الغياب والشك

3 0 0
                                    

"حين يغيب من نحب، نبحث في الظلال، في الأماكن المظلمة التي لم نعرفها من قبل. الرحلة ليست فقط للبحث عنهم، بل للبحث عن أنفسنا بين المجهول والمخاوف التي لم نواجهها بعد."

__________

كان الصمت يملأ الغرفة كما يملأ حياتها هذه الأيام. لم تكن متعودة على الوحدة، فقد كانت دائما تجد راحة في وجود أخيها في المنزل،  لكن الآن، وبعد اختفائه، أصبح المكان فارغًا بطريقة أكثر عمقًا، وكأن الجدران نفسها تتنفس هذا الفراغ.

"ثلاثة أشهر،" فكرت "ثلاثة أشهر من الصمت."

بدأ كل شيء عندما أخبرها أخوها في آخر اتصال له أنه سيغادر لأداء مهمة عمل سريه وألا تخبر احد عنه هذه كان من المفترض أن يعود في غضون أسبوعين. لكن لم تصلها أي أخبار، وأصبح كل شيء غامضًا. في البداية، ظنت أن ذلك مجرد تأخير طبيعي في العمل، لكن الأيام أصبحت أسابيع، والأسابيع تحولت إلى شهور. أصبحت غير قادره على لتواصل معه ، وعندما حاولت  كانت المكالمات تأتي كصوت جرس فارغ لا نهاية له.

"أين أنت ليام ؟" كان السؤال الذي يطاردها كل يوم.
"ماذا حدث لك؟"

كانت محاصرة بين القلق والشكوك. هل كان بخير؟ هل كانت تلك المهمة مجرد واجب أم كان هناك شيء أكثر خفاءًا؟ لم تستطع ترك كل تلك الأسئلة دون إجابة. الحياة بدونه كانت كالعتمة، تكثف كل لحظة بلا أي ضوء يخرجها من الظلام.

منذ أن فقدت والديها في حادث مروري مفاجئ، أصبحت وحيدة في هذا العالم. كانت لا تزال في الثامنه عشر من عمرها عندما انهار عالمها بالكامل. لا أحد يمكنه أن يعوضها عنهم، والآن، بعد فقدان أخيها، كانت تشعر وكأن حياتها تختفي في غياهب لا نهاية له.

لكنها لم تكن لتستسلم بسهولة. كانت تعرف أنه لا يوجد وقت لليأس. بدأت تُفكر في خياراتها. هل يجب عليها  البحث عن أخيها؟ وهل بإمكانها تحمل ان تجد مكانه الذي لاتعرفه حتى؟ كانت بحاجة لمصدر للمساعده . كانت كل ليلة تمر عليها ببطء، مثل شريط سينمائي يعرض مشاهد غير منتهية من القلق والحيرة.

" استيقضت ككل  يوم وبعد ان فعلت روتينها اليومي كانت  جالسة على الأريكة، كوب القهوة الساخن في يدها يستهلكها ببطء، بينما كانت عيونها مشدوهة على شاشة هاتفها المحمول، تتنقل بين التطبيقات، لكنها كانت تدرك في داخلها أنها تفعل ذلك دون جدوى. "هل سيتصل اليوم؟" تساءلت في نفسها، "هل ستكون هذه هي المرة التي ترد فيها رسائله؟"

أغلقت عينيها للحظة، تعبير وجهها يبدو شاحبًا، وروحها متعبة أكثر من أي وقت مضى. مر على اختفاء أخيها "ليام" أن الحياة لم تعد تحمل أي معنى من دونهم." ثلاثة أشهر كاملة. ثلاثة أشهر من الصمت التام. ثلاثة أشهر من الانتظار الذي لا نهاية له. كانت تتمنى لو أن هاتفه لا يزال يرن. أو لو أن رسالة منه تضيء الشاشة فجأة، لكن لا شيء يحدث.

الصمت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن