كبرياء وطن...
الجزء الثاني ..
قالت له :حسنا ..احتاج الآن ان اخلد الى النوم ..ونتكلم غدا باذن الله ..
وعلمت مريم انها تخوض مغامرة بفعلتها هذه ..اما يوسف فما كان هدفه من هذه اللعبة الا الوصول لبعض المعلومات التي تفيده ..وهو لم يتجرأ ان يخبر احدا من اصدقائه عن هذه الفتاة خشية منه ان يضايقها احد فتحظره ..وكذلك هي لم تفعل تحاشيا للوم ..وفي اليوم التالي ارسل يوسف سلامه اليها و بدآ يتحادثان ..ويتحاوران ..وقد اتفقا ان يسأل هو وهي تجيبه... فقال لها :لم انتم لا تؤمنون بالنبي موسى??
فاجابته :بل نؤمن به واكثر ..واكثر قصة متداولة في القرآن الكريم هي قصته ..
وبدأت تروي القصة وكان هناك تشابها في بعض النقاط واختلافا في نقاط اخرى ..
شعر يوسف بالشوق ليكمل حواره معها ولكن الوقت كان متاخرا ..ولم يصدق نفسه كيف يأتي اليوم التالي حتى يكملا ما بدآه ..وظن انه سيهزمها هذه المرة بالوصايا العشر ..فسألها :هل قرات الوصايا العشر الموجودة في التوراة ?
فاجابته :نعم قرات بعضا منها ..وقد جاء في الوصية الاخيرة في توراة عزرا /ولا تشهد شهادة زور ،ولا تشتهِ امراة قريبك ولا بيته ولا حقله ولا عبده ولا امته ولا ثوره ولا حماره ولا كل ما لقريبك /وهذه الوصية غير عادلة لانها تنبه فقط عن حقوق القريب ..وماذا عن حقوق الناس الآخرين ..فهذه الوصية غير شاملة على عكس القرآن الذي نزل من اجل واجبات وحقوق الناس بشكل عام...
وبدأت تشرح له شيئا فشيئا عن تعاليم القرآن ..وقد طلع الفجر عليهما ولم يشعرا بذلك لولا انها سمعت صوت الآذان فاستاذنت منه لتصلي ..
وكان هذا الشيئ يتكرر في كل ليلة ..ويوسف نسي الهدف الذي كان في باله واصبح كل همه التعرف اكثر على مريم ودينها... وشعر بخفقان وحنين في قلبه لم يعرف سببهما ..وذات مرة سالها :انتم تقولون ان التوراة محرف ..فمن اعطاكم الحق لذلك ..وهو كتاب مقدس منزل من السماء ..
فقالت له :ورد في كتابكم ان الله تصارع مع يعقوب ليلة كاملة فصرعه يعقوب ..وورد ايضا ان الله ندم على خلق البشر لما راى من معاصيهم وانه بكى حتى رمد فعادته الملائكة.. فهل من المعقول يا يوسف ان الله يخشى عباده وانه يندم ..الله مقدس ومنزه وليس كمثله شيئ ..في كتابكم لم تكتفوا بعدم تنزيه الله ..بل تعرضتم للانبياء ..فهل من المعقول ان يبني هارون عجلا ليعبده بني اسرائيل وهو نبي وانما جاء ليدعو الناس لعبادة الله الواحد ..وماذا عن سليمان النبي الذي ادعيتم انه ارتد في آخر عمره وعبد الاصنام وبنى لها المعابد !!فهل اخطأ الله في اختيار انبيائه ..??
وبدأ يوسف يفكر في كلامها وهو يسأل وهي تجيبه ..وكانت على ثقافة واسعة بحيث استطاعت بفضل الله ان تجيب بعقلانية عن جميع اسئلته ..وقد تعلق كثيرا بفكرها ..واصبحت ملجأه عند كل حيرة ..وهي لم تتوان عن مساعدته ابدا... وعلى الرغم من شعورها انه يتغير الا انها لم تعطه الثقة المطلقة ..ولم تطلعه عن اي شيئ من تفاصيل حياتها على الرغم من انه طلب صورتها وخيل اليه انها امرأة كبيرة في العمر وترتدي حجابا بطريقة غريبة ..لهذا لم ترضَ ان ترسل له الصورة ..وقال لنفسه :ما يهمني منها ان كانت جميلة او قبيحة ..الاهم اني استنير بنور علمها ..وبدون ان يشعر بدأت افكاره تتغير وكأن سحرا اصابه ..ولم يعلن عما في قلبه ..
وبعد فترة السنة تقريبا بدأ الهجوم الاسرائيلي على لبنان ..ولم تستطع مريم ان تفتح حسابها الا نادرا ..الى ان انقطعت اخبارها نهائيا عن يوسف ..فقلق عليها مع انه لا يعرفها ..اما مريم فقد تعرضت لازمة كبيرة لا تحسد عليها ....
يتبع..