لا تتم فائدة الانتقال من بلد الي بلد الا اذا انتقلت النفس من شعور الي شعور اخر .. فإذا سافر معك الهم فأنت مقيم لم تبرح مكانك .
سمعت حواء هذه المقولة في المذياع وهي جالسة في مقعدها بالحافلة منتظرة انطلاقها وكأنها رساله في غاية الأهمية ينصحها بها لتتخلي عن شرودها وكأن الله يعطيها إشارة ايجابية بالسفر وينصحها بترك همومها قبل ان تغادر الحافلة لعل وعسي تتركها وتذهب من غيرها .
وما هي الا ثوان لتنظر لمن يشاركها المقعد المجاور لتنظر بدهشة وتقول :
- لا بقي كدا كتير .. انت عاوز مني اي يا بني آدم انت ؟!
نظر لها بدهشة مصطنعة عاقداً حاجبيه وقال :
- اي دا عرفتيه منين !؟
- هو اي دا الي عرفته ؟!
قالتها باستغراب فرد عليها ببرود قائلاً :
- اسمي !
نظرت له بتعصب وقالت :
- انا مالي ومال اسمك .. انت ليه مصر تنرفزني قوم اقعد ف مكان تاني متقعدش جمبي .
نظر لتذكرة الصعود ثم عاود النظر لها وقال :
- مش دا كرسي رقم ١١ ؟
ردت عليه بفتور متحاشية النظر اليه ناظرةً امامها قائلة :
- علي ما أظن كدا !
وجه لها الحديث وهو يهم بوضع قبعته علي وجهه ليمنع تسلط ضوء الشمس عليه استعداد لأخذ غفوة ليست بقصيرة .
- خلاص يبقي تخرسي عشان عاوز انام .. دا رقم الكرسي بتاعي مش جاي اتغزل في جمال حضرتك يعني . كفايه عليا اصطبحت بيكي .. لا ومن دون الكراسي كلها يطلع الكرسي بتاعي لازق فيكي .. انا عارف هو يوم باين من اوله .
في هذه اللحظه كانت تقسم ان من يراها يكاد يقسم انه رأي نار مشتعلة حد الأشتعال لا يستطيع احد اخمادها ... استغفرت حواء ربها حتي لا تنفلت منها زمام الامور ومن هذا الهمجي الغريب سليط اللسان .. فهي دائماً ما كانت تتمتع بالهدوء والحكمة ولكن هذا الكائن اليوم اخرجها عن شعورها وطورها فقالت بهمس لنفسها وهي تكور قبضة يدها كمحاولة للتماسك وعدم السب :
- اهدي يا حواء مترديش عليه دا بني آدم مستفز وانتي متربية متنزليش مستواكي لمستوي واحد زيه .
- سمعتك علي فكرة ومش هرد عليكي انا كمان
كان يوجه لها هذا الحديث من تحت قبعته وهو مغطي الوجه فقالت له :
- انا عمري ما ورد عليا ناس زيك .. اي السماجة الي انت فيها دي .. ابعد من وشي انا الي هقوم اشوف مكان تاني ..
همت بالوقوف لتغير مقعدها ولكن كانت الحافله علي وشك الإنطلاق فقال :
- محدش هيرضي يديكي كرسيه اقعدي احسنلك بدل ما تقفي طول الطريق .. وبعدين محسساني اني بتحرش بيكي .. امال لو كنتي حلوه شويه كنتي عملتي اي !؟
قالها مستفزاً اياها حتي تعانده او تشاكسه فقالت له بتحدي غير عابئة لرأيه :
- والله الحمد لله انا واثقه ف نفسي .. مش واحد زيك الي هيقيمني .. وبعدين انت مالك اقوم ولا اقعد .. دي بجاحة مشوفتش زيها ف حياتي بجد ..
- ما انتي شكلك طالعة من بيتك للشمس علي طول .. بأماره انك ماشية تايهه مش عارفه انتي راحه فين ..
- استغفرك ربي واتوب اليك ..
قالتها بنفاذ صبر من هذا الشخص المتطفل ف
نظر لها وقال بسخرية :
- انتي جايه تتوبي هنا .. اقعدي يا انسه بدل ما ينزلونا احنا الاتنين والأوتوبيس الي بعد دا قدامه ساعتين لسه .. واظن انك متحبيش تقعدي معايا ساعتين تانين ..
جلست حواء علي مضض متحاشية النظر والتحدث اليه .. لا تريد الاختلاط معه بأي شكل .. استغرقت الحافلة وقت لا بأس به حتي وصلت الي مدينه اسيوط وفي موقف الحافلات تحديداً ، نزلت حواء من الحافلة شاعرة بإرهاق جسدي وهي تحرك عنقها وتقول :
أنت تقرأ
رفقاً بقلب حواء
Romanceطبيبة بائسة تريد الهروب من احزانها التي عصفت بها منذ فترة قريبة، فيقترح عليها والدها الذهاب بمهمة عملية جديدة ؛ حتي تستعيد ثقتها بنفسها فتذهب لإحدي القري المصرية فهل ستجد ما تريد هناك ؟وهل ستستطيع ان تجد من يملك مفاتيح قلبها ؟ وهل ستنجح فيما هي ذاهب...