حياتي ستة أشهر

122 4 0
                                    

كان يوما مشمسا ، طليت الأرض بغطاء ناد فصارت براقة، تسرح فيها الفنان، يتخذ منها مﻻذا للوحة جديدة، مثلما أخذت أنا منها الهامي ليكون يوم اعترافي بحبي لك.
رغم أننا كنا بعيدين، اﻻ أن رسائلنا قربتنا، كنت أبعث بكل حركة أقوم بها مع الرفاق أثناء تلك الرحلة المدرسية، و كنت أنت تجيب و كأنك ﻻ تفعل شيئا غير حمل هاتفك بلهفة و انتظار رسائلي .
عزمت يومها على أنه اليوم المنشود و ألقيت نظرة على هاتفي لأرى أنه كان الثامن عشر من الشهر، و ما أحب هذا العدد الى قلبي، فقد كان ترتيب أول حرف من اسمك، و كان تﻻقي الساعات و الدقائق و نظراتي يدل على تفكيرك بي، كم يغبطني هذا !
كنت أتجول مع الرفاق أستمتع بجمال صورتك في خيالي حيث بدد شكلك في مخيلتي جمال الطبيعة في الواقع، كنت سعيدة جدا، متحمسة جدا، وصول رسائلك كل لحظة حاملة اعترافات متخفية خلف الخوف من الافصاح كان يشعرني بنشوة الاهتمام، اهتمام لم يبده لي أحد غيرك ...
كنت أضحك كالحمقاء و أنا أقرأ رسالتك الأخيرة التي قلت فيها
-أشتاق للحديث معك !
و هي قد تركت في صدى كلمتين ﻻ غير ... اشتقت .... و لك
لم أرد، كنت سارحة في أفكاري معك، حين تقدم الي زميل لم أكن قد فتحت معه حديثا من قبل
-يرسل لك رسائل الغرام في الخفاء و يتكلم عن نقائصك في العلن ...
و كأنني في تلك اللحظة سمعت ماقال لكني سمعت و لم أدرك، نعم أذني سمعت و عقلي لم يستوعب ، رفعت رأسي و أنا أحاول تشفير ماقال هذا الأبله الذي تفصلني بينه سنتيمترات، كان قد أمال شاربه لجهة واحدة معبرا عن الانتقام ؟ الاستهزاء ؟ الاستهتار ...؟؟
قادتني قدمتي الى أبعد منه بعد أن أخفيت هاتفي، و قررت أن هذا الأحمق لن يكون لوى سببا آخر لانفجار بركان أحاسيسي نحوك، كانت حمم شوقي تغلي في داخلي تريد الخروج اليك و احتضانك، كنت اتوق لامتﻻكك ، و كان الذي كان ..
عم المساء و كان علينا العودة الى البيت، أنا تلك الفتاتة الشعبية بالمدرسة يتوق الجميع الى بدأ محادثة معي و ابهاري، كل من في الحافلة ﻻ يهمني، أستمع الى الأغنية التي بعثت الي ليلة أمس و أحاول أن أتخيل صوتك في الحقيقة كيف يبدو ...
غريب جدا، نرتاد نفس المدرسة و عندما تلتقي عينانا يغير كل منا نظراته عن الآخر، و كأن ما بيننا أكبر من الواقع و الخيال.
كنت أبتسم حين أراك شاردا بين أصدقائك، أنظر اليك خفية. كيف يعقل أن تكون أكثر شخص على وجه الارض تحفض عني كل شيء كما لو أنك عشت معي منذ الأزل.
وقوفك، شرودك، نظرتك، صوتك الذي لم أسمعه من قبل.. الكل يهتف أنك لي، كيف تمكنت مني و أنا التي أبهر الجميع و ﻻ يبهرني أحد ؟
وصلت الى البيت، يجمعني بك لقاء عند كل مساء، و رغم معيقات أخرت موعدنا، اﻻ أنني لم أخذلك، و جئت أحمل في قلبي ما يعجز فاه على نطق ثقله، أحمل في روحي احساسا أرقني و جعلني أسكن فوق السحاب، و عزمت اليوم على أن أقول ،
-من ذاك الذي أزعجك؟ و مالذي قاله؟؟؟
-ماذا يهمك من الأمر دعني أحك لك.
-سديم لن أردد سؤالي، من هذا الذي أزعجك؟!!
-و أنا في نفسي حاجة لمعرفة ما يهمك من كوني منزعجة أو ﻻ !؟

ليتك فقط تقرأ بين سطور تسللي من الحاحك، ليتك تلح أكثر و تكون صريحا و تزيل هذا الذي يشغل بالي عنه، ليتك تبوح أوﻻ فما أجمل قصص الغرام تلك التي تبدأ بأمير يعترف.
لكنك قلت جملة وقفت بيني و بينك حاجزا ...
-لأني ﻻ أرضى هذا لأصدقائي، سأقلع رأسه الأبله.
صمت
-خاصة أنت يا سديم، أنت أكثر من ذلك ...
خيم السكوت بيننا، حتى شككت في قولك أمرا أزعحني، و كم كنت محقا، صديقتك؟ حقا؟ هذا ما تراني عليه؟
-علي أن أذهب
-ماذا؟ قلت أنك ستحكين لي؟ لماذا تةقفت فجأة عن مراسلتي؟ من أزعجك؟ ﻻ يمكنك أن تذهبي فقط هكذا !!!
-أحقا تريد أن تعرف مابي ؟
-أريد.. أكثر أن أعرف من أزعجك.
-أتظن حقا أنني صديقتك؟
- سديم
-تكلم!!!!
- أنت أكثر بكثير من ذلك
-أكثر مثل ماذا؟
-لم أجذب من قبل لشخص مثلما فعلت اتجاهك و لم أحك لشخص ما يدور في ذهني مثلما فعلت معك، أحس بالأمان و أنا أكلمك، و خسارتك تخيفني .
كيف تريدين أن ﻻ أنزعج لتعكر مزاجك...
-في طريقي الى هنا، واجهت العديد من العرقﻻت، تأخر الباص و كان علي أن أبرر لوالدي ووجدته على الحاسوب على غير العادة، و انقطع التيار الكهربائي لمدة و أنا ﻻ أؤمن بالاشارات اﻻ اذا كان الأمر يتعلق بك...
مقاطعا لكﻻمي
-سديم ... هل سأفهم لغتك يوما؟ أستغيرين الموضوع كما في كل مرة؟
-أحبك...
لحظات ... ثم دقائق ...
-تصبح على خير ...
كتبتها بخط رفيع فحملها النسيم اليك، راح يتﻻعب بخفقات قلبك، و لذت بالفرار، و اختفيت عن الأنظار.

مر يومان، و قبل هذا لم تأب ليلة المرور، كنت أتقلب على جانبي غشاني الأرق و الحيرةو الألم من المجهول، أخشى أنني كسرت مرآة أفكاري، و أخشى أنها النهاية قبل البداية.
-يا الهي لماذا لم أفكر سوى قي أنه يبادلني الشعور، لماذا أصﻻ تكلمت؟؟ قال أنني كصديقته، أكثر ؟ كيف هي أكثر تلك ؟ أخته؟ يا الهي ماذا لو خسرت صداقتنا.

ورحت أضرب رأسي بسريري حتى تورم من الضربات، تراءت بين عيني مواقف لم ترد ذهني من قبل ... ماذا لو أنني أتخيل ؟ ماذا لو أنه يملك حبيبة؟
معقول؟ لم يقل شيئا كهذا !!

لم يناجيني قلبي ليلتها، قضيتها حرفيا وحيدة، فقلبي تبرأ من خطيئتي تلك بعد أن لمته، و أدان نفسه و تركني مع تأنيب الضمير نتسامر، فكﻻنا يحمل هما ، هم اعتراف.
مر يومان، دون أن أكلم فيه أصدقائي، دون أن أكلمه أو أراه، أغلقت الهاتف و لم أظهر نفسي أمامه في هذه الفترة، و لو لم أكتب أيامها أحاسيسي بالتاريخ و الساعة لما صدقت أي شخص يقول لي أنني غبت يومين عن الحياة، فقد شعرت أنها أيام عديدة، و ظننت الدخول المدرسي للفصل الموالي قد حان. يومان لا أعرف فيهما كيف صارت الحياة معك، كيف أصبر على أن ﻻ أعرف أخبارك و نحن نهرول بعد خروجنا من المدرسة الى البيت لكي نلتقي و نحكي عن أدق التفاصيل، كيف لي أن أصبر عمرا كامﻻ من دونك في حين لم تبادلني الشعور، في حين خسرت صداقتنا، ما أبأسني هنا بالبيت، قايضت بقائي بجانبك كصديقة بكون ملكك، فهل أجدت المقايضة؟
أحس الأمد في جدران البيت، أحس الأبد و لكنها فقط يومان.
و رحت ألقي نظرة على هاتفي المقفل، اذا بعديد من الرسائل ترن فور اشعالي له، و كانت كلها تحمل نفس الكلمات، 《الى متى يا سديم》
بعد لحظات وصلتني رسالة مختلفة، تحمل حروفا مختلفة، دخلت بحياتي الى فصل مختلف.....

سديم (Sadeem)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن