[...] ضغط عمل اليومين الأخيرين جعلنا نعمل لوقت إضافي وحتى ساعات متأخرة من الليل..
وإن كان الأمر استثنائياً واضطراريا من أجل تصريف وإذابة تلك الجبال من الأوراق والحفاظ على سيرورة العمل... إلى آخر ذلك من "الهراء المكتبي" وطرقه المنمقة في اختلاق أسماء جذابة وعملية لكل شيء..
ما يهم أنني لم أكن لأسمح بمرور ذلك مرور الكرام، فاحتفظت بحقي في الرد لاحقاً.. بأسلوب أراه ملائماً وممكن التحقيق.. دون إفساد الأمور.رغم تلك الدقائق الطويلة المسروقة التي أقضيها يومياً في الكتابة في الحمام، قررت أن ذلك لم يكن تعويضاً كافياً عن المجهود العقلي والبدني والأضرار النفسية الناجمة عن الغصب والإكراه.. إلى آخر ذلك من الهراء الحقيقي الذي أجيد صياغته بدوري!
[...] كنت أبحث عن بعض الملفات بغرفة الأرشيف حينما أدركت أنها غير مجهزة بكاميرا مراقبة..
تفقدت النوافذ لأجد أن زجاجها غير قابل للكسر وأحيط بسياج فولاذي من الخارج.. فهمت لم لا يحتاجون إلى كاميرا ثم ابتسمت حينما خطرت ببالي فكرة شيطانية رهيبة تغري بالتجربة.. وإن كان ذلك ليكلفني الوظيفة!
أو ربما اكتفيت بالكتابة عنها دون تجربتها.. سيكون ذلك أكثر أماناً..
"لأفكر في الأمر لاحقاً" أغلقت نافذة الأفكار إلى وقت لاحق..
يقع الباب في آخر ممر هادئ على بعد عدة أمتار من الحمامات، يليها منعطف على اليمين ثم درجات تقود إلى المكان.
لا أثر للغبار بالغرفة عكس ما قد يتخيل المرء وعكس ما تخليت أيضاً قبل دخول المكان (بناء على مشاهد سابقة من أفلام سينيمائية).
أخذت بعض العلب الكرتونية وفككتها لأصنع منها فراشاً على الأرضية النظيفة للمكان.."خمس دقائق من الاستلقاء لن تؤذي أحداً" لا أدري إن كان صوتي أو صوت شخص آخر ذاك الذي همس برأسي.. "أو لنجعلها عشر دقائق.. أو ربع ساعة.. لن يلحظ شخص وجودك.. ثم تعود حاملاً لبعض الملفات"
أفك حذائي.. أستلقي على الفرش الورقية - التي تقيني برودة الأرضية دون أن تخفف كثيراً من صلابتها - وأشبك يدي خلف رأسي..
الأمر الوحيد الذي كان يعكر هدوئي هو اضطراري للبقاء في حالة ترقب مستمرة للتحرك في حالة سماع أدنى حركة قادمة من الدرج..حاولت ما أمكن تخفيف شد جهازي العصبي.. لأنعم على الأقل ببضع دقائق - أخرى - مخطوفة، من الاسترخاء.. والتأمل.