء .. يالا بينا ويارب متخيبيش ظني .
ابتسمت وقالت : يالا بينا .
أنت تقرأ
رفقاً بقلب حواء
Romanceطبيبة بائسة تريد الهروب من احزانها التي عصفت بها منذ فترة قريبة، فيقترح عليها والدها الذهاب بمهمة عملية جديدة ؛ حتي تستعيد ثقتها بنفسها فتذهب لإحدي القري المصرية فهل ستجد ما تريد هناك ؟وهل ستستطيع ان تجد من يملك مفاتيح قلبها ؟ وهل ستنجح فيما هي ذاهب...