"طريق بلا عوده"

1 0 0
                                    

"لم أكن أعلم أن السعي وراء الحقيقة قد يعلقني في فخها. كنت أعتقد أنني أقترب من الخروج من الظلام، ولكن الآن يبدو أنني أصبحت جزءًا منه. هل كنت أبحث عن الإجابات، أم أنني كنت أهرب من شيء أعمق؟"

________________

تركته وهي دخلت   الي الغرفة الصغيرة التي قضت فيها ليلتها  كانت حقيبتها  مرمية بجانب السرير البالي. أمسكت بها بعنف، وكأنها تستعد لترك كل شيء خلفها.
نظرت حولها للحظة، وعينيها تحملان مزيجًا من الحيرة والغضب. شعرت وكأن الغرفة تضيق عليها.

خرجت منها ثم تقدمت نحو الباب المنزل بخطوات سريعة، لكنها توقفت فجأة والتفتت نحو إدورد.
قالت بلهجة ساخرة، وعينيها تضيقان بتحدٍ:
"الغابة تحتجزني؟ أي عبث هذا؟ هل تعتقد حقًا أنني سأصدق هذه الترهات؟ أم أنك تستمتع بخداع الآخرين هنا؟"

لم يجبها إدورد، اكتفى بالنظر إليها بهدوء، كأنما يعلم أن الوقت وحده سيجيب عن أسئلتها.

هزت رأسها باستياء، ودفعت الباب بعنف لتخرج. صوت خطواتها كان يتردد في الهواء البارد.

وقفت "رينا" في منتصف الساحة الترابية، تحمل الصورة في يدها بقوة، وكأنها تستمد منها الأمل الذي بدأت تفقده.
نظرت حولها، عيناها تنتقلان من وجه إلى آخر.
كان سكان القرية يتنقلون ببطء، وكأنهم يمارسون حياة يومية رتيبة، لكنهم جميعًا بدوا حذرين، مراقبين، كأنهم يحاولون التهرب من شيء ما.

اقتربت "رينا" من امرأة عجوز تجلس أمام منزل خشبي صغير، تلف شالًا أسود حول كتفيها الهزيلتين. كان وجهها مليئًا بالتجاعيد، وعيناها شاردتين.
"مرحبًا،" قالت رينا بنبرة مترددة، وهي ترفع الصورة أمامها. "من فضلكِ، هل رأيتِ هذا الشاب هنا من قبل؟"

العجوز رفعت رأسها ببطء، نظرت إلى الصورة، ثم إلى "رينا". بدا وكأنها على وشك الإجابة، لكن بدلًا من ذلك، خفضت رأسها مرة أخرى، وتمتمت بصوت بالكاد يُسمع:
"الغابة تأخذ كل شيء... لا شيء يعود."

"ماذا تعنين؟ هل تعرفينه؟" سألت "رينا" بلهفة.

لكن العجوز لم ترفع رأسها مرة أخرى، فقط أشاحت بيدها كأنها تطلب من "رينا" المغادرة.

بعد أن تركت العجوز، توجهت نحو رجل يقف بجانب عربة خشبية محملة بالحطب. كان قوي البنية، ذو لحية كثيفة، وملامحه صارمة.
"معذرة،" قالت وهي تقترب منه. "أبحث عن هذا الشخص. أخي، ليام. هل رأيته هنا من قبل؟"

الرجل نظر إلى الصورة بصمت لبضع لحظات، ثم قال ببرود:
"لا أحد يدخل هذه القرية ويخرج سالمًا. إذا كان هنا، فقد أصبح جزءًا من الغابة الآن."

الصمت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن