ضعيــــ ٢٠١٦ــــف الجناح

304 28 8
                                    

على مطلع الشمس الحزينة ..
جلست على رمال الشاطئ الباردة ، تشربت اصابع قدمي شيئاً من ملح مائه ، و اصدافه المنثورة على فراشه اخذتني الى حيث لا اريد ..

ليت لي قدرةٌ لامحو الذكرى القديمة ، و اضمد ندوبي المدمية ، سأمت من شعث الايام بمشاعري المحروقة ، و اتخاذها فحماً لترسم ظلال الغيمة العتيقة ، ذات المطر المغرق لأملي المنكوش ..

لا افهم كيف جرفتني صدفةٌ حقيرة الى قطار الماضي المزدحم بالناس و الصور ، ماضٍ دفنت فيه خصامات والدي في زاوية المطبخ ، ماضٍ اقترفت الايام فيه ذنباً بجعلي اعيش لحظاتٍ مريرة ..

حمل زجاجة الخمر الخاوية بعد ان اغرق احشاء البطن بما فيها ، و راح يصيح في وجه الوالدة الباكية ، لم يصل الامر لمد اليد ، فقط كلماتٌ شدت بشعر احاسيسها الى بئر البؤس المشؤوم ، محشورةٌ بين طاولة طعامٍ و ادراج سكاكين ، على الارض حيث خانتها القدمين افترشت جسدها النحيل ..

كلمات و كلمات ، بلغني جميل معانيها ريثما كنت اجمع الملابس من الارض ، و انظف ما خلفه الوالد العزيز ، و اساعد شقيقي الصغير على ارتداء خرقه ..
صياحٌ و بكاء ، اردفني مسرعة بعد ان اتخذت الدراسة على طاولتي المهترئة ملجأً من الروتين المزعج ، لم يكن فضولاً ما قاد قدمي الى المطبخ ، لم يكن الحزن ما اجلسني على مقربةٍ منهما ، لم يكن الملل ما الصق كتابي البريء بكفي ..

كما ..
لم تكن الرحمة ما حملته على الصراخ بوجهي ، و لا الاحسان ما جعله يقذف كتابي ، و لا الابوية ما اركضته خلفي ، و لا الحنان ما صرّح له بجرِّي الى القفص الخشبي ، و لا العطف ما حرضه على ضربي ..

حياةٌ مغدوقةٌ بالمودة هي التي عشتها في صغري ، هي التي الحت بإخراجي من الصف الى دورات المياه ، هي الَتِي ربتت على الجفن و انزلت لي دمعي ، و نظرةٌ الى المرآة تكفي ، فمكياج الكدمات الزرقاء حول العين تنغزني ، و اخريات حول الفم تحملني على غسل وجهي ..

لم يكن بالشيء السهل الجلوس امام عدسة التصوير المدرسية دون مسح دمعي ، امام الجمع دائماً قد خانتني ، و كثيراً ما رفعت حقيبتي على كتفي ، و من سرعة ركضي الهارب استمرت بعد الطيران بخبط ظهري ..

ذات الشمس و بلونها البرتقالي المحترق بالحمرة شهد اقترا ب عجلات الشرطة من بيتنا ، و سمعت طرقاتهم الفاجعة بابنا ، و سحبت اشعتها عندما دلفوا الى البيت مسرعين ، و هربت حين قيدوا الوالد العزيز و جروه امامهم ، و تبعتها عندما عرفت ان مصيري هو الميتم ، و تبعني غريبٌ بزيه الرسمي ، الى هذه اللحظة انتظر اعتذاراً حاراً من ساقي الخائفتين ، عن توقفهما عن الحركة و السماح له بالوصول الي ..

قد اعلن الحبر انكساره حيث تعيش القصص. اكتشف الآن