قصة هاجر مع سيدنا ابراهيم

89 4 0
                                    

انك اذا قلبت صفحات التاريخ رأيت أعظم الفضائل انما سبقت اليها النساء . فأول من سكن الحرم وشرب من ماء زمزم وسعى بين الصفا والمروة هي امرأة..هاجر أُم اسماعيل وأول من دخل في الإسلام وناصر النبي علي الصلاة والسلام  هي امرأة أم المؤمنين خديجة واوا من عَُذِّب في مولاه حتى قتِل  في سبيل الله هي امرأة *سمية ام عمار ابن ياسر *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انطلق ابراهيم عليه السلام من الشام الى البيت الحرام معه زوجه هاجر وولدها اسماعيل وهو طفل صغير في مهده وهي ترضعه ,حتى وضعهما عند مكان البيت الحرام وليس بمكة يومئذٍ أحد وليس بها ماء , وضعهما هناك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء , ثم قفل عليه السلام راجعاً الى الشام, تلفتت أم اسماعيل حولها في هذه الصحراء الموحشة فإذا جبال صماء وصخور سوداء وما رأت من حولها من أنيس ولا جليس , وهي التي نشأت في قصور مصر وسكنت في الشام في مروجها الخضراء وحدائقها الغنّاء فاستوحشت مما حولها فقامت وتبعت زوجها , قالت: يا اراهيم ! فلم يلتفت لها , قالت :يا ابراهيم ! أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به انيس ولا شيْ؟! فما رد عليها , بل ولا التفت اليها , فأعادت عليه قائلة :أين تذهب وتتركنا؟ فما رد عليها 

فأعادت عليه فما أجابها, فلما رأت انه لا يلتفت لها , قالت : ألله أمرك بهذا ؟ قال : نعم قالت حسبي الله , قد رضيت بالله, إذ لا يضيعنا , ثم رجِعَت؟

فانطلق ابراهيم الشيخ الكبير وقد فارق زوجه وولده وتركهما حتى اذا كان عند ثنية جبل حيث لا يرونه استقبل بوجهه جهة الباب ثم رفع يديه الى الله داعياً مبتهلاً راجياَ , وأخذ يدعو ويقول :" ربنا انّي اسكنتُ من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم ربنا ليقيمواْ الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي اليهم وازقهم من الثمرات لعلهم يشكرون "

ثم ذهب ابراهيم الى الشام , ورجعت ام اسماعيل الى ولدها فجعلت ترضعه وتشرب م ذلك الماء فلم تلبث ان نفذ ما في السقاء فعطشت وعطش ابنها , وجعل من شدة العطش يتلوى ويتلمض بشفتيه ويضرب الرض بيديه وقدميه و وامه تنظر اليه كأنه يصارع الموت !!

فتلفتت حولها "هل من معين او مغيث ؟ فلم ترَ احداً فقامت من عنده وانطلقت كراهية ان تنظر اليه يموت , احتارت أين تذهب؟ فرأت جبل الصفا اقرب جبل اليها فصعدت عليه وهي المجهدة الضعيفة لعلها ترى اعرابا نازلين او قافلة مارّين فلما وصلت الى اعلاه استقبلت الوادي تنظر هل ترى احداً؟ فلم ترَ أحداً؟ فهبطت من الصفا حتى اتت جبل المروة, فقامت عليه ونظرت فلم ترَ أحداً ,فعادت ال الصفا فلم ترَ احداً ففعلت ذلك سبع مرات ؟؟

فلما كانت في المرة السابعة سمعت صوتاً ,فالت : قد أُسمعت , ان كان عندك غواثٌ فأغثني فلم تسمع جواباً, فالتفتت الى ولدها  فإذا  بالملك عند موضع زمزم ..فضرب الأرض بعقبة أو بجناحه حتى تفجّر الماء فنزلت الى الماء سريعاً؟؟وجعلت تحوضه بيديها وتجمعه وتغرف بيدها من  الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف فقال لها جبريل : "لا تخافو الضيعة ..إن ها هنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه "




فالله درها ما أجبرها ! وما أعجب حالها وأعظم بلاءها ! هذا خبر هاجرالذي صبرتو بذلت حتى سطر الله في القرآن ذكرها . وجعل خاتم الأنبياء من ولدها ..فهي أم الأنبيا وقدوة الأولياء , هذه حالها وعاقبة امرها ...نعم ! تغربت وخافت وعطشت وجاعت, لكنها كانت راضية بذلك ما دام في ذلك رضا ربها ..عاشت غريبة في سبيل الله ..سهرت والناس نائمون ..خافت وهم آمنون ..ونصرت الدين وهم متقاعسون ..

فهل تصبرين أنت اليوم مثل غربتها ..فتقومين الليل والناس نيام وتصومين النهار وهم في طعام وشراب ..بل تفخرين بعباءتك وحجابك يوم تنازل عنها من تنازل ..وتهجرين الافلام والمسلسلات والمسرحيات  ..والفواحش والاغنيات ..في سبيل رضا رب الارض والسماوات 

فهذا الصبر من أعظم الجهاد , وانتِ عليه  في الدنياعزيزة مشكورة  وفي الآخرة كريمة مأجورة ..بل طوبى لك ان فعلت ذلك ..وقد قال -صلى الله عليه وسلم -:" بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ, فطوبى للغرباء"

نعم ,طوبى للغرباء!إنّهم قوم صالحون بين قومٍ سوء كثيرز إنّهم رجال ونساء عاهدوا رب الأرض والسماء يقبضون على الجمر ويعيشون على الصخر ويبيتون على الرماد ويهربون من الفساد ...صادقةٌ ألسنتهم , عفيفة فروجهم , محفوظة ابصارهم ,كلماتهم عفيفة وجلساتهم شريفة ..فإذا وقفوا بين يدي الله وشهدت الأيدي والأرجل وتكلمت الآذان والأعين فرحوا واستبشروا فلم تشهد عليهم  عين بنظرٍ إلى المحرمات , ولاأذن بسماع الأغنيات , بل شهدت لهم بالبكاء في الأسحار والعفة في النهار  أما غيرهم فتحيط بهم الفضائح  وتهلكهم القبائح....

 قال الله: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ) .. (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِي ظَنَنتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنْ .الْخَاسِرِينَ * فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنْ الْمُعْتَبِينَ ) هذا خبر هاجر .





لكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن