القسم الرابع

13 1 0
                                    


جُن جنون الشفارتسفالديين فرحاً حين رأوا هذا القدر الكبير من الذهب ، و شرع ميخيل يوزع الأرباح ، فأبقى لتاجر الأخشاب ربعها ، و أعطى الطوافين ثلاثة أرباعها .

ثم بدأت بعد ذلك نزهاتهم ، فأخذوا يتسكعون مع البحارة و غيرهم من سقط الناس في الحانات ليلاً و نهاراً ، و أنفقوا نقودهم على الخمرة و القمار .

أما ذلك الشاب الشريف الذي حاول منعهم فقد باعه الهولندي ميخيل بضاعة حية لأحد التجار ، و لم يعد أحد يسمع عنه شيئاً بعد ذلك .

صارت هولندا منذ ذلك الوقت جنة شبان شفارتسفالد ، و صار الهولندي ميخيل آمرهم .

أما تجار الأخشاب فظلوا وقتاً طويلاً جاهلين بهذه التجارة السرية ، و راحت النقود تتسرب شيئاً فشيئاً إلى أعالي الرين هنا مصطحبة معها الكلام الفاحش و الطباع و القمار و العربدة .

حين ظهرت الحقيقة أخيراً اختفى ميخيل الهولندي كما لو أنه غرق في الماء ، غير أنه ظل حياً حتى الآن ، و ها هو يقترف الإساءات منذ مائة عام في هذه الغابة .

يقولون إنه ساعد الكثيرين على أن يصيروا أغنياء ، و كان الثمن أرواحهم الخاطئة .

ليس في مقدوري أن أضيف أكثر مما قلت ، سوى أنه لازال إلى اليوم يبحث في مثل هذه الليالي العصفة عن أجود الأشجار على رابية الشوح ، حيث لا يحتطب أحد هناك ، وقد رآه أبي بأم عينه و هو يكسر جذعاً يبلغ عرضه أربعة أقدام كما يكسر القصبة تماماً .

إنه يهدي هذه الجذوع لمن يحيد عن طريق الصواب و يبحر معه إلى هولندا ، لكنني لو كنت ملكاً في تلك البلاد لأمرت بأن يُقطعوه إلى أشلاء صغيرة ، لأن مصير السفن كلها ، التي يوجد فيها و لو لوح واحد من تلك التي يجلبها الهولندي ميخيل هو القاع لا محالة .

لهذا السبب كثيراً ما نسمع عن حوادث غرق السفن : لِمَ تظنون إذن غرقت السفينة المتينة و الجميلة ، التي يساوي ارتفاعها ارتفاع الكنيسة ؟

كل مرة يقطع الهولندي ميخيل شجرة شوح في مثل هذه الليلة العاصفة يقفز لوح من ألواحه السابقة من مكانه في قعر السفينة ، و تتسرب المياه إلى داخلها عبر الشق ، فتستقر بأناسها و ما تحمله من بضائع في القاع .

هذه هي حكاية الهولندي ميخيل ، والحقيقة الساطعة هي أن الفساد في شفارتسفالد قد جاء منه .

نعم ، في مقدوره أن يمنح الإنسان الغنى ، لكنني ما كنت لآخذ منه شيئاً أبداً ، و ما كنت لأرغب في أن أكون مكان ايزيخيل السمين أو شلوركر الطويل النحيف و لو منحوني كنوز الدنيا كلها ..

يقولون إن ملك الرقص أيضاً قد باع نفسه له ))...



كانت العاصفة قد هدأت في أثناء حديث المسن ، فأشعلت الفتيات المصباح و ذهبن إلى مأواهن .

القلب الباردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن