لم أكن يوماً مسيحياً صالحاً لأعمل بوصية السيد المسيح الذي يوصينا بحب أعدائنا.. كيف يمكن أن أحبهم وأنا لا أحب ذاتي حتى؟ لكن، في المقابل، أن تمنحك الحياة أعداء رائعين لهو أمر يدعو إلى الامتنان.. أعداء يجعلون لك - أمام نفسك - شأنا، ما دمت قد نلت اهتمامهم واستمتعت بإغاظتهم حتى، فيدفعونك لتكون شخصاً أفضل..
ومن قال أني أريد أكون شخصاً أفضل؟"
يتجاهل السؤال كما لو كان غيره من طرحه ثم يتابع تسلسل أفكاره: "ربما تنتهي بحبهم فعلاً.."
تلتمع الفكرة بذهنه: "... ربما كان السيد المسيح محقاً..
أووف هأنذا أنجرف من جديد.. "
في اللحظة ذاتها تهبط رزمة أوراق أمام عينيه، محمولة على يدي ملاكه الحارس - الذي يحرص على البقاء قريباً كيلا يترك له وقتا للتنفس بحرية - لتخرجه من واحة أفكاره..
يترك الرجل ذو البذلة السوداء جبل الأوراق أمامه على المكتب ثم يمضي دون أن ينبس ببنت شفة..ينظر إلى رزمة الأوراق بامتعاض "ساعتان من العمل ليس إلا".. ثم ينقض عليها بآلية..