لحظات منسية

أنت كنزنا الثمين هديتنا

كان ميونغ جين يجلس على الأرض، مُتأملاً وجه طفله الصغير كمن يحاول أن يلتقط صورة خالدة في ذاكرته.

عينا الطفل الورديتان لمعتا كنجمتين تضيئان سماءً حالكة، بدتا شبيهتين بعيني والدته.

خصلات شعره السوداء كانت تتراقص برقة كأوراق الشجر في نسيم الخريف، تضفي على وجهه مزيدًا من البراءة.

حاول ميونغ جين أن يُدخل يدي الطفل في جيبه ليقيه من برودة الرياح اللاذعة، لكن الطفل أصر على التمرد، يلوح بيديه بقوة وكأنه يريد استكشاف العالم من حوله.

ابتسم الأب برفق، لكن ابتسامته تلاشت كزهرٍ ذابل تحت أشعة الشمس الحارقة حين أدرك أنها ستكون لحظاته الأخيرة مع طفله.

أمسك بطفله بحنان، وأدار وجهه نحو البوابة المهيبة أمامهم.

كان قلب ميونغ جين مليئًا بمشاعر متضاربة حزن عميق على الفراق وأمل مشرق في مستقبل أفضل لطفله.

أمسك بذراع الطفل الصغيرة، وحركها نحو البوابة، بينما كان الطفل يحدق بوالده بعينين فضوليتين تتلألآن بشغف وفضول شديدين.

"انظر، هذا المكان سيكون منزلك من الآن فصاعدًا، يا بني."

نطق ميونغ جين بكلمات تنساب كهمسات الرياح، تحمل معها عبق الأمل والحزن.

كانت كلماته كتعويذة، تحاول أن تزرع في قلب طفله شعورًا بالأمان، حتى وهو يبتعد عنه.

"هناك، سيعتني الشيوخ بك جيدًا."

استمر في حديثه بصوت دافئ، وكأن تلك الكلمات هي الهدية الوحيدة التي يستطيع تقديمها.

ومن ثم نظَر الأب بحزم نحو طفله، وكأن كلماته التالية تُشكل تعاليم مقدسة يجب اتباعها.

كانت عينيه تعكسان الجدية كعيني معلم يتحدث إلى تلميذه.

"عليك احترام شيوخك وإخوتك الكبار في الطائفة، وألا تتسبب بالمشاكل."

كانت الكلمات تتدفق من شفتيه بثقة، بينما كان الطفل يستمع باهتمام، عينيه تتسعان في دهشة.

بالطبع، لم يفهم أيًا مما قيل، لكن سماع صوت والده كان كفيلاً بجذب انتباهه.

بعد لحظات، أمسك الأب بيدي طفله مرة أخرى، وكأنما يحاول أن ينقل له شيئًا مهمًا.

"بعد التفكير في الأمر، ليس عليك الاستماع لكلمات الجميع. إذا أزعجك أحدهم، فما عليك إلا..."

بدأ الأب يشكل بيدي طفله قبضة صغيرة، وحركها في الهواء كأنه يوجه لكمة للفراغ، بينما كان الطفل يعبر عن حماسته بصوت عالٍ، يصرخ بفرح ويُصدر أصواتًا غير مفهومة.