الحلقة 23 والاخيرة

1.5K 35 21
                                    

عزف الرحيل

والأخيرة23

أعلن الفجر بزوغه.. وصدح في السماء أصوات المؤذنين .. حي على الصلاة .. حي على نور القلب و فردوس الجنان ..حي على براءة المؤمن وحفظه في كنف الأله.
وقفت زينب بين يدي الرحمن الرحيم ملبية النداء ، رفعت يديها للقنوت( اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَ عَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَ تَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَ بَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَ قِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، إِنَّكَ تَقْضِي وَ لَا يُقْضَى عَلَيْكَ ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَ تَعَالَيْت )
أنهت صلاتها ورفعت سجادتها بعد قراءتها دعاء العهد ليوسف الزهراء.
أرادت رؤية السيد خليل ففي القلب حديث طويل تريد أن تحكي نبضاته لجدها.
وقفت أمامه وقالت له : _اعذرني يا جدي قد أتيتك في وقت مبكر ، لكن في القلب حديث يصعب التأجيل.
رحب الجد بحفيدته و نادها بعروس البيت زينب تفضلي واسردي حروفك يا حبيبتي.
_جدي أريد العودة إلى القريه.
_ماذا تعنين؟!
_لن اغيب طويلاً لكنني أريد أن امضي ما تبقى من العطلة في طرقات قريتي.. مع صديقتي نور .. أريد عندما اشتاق لأمي وأبي أنكب حينها على قبرهما.
كان السيد خليل يريد أن يجعلها تعي بأنها الآن ملك آدم فالحق له أن تستشيره فقال : _خذي الأذن من آدم فهو زوجك الآن.
زينب مرتبكه لذكرى البارحه : _لكن يا جدي ...
_ لا تجادليني فهذا أمر الله أن لا تخرجي إلا بإذن زوجك.
عادت إلى غرفتها بعدما رفضت ان تدوس على كبريائها وتطلب الأذن من آدم ، ومضى أكثر من أسبوع وزينب على حالها لا تغادر غرفتها إلا خلسة مبتعدة عن أنظار آدم ، وهو أيضا محترم شعورها.. أرادها ان تشعر به لوحدها ، لكن الشوق بدأ يثور في بركان قلبه.. (وكيف ألقاك يا زينب ، أين ستلتقي أرواحنا ) آدم كان يعلم بأنها لا تترك صلاة العاشقين لذلك بدأ يصلي معها. حين يشعر بضوء غرفتها يتسرب من أسفل الباب كان دوماً يقول (لن يكون هناك اجمل من أن تلتقي أرواحنا في رحاب الله)
لكن سرعان ما بدأ مرض الهجران يغزو جسده ويُشعل حرارته ، جائت والدته تتفقد حاله :
_آدم حبيبي إلى متى ستسجن نفسك هنا ؟؟
_إلى أن يُغفر ذنبي يا أمي .
رق قلب نهى على ابنها فهي تعلم ما يحرق قلبه : _دعني اصطحبك إلى الطبيب.
نزلت دمعة من عينيه لتسيل بهدوء : _ان علة جسدي لا تحتاج لطبيب.

اشفقت على حال ابنها فخرجت من عنده متوجهة نحو زينب ، طرقت الباب متردده لكنه قلب الأم الذي يحتم عليه أن يفعل مالا تريد : _اتسمحين لي بالدخول؟
زينب مندهشه فهذه أول مرة للسيدة نهى تأتي إلى غرفتها دون افتعال المشاكل ، ذهبت نحو الباب ورحبت بها :_تفضلي يا خاله.
دخلت نهى وصمتت للحظات فشعرت زينب بأرتباكها : _هل حدث مكروه لأحد ما .
اردفت نهى وكأنها وجدت بداية الحديث :_نعم هناك من يتوسد الفراش لقسوتك عليه.
عرفت زينب ما تعنيه له بكلامها فااكتفت بالصمت لكن نهى استطردت :
_لا أخفيك بأني حكمت عليك بالظن السيء و خفت من أنك ستستولين على كل شيء لكن اخلاقك الطاهره تسربت في شريان المنزل لينبض كل شخص فيه من جديد ، ساره لم تعد الفتاة الطائشه بل دُهشت من رغبتها وتمسكها بالحجاب وقرائتها كل يوم لكتاب جديد ، وعمي لم يعد يصوم عن الكلام اللطيف وحتى صفيه أصبحت أكثر ابتسامةً بوجود عبدالله فبدأت تسألني عن كيفية تربية الرضيع ، وأما آدم فبه يضيع وصف ما فعلته بقلبه ، أحبك بجنون ، لم تريه في ليلة العقد كان سعيداً لم تفارق الأبتسامة شفتيه لكن رفضك له الآن جعله طريح الفراش.
بدأت نهى بالبكاء : أنا لا أريد أن افقده مرة أخرى ، لذا اتوسل إليك ان تذهبي إليه لعلك تستطيعين ان تقنعيه بزيارة الطبيب.
مدت لها زينب المنديل وقبلت رأسها : _سأفعل ما تريدين فلا تحزني أرجوك.
شعور الحزن والخوف على آدم تسلل إلى قلب زينب فهي لا تستطيع أن تمنع شعور قلبها نحو من يربطه به الرباط المقدس ، لذلك ذهبت نحو غرفة آدم تجر خطوات التأنيب.

تقدمت نحوه.. لأول مره ترى تفاصيل ملامحه من قرب دون أن تشيح عينيها عنه، شعرت بجماله و ولوجه روحها دون عناء ، يضج من ملامحه عنفوان الشباب ، شعره الكستنائي وذقنه العريض تضيفان إلى جماله الرجولي جمالاً فريداً ، اقتربت أكثر نحو جسده الملتوي لم يشعر بها ... فسكرة المرض تجعله يغط في نوم عميق ..آهاته بدأت ترن في مسامعها .. اقتربت أكثر وأكثر حتى جلست على ركبتيها بجانب السرير .. جلست تتأمل وجهه المريض .. مسكت كف يده ونادت بأسمه .. (آدم استيقظ .. أنا زينب) شعر بها لكنه كان يعتقد بأنه يحلم .. اغمض عينيه ثم قال بصوت مسموع : (كفاك حلما بزينب فهي لن تأتي إليك )
هزت كفه بحنان : انت لا تحلم أنا بجوارك ممسكة يديك.
فتح عينيه بتثاقل : أأنت حقاً بجانبي .. ألست حلماً !! فأنا أعتدت وجودك كل ليلة في عالم أحلامي.
_آدم أنا هنا .. جئت انتشلك من حزنك من مرضك .
جلس آدم و أوسد ظهره على الوساده : _أجئت خوفاً علي أم أن توسلات أحدهم أرغمتك على المجيء.
صمتت زينب فلا تعلم حقاً أي احساس قاد خطواتها نحوه.
نظر إلى عينيها وبدأت دموعه تنساب بهدوء وهو يقول : ليس من السهل على الرجل أن يبكي لكنك بددت قيود القسوة من قلبي .. فتمردت دون أن تشعرين .. فافهميني يا زينب اني عشقتك فأصبحت أبجدية حياتي وترانيم روحي و دقائق يومي بل ثوانيه.
أحببتك لأني وجدت نفسي التائهة من خلالك ، لأني بسببك عرفت معنى السير إلى الله و بك عرفت جمال الرباط المقدس.. بكيتُ وبكيت كنت أعتقد بأنك سوف تشعرين بقلبي المكسور سوف تأتين لتمسحي ادمعي لتأخذي بيدي من جديد ..فجليد مشاعرك نحوي بدأ يثلجني .. أنا احتاجك الحوراء احتاجك زينب آدم.
تألمت زينب من كلماته لكنها ليست أفضل حال منه فقالت بأنين دموعها : تملئك الدموع وتشعر بالقهر لأنني بعيدة عنك ولكني لست بحال أفضل منك .. أنا ايضاً بحاجة إلى رجل يحضن دموعي إذا تألمت .. يسمع عويل قلبي .. يمسح دمع روحي .. أنا امرأة يا آدم وعليك أن تفهم معنى ذلك.. لن أسمح لزوجي ان يحدث امرأة غيري .. أريده يساعدني كي اقتدي بالحوراء .. فكيف سيكون ذلك أن لم يكن لي كعلي الزهراء !!إن العبرات تغتال صدري منذ لحظة رؤيتك معها.
احتضن كفيها بقوة أكثر وقال :
__ أني هجرت الماضي في جنة التوبه..ورفعتُ كفي إلى السماء مناجياً ربي أن يجمعني بك على حبه وطاعته فهل تقبلين بي من جديد.
قالت له بكل حب وحياء :_أقبل بك زوجا وعمراً جديد.
ألتقت ارواحهما لتحاكي معنى الحب الصادق.. ليرفرفان عاشقان يجمعهما الطريق إلى الله ، فآدم زينب مضى قلبه سعيداً برفيقة روحه .. وأقسم لها بأنه سيكون لها وطناً يحتضنها طول السنين.
#انتهت

عزف الرحيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن