الفصل الواحد و العشرون

703 18 8
                                    



هي كانت تقرأ خطٍ قد عرفته ، هي كانت تقرأ حروفٍ رسمها من فقدته ، هي لم تشعر بالدموع إلا عندما وصلت لشفتيها ، كان قد مدّ يده محتويةً على منديل ، أخذت المنديل و هي تكمل قراءة تمسح به دموعها و أنفها ، لكنّها كانت تبكي بحرقة حتى أصبحت رؤيتها ضبابية فأخفضت الورقة و قد سمحت لشهقاتها بالخروج ، مخفيةً وجهها و تُخرج كل البكاء الذي احتواها ، بعد خمس دقائق بعد أن هدأت كفكفت دموعها و أكملت القراءة عاضّة على شفتيها حابسةً دموعها ، عندما وصلت للنهاية عندها فقط شهقت بقوة و سقطت في نوبة بكاءٍ أخرى محتضنةٍ الورقة .

كان هو يراقبها و يراقب حدقة عينها ، كان يراقب دموعها و ارتعاشة يدها و كل ما يجول في ذهنه أنها لم تستحق ما فعله فيتآكله الذنب مراراً و تكراراً ، كانت للتو كفتاة غريبة بقوة منقطعة النظير لكنّها قد نست الشخصية التي كوّنتها و عادت لمن اعتادت أن تكون لذاتها الطبيعية و كل هذا بسبب حروف شخصٍ احتاجت أن تقرأها منذ زمن منذ ثمان سنوات ، حروف الشخص الوحيد الذي يفهمها و يعرفها عن ظهر قلب ، حروف من التهمها الموت منذ ثمان سنوات و لكن على الرغم من هذا فقد عادت لتعتني بها، كانت هذه حروف صديقة روحها سيلين سيلين والسون .

بعد أن خفّ صوت بكاءها و عمّ الصمت ، كانت هي حاضنةً الورقة واضعةً رأسها على مقدمة السيّارة ، توقفت شهقاتها ، وضع رونالد يده على كتفها و نطق:

- نوره؟

رفعت رأسها من على مقدمة السيّارة و ما إن بان وجهها حتى بان أنفها و عينيها المحمرّين ، فقال رونالد بهدوء :

- إذاً هل ستوقّعين؟

التفتت نوره إليه و قالت بصوت مبحوح و هي لازالت حاضنة الورقة :

- هل قرأتها ؟ هذه الرسالة ؟

هزّ رأسه رونالد نافياً ، فأردفت بنبرة خافتة :

- لماذا لم تقرأها؟

نظر لها رونالد عاقد الحاجبين و أجاب :

- ليس من الأدب أن أقرأ رسالة ليست موجهة لي .

لم تتوقف نوره فسألت بصوت ساكن :

- و هل كانت هناك أخرى موجهة لك ؟

أومأ رونالد بالإيجاب ، فتكلّمت نوره بهدوء عاقدةً الحاجبين:

- من أين أتيت بالرسالتان ؟ أعني أين كانت طوال هذا الوقت ؟

رد رونالد هو يلتفت لينظر لخارج نافذته :

- في صندوق أمانات في بريطانيا لم أعلم بوجوده لكن وصلتني رسالة من المصرف ذاته .

سألت السؤال الذي لم تستطيع كبحه :

- هل الرسالة تلك إحدى أسباب وثيقة الزواج هذه ؟

أومأ رونالد بالإيجاب دون أن يلتفت و من ثم قال :

The Virgin Mother | الأم العذراءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن