نظر في ساعة يده للمرة العاشرة ، لقد مرت خمس دقائق من الصمت ، رفع أنظاره مجدداً إلى مريضته التي مازالت تستلقي على (الشيزلونج) في ثبات ثم تنهد و أدعى الإنشغال بالمزكرات في يديه لكي لا يظهر ضجره ، لكنه لم يحتمل."آنسة كاملة ، لقد قاربنا على عشر دقائق منذ وصولك و لم تعرفيني حتى الآن إلا على اسمك ، هلا حدثتينني قليلاً عن مشكلتك ؟"
ألتفتت إليه في هدوء بعد أن كانت نظراتها معلقة في السقف.
"ظننتك عرفتها دكتور"
قالت بنبرة مندهشة و متذاكية كذلك.
غير نظرته إليها و تفحص بطريقة غير مباشرة تعبيراتها او بالأحرى جسدها ، إنها ممتلئة قليلاً بما يكفي ليخمن أنها قد تتعدى الثمانين كيلو ، يوجد بعض الترهلات في ذراعيها .. لقد حاولت التقليل من وزنها عدة مرات لكنها تعود إليه مجدداً في كل مرة.
رفع نظاراته قليلاً عن أنفه ، لقد عرف مشكلتها لكنه تكلم مع إبتسامة:
"و من أين لي أن أعرفها ؟ أنت هنا لتخبريني بها ، و أنا مستمع جيد"
أعتدلت الشابة في جلستها لتجلس في إستقامة على (الشيزلونج) و تكون في مواجهة عينيه و كأنها تحاول كشف كذبه.
"أنا كاملة ، أعمل في هندسة الطائرات ، لدي درجة ماجيستير و أعمل حاليا في رسالة الدكتوراة ، الأسبوع السابق فقط حصلت على جائزتين لتصميمي لطائرة آمنة تهبط بالركاب في سلام في حالة حدوث اي عطل و الأسبوع السابق له كنت في جمعية خيرية للتبرع بثمن الجائزتين مقدماً"
"رائع" ..
علق هو في برود ، فبالرغم من طبيعة وظيفته إلا أنه مازال لا يستطع تحمل التطويل في الحديث.
"لم أعرف بعد ما هي المشكلة ؟"
أجابته:
"أنا لم أستلم أياً من جوائزي بنفسي ، أنا فقط بعثت بأختي لتستلمها عني"
أعتدل في جلسته و فرد من ظهره ، أخيراً بدأ العمل.
"و لما ؟"
كان يعلم الأجابه لكن بحكم وظيفته عليه أن يستمع أكثر من طرح التوقعات.
"بسبب وزني ، بسبب حجمي ، لكي لا أكسر على نفسي فرحتي بالتكريم عندما تصيبني نظرات الناس و أستمع لهمساتهم *لو كانت أرفع قليلاً .. العقل السليم في الجسم السمين .. الحلو مايكملش* او حتى مجرد مباركات على إستحياء و كأنهم يتعاملون مع كائن فضائي او شخص لا ينتمي لبني جنسهم !"
تركها تخرج كل ما في جعبتها ، لم يتفاجأ كثيراً و لم يشعر بالأسى نحوها ، ربما إنتابه القليل من الملل من مشكلتها التي عادتاً ما تتردد عليه أكثر من مرة في الشهر.
أنت تقرأ
جلسة مزدوجة
Historia Cortaقرأت مرة أن لكلاً منا كهفه الخاص الذي يعيش بداخله. ربما نحن لن نخرج من تلك الكهوف ابداً.. و من المؤلم اننا لن نفعل..