الباب الاول

234 5 3
                                    

الأنا هي أول خطية عرفها العالم

وقع فيها الشيطان، قبل الإنسان. الشيطان "الكاروب المظلل" "الملآن حكمة والكامل الجمال" (حز28: 14،12). الذي سقط حينما قال في قلبه "أصعد إلي السموات، أرفع كرسي فوق كواكب الله. أصعد فوق مرتفعات السماء. أصير مثل العلي" (أش14: 13، 14).

ومحبة الذات هذه أهبطته إلي أعماق الجحيم. فانحدرت بدلًا من أن ترتفع!

وكما سقط الشيطان عن طريق الذات، هكذا سقط الإنسان.

حينما خلقه الله، كان يعرف أن ذاته مستمدة من الله. فالله هو الذي أوجدها، وهو الذي منحها كل العطايا

والمواهب. وهي لا تستطيع أن تحيا بدونه. وعن طريق الله وحده، كان يأخد كل ما يلزمه من المعرفة.

ثم سقط الإنسان حينما بعدت ذاته عن الله!!

فتأخد النصيحة من مصدر غير الله. بل تخضع لإغراء الحية التي "تنفتح أعينكما، وتصيران مثل الله عارفين الخير والشر" (تك3: 5). وهكذا بعدت الذات عن الله: بالمعصية من جهة، وباشتهائها أن تكون مثل الله. بنفس أسلوب الشيطان الذي قال "أصير مثل العليّ.."!!

أصعب مايقع فيه الإنسان أن يحب ذاته محبة خاطئة.

فيريد أن يكبر في عيني نفسه أو يصير بارًا في عيني نفسه!

لا يوجد إنسان يكره نفسه. حتى أن الله حينما أمر بمحبة القريب، قال "تحب قريبك كنفسك" (مت22: 39). والمحبة الحقيقية للنفس هي أن تلصقها بالله. كما قال المرنم "أما أنا فخير لي الإلتصاق بالرب.." (مز73: 28).. وفي محبتها لله تحب القريب أيضًا. وتصل هذه المحبة إلي حد بذل النفس لأجل الله، ولأجل القريب أيضًا.

أما المحبة الخاطئة فهي لون من الأنانية، فيها تقود (الأنا) Ego إلي الأنانية Egoism.

فيتمركز الإنسان حول ذاته، وكل ما يتعلق بها: كرامته، ومركزه، وماله، وتفوقه علي الآخرين، بل وسيطرته عليهم.

تريد ذاته أن ترتفع، ولو علي جماجم غيره. يريد أن يستريح ولو علي تعب الآخرين. يبني ذاته ولو علي ضياع غيره!!

محبة الذات هي التي يريد فيها الإنسان أن يأخذ ولا يعطي. وإن أعطي، فلكي يأخذ.. يأخذ مديحًا وكرامة، أو يأخذ عوضًا يشتهيه.. هي حالة إنسان مشغول دائمًا بذاته، يعطيها ما يشبعها نفسيًا وماديًا. وهو يفضلها باستمرار علي الكل. ولا مانع لديه من أن يصطدم بكل ما يراه منافسًا لهذه الذات أو معترضًا لطريقها.

وقع كثيرون في محبة الذات وإشباعها. فضيعتهم أو كادت تضيعهم..

مثال ذلك سليمان الذي استجاب لشهوات الذات...

نعم، سليمان الحكيم، الذي كان أحكم أهل الأرض في زمانه: انشغل بذاته وملذاته. فقال "عظمت عملي. بنيت لنفسي بيوتًا. غرست لنفسي كرومًا. عملت لنفسي جنات وفراديس.. عملت لنفسي برك مياه لتسقي بها الغروس المنبتة الشجر.. جمعت لنفسي مغنين ومغنيات، وتنعمات بني البشر سيدة وسيدات. فعظمت وازددت أكثر من جميع الذين كانوا قبلي في أورشليم.. ومهما اشتهته عيناي، لم أمسكه عنهما" (جا2: 4-10). فماذا كانت النتيجة؟

الذاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن