القسم الثاني

19 1 0
                                    


أولئك هم الناس الذين فكر بهم بيوتر مونك دائماً حين كان يجلس وحيداً في غابة الشوح .
صحيح أنهم كانوا يتصفون جميعهم بعيب واحد ، جعل الناس ينفرون منهم ، وهو جشعهم اللانساني ومعاملتهم التي لا ترحم للمدنيين والفقراء ، لكني مضطر إلى أن أقول لكم أن الشفارتسفاليين كانوا قوماً طيبي القلب جداً ، وأجلوهم لغناهم كما يحدث في هذه الدنيا دائماً ، على الرغم من أنهم كانوا يكرهونهم لجشعهم ، فمن غيرهم يبذر التاليرات على هذا النحو ، كما لو أن الحصول على النقود ممكن ببساطة من هز شجيرات الشوح ؟

قرر بيوتر مرة ، وقد استولى الحزن عليه عشية يوم العيد حين اجتمع الناس كلهم في الحانة : (( لا يمكن أن لا تسير الأمور على هذا النحو بعد الآن .
إذا لم يحالفني الحظ سريعاً فسأنتحر .
آه ، لو أنني محترم وغني مثل ايريخيل السمين ، أو الشجاع وقوي مثل شلوركود الطويل النحيف ، أ مشهور مثل ملك الرقص .
ليت في مقدوري أن أرمي التاليرات على الموسيقيين ، وليس الكريتسيرات . من أين يحصل على هذا القدر من النقود ؟ ))...

وشرع بيوتر يحصي في عقله سبل الحصول على ً
النقود كلها، لكن أياً كان منها لم يرق له ، ثم تذكر أخيراً الحكاية التي كانت تدور حول أناس اغتنوا في قديم الزمان بمساعدة الهولندي ميخيل أو الرجل الزجاجي ، فحين كان والده لا يزال حياً غالباً مازارهم فقراء آخرون ، وراحوا يتحدثون عن الأغنياء ، وكيف هبطت عليهم الثروات ، وقد ذكروا مرات كثيرة الرجل الزجاجي .

نعم ، استطاع بيوتر ، بعد لأي ، أن يعيد إلى ذاكرته ترتيب أبيات الشعر التي يجب أن تقال على رابية الشوح في قلب الغابةكي يظهر هذا الإنسان .

كانت الأبيات تبدأ بالكلمات التالية :

يا حارس الكنز في الغابة الكثيفة

وسط أشجار الشوح الخضراء يختبئ بيتك

إياك و كلي أمل دائم ناديت .........

وكم جهد في استثارة ذاكرته لكنه لم يستطع تذكر البيت الأخير .
فكر أول الأمر في أن يسأل أحد المسنين عن الكلمات التي تنتهي التعويذة بها ، لكن الخوف من أن يُفتضح أمره منعه ، ثم إن القليلين ، كما ظن هو ، يعرفون حكاية الرجل الزجاجي ، وهذا معناه أن من يذكرون التعويذة هم قلة أيضاً .

كان الأغنياء في غابتهم معدودين ، فلِم لمْ يجرب والده أو الفقراء الآخرون حينئذ حظهم ؟ مرة ،
راح يحدث أمه عن الرجل الزجاجي ، فروت له ما كان يعرفه بنفسه ، إذ كانت تذكر الأبيات الأولى من التتعويذة فقط .
لكنها أخبرت ابنها في النهاية أن الرجل الغابة المسن يظهر لمن ولد أيام الأحد بين الساعة الحادية عشر والساعة الثانية فقط ، ولو عرف بيوتر التعويذة كاملة لكان في مقدوره أن يصير واحداً منهم لأنه ولد يوم الأحد الساعة الحادية عشرة والنصف .

ما إن سمع بيوتر بذلك حتى كاد يفقد عقله فرحاً ، ولم يطيق صبراً على تحقيق هدفه بأسرع وقت ممكن ، ظناً منه أن ولادته يوم الأحد ، ومعرفته قسماً من التعويذة ، يكفيان ليظهر له الرجل الزجاجي حتماً .

القلب الباردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن