البارت 1

675 10 6
                                    

نزلت اليكس بتراكوس من سيارة الأجرة بانتباه ، و أخذت لحظة كانت بحاجة ماسة لها كي تشد كتفيها قبل أن تبدأ رحلتها في صعود السلالم إلى باب الفندق المتلألئ بالأضواء. كان هناك حفل راقص ، و رغم أنها كانت تتطلع لذلك بشوق في مناسبة أخرى ، إلا أن الليلة لم تكن مهيأة للمرح ، كانت تعبة جدا. لقد كان يوما مميزا طويلا و غير مثمر بعد سيل من الأيام الطويلة غير المثمرة ، و لو أنها لم تكن مضطرة للمحافظة على ما تتطلبه المظاهر من أنها قد حضرت حفلة الإحسان الباهرة هذه ، لكانت بقيت في المنزل.

ساعدها واحد من الخدم على خلع معطفها ، أخذت نفسا عميقا قبل أن تتجه إلى غرفة الرقص بشخصها الطويل النحيل الذي يمكن أن يكون قد خرج للتو من صفحات إحدى مجلات الأزياء. منتديات ليلاس مع ذلك ، و رغم أن ثوب السهرة الذي كانت ترتديه من تصميم سان لوران ، و حذاءها من صنع إيطالي يدوي و مجوهراتها من مصنوعات كارتييه ، كانت أليكس تعرف أن أيامهم معدودة ما لم تستطع أن تجد الدعم المالي الذي تحتاجه أعمال العائلة بشدة ، فإن كل شيء سيذهب. و ليس سبب ذلك أنها قد تكون تضحية بارزة بغيضة ، فهي لم تكن متيمة بالموضة الراقية و الطبقة التي تدل عليها. لا ، إنما الأمر المحزن هو أن ممتلكات العائلة كلها إن جمعت لن تكفي إلا إلى تسديد القليل من جبل الديون.
توقفت لبرهة بعد مدخل الغرفة مباشرة ، و القت نظرة عامة على الغرفة المكتظة ، و لم تفاجأ حين عرفت العديد من الوجوه المتواجدة هناك. إنها في الواقع ، قد أمضت ساعات طويلة خلال الأسابيع القليلة الماضية تتحدث إليهم. الآن أولئك الذين شهدوا وصولها سارعوا إلى الإبتعاد ، و سارعوا أيضا إلى نشر أخبار الضيق المالي الذي تمر به عائلتها بأصوات منخفضة.
جعلها ذلك تشد على شفتيها اللتين أظهرتا مدى الضيق المرتسم على وجهها الرقيق ، الأمر الذي كان ملائما مع رقتها. منتديات ليلاس سمة أظهرتها قصة شعرها الحديثة ، فقد كانت قصة شعرها الأشقر ، تناسبها تماما. و سارت إلى داخل الغرفة بكل ما أستطاعت جمعه من هدوء.
و فيما هي متجهة لتحضر لنفسها كوب عصير ، ردت على تحيات أولئك الذين ما زالوا يتمتعون بشجاعة كافية لأن تلتقي عيونهم بعينيها ، و هم يبتسمون ابتسامة متهكمة باهتة. آوه ، لقد كان كل شيء مختلفا قبل ستة شهور ، مختلف جدا. الآن لقد إنهار المظهر الكاذب و عليها أن تتعامل مع ما ترتب على تصرفات والدها غير الحكيمة. مع ذلك مهما اعتقد هؤلاء الناس ،redroses309 فإنها لن تجعل أبدا التصرفات السيئة تزعجها هنا.
"لا تتظاهري بالدهشة لهذه الدرجة." كان ذلك صوت تردد من جانبها بسخرية ، و أضاف: "إنها لعادة قديمة للفئران أن تغادر السفينة الغارقة بعد إصطدامها بالصخور."
تلك اللهجة الرنانة المنخفضة هزت أعصابها ، و شعرت أليكس للحظة واحدة بالغثيان ، إن الغرفة تدور من حولها.
ثم تجمد الدم في عروقها و أشتدت عضلاتها ، و بدا أنها بذلت كل ذرة من قوتها لتدير رأسها كي تواجه صاحب الصوت ، لأنها عرفت من سترى.
أجابته بسرعة: "مفسحة المجال للنسور كي تنقض و تلتقط الهيكل البالي." و قد أدهشها كم بدا صوتها ثابتا ، فيما رؤية الرجل الذي قدم بهدوء تام ليقفبجانبها جعل قلبها يخفق بشكل مغث. و أضافت: "لماذا لدي شعور أن قول أمر غريب رؤيتك هنا ، بالكاد يكون ملائما؟ فقد سمعت إن القرش يمكنه أن يشم رائحة الدماء عن بعد أميال كثيرة."
دون أن تأبه إن كانت قد مزجت بين استعارات أم لا. فقد كان هناك سؤال واحد يدور في رأسها: ماذا يفعل هنا؟
ابتسم بيرس مارتينو ، إبتسامة كسولة طويلة ، قائلا:
"لقد أصبح عندك مخالب ، يا أليكس ، الأمر الذي لا يثير دهشتي ، لكنك كما القطة الصغيرة تماما ، عليك بعد أن تتعلمي متى يجب أن تنبشي أظافرك."
لسعتها تلك اللهجة الساخرة ، و ذكرتها كم كانت ضعيفة ذات يوم. مع ذلك فإن تلك الأيام مضت منذ زمن طويل ، و قد أرتفع جدار غليظ للحماية. فقالت: "في ما يختص بي ، إن ذلك يحدث دائما في كل آوان يا مارتينو!" سمحت لنقمتها أن تظهر ، راغبة أن تصفعه على الفور.
رفع أحد حاجبيه السوداوين ، و نصحها قائلا ببرودة:
"هل تستقبلين دائما صديقا ببنادق لامعة؟ أعترف أن لها قيمة البدع ، لكن قد يكوم من الحكمة أكثر أن تضعي سلاحك جانبا ، يا أليكس. فالعدو لا يرتدي هذه الأيام قبعة سوداء. redroses309 رغم كل ما تعرفينه ، يمكن أن تطلقي النار على حليف."
قالت: "حليف!" خرجت الكلمة بإشمئزاز كبير. ثم أضافت بعنف: "لم تكن كذلك قط ، و لن تستطيع أن تكون كذلك. إنك العدو يا بيبرس ، و كونك كذلك ، ليس عندي لك شيء سوى الإزدراء." كان عليها أن تعرف أنه قد يقول شيئا كهذا.
بدا لها أنه لم يعد يتذكر كل ما كان ، و أن ما طبع في ذاكرته أقتصر على أشياء محددة ، فيما كان كل شيء مطبوعا بوضوح في ذاكرتها. قالت له: "أخشى أن عليك أن تعذرني الآن. فكما ترى لقد أصبحت حسنة التمييز في أختيار أصدقائي هذه الأيام." و مع تلك العبارة استدارت بحدة و سارت بعيدا عنه و ساقيها تكاد أن تنهار تحتها مع كل خطوة.
لم تكن لديها فكرة واضحة إلى أي مكان تتجه ، إنما استمرت في السير حتى وجدت نفسها أخيرا في غرفة الإنتظار حيث لا مخرج آخر منها. و توقفت حينها ، حيث اكتشفت أن كل أوصالها ترتجف. لم كان عليه أن يكون هنا؟ ألم يكفه ما فعله؟ إنها تكرهه ، تكرهه بقدر ما أحبته في يوم من الأيام ، بمشاعر عميقة لا تعرف الحدود.
أحنت أليكس رأسها ، و شعرت بمعدتها تعتصر ، ما زال بيرس مارتينو يملك كل شيء. ما زالت لديه تلك النظرة التي تجعل قلب المرأة يخفق بجنون. ذات مرة ، جعلت تلك النظرات قلبها يطير. حيث لم تكن محصنة تجاه الشعر الأسود الكثيف اللامع ، و لا تجاه العينين الثاقبتين الزرقاوين ، و لا تجاه الوجنتين المظللتين بالغموض اللتين تحيطان بذلك الفم الجميل ، كانت أناقته و ثقته بنفسه تشعان و كأنها منارة ، فتشدانها ، كما العديد من الفراشات الأخرى ، للرقص ضمن نطاق حرارتها الخطرة و تألقها. كان يشربها الشراب و يطعمها الطعام ، و يعاملها بطريقة أكدت لقلبها الغارق في حبه أنه يحبها هو أيضا.
شعرت بالمرارة و كأنها قرح على لسانها ، و دون وعي منها ضغطت بشدة على الكوب الذي ما يزال في يدها. لقد حول ذلك الحب إلى كراهية باكاذيبه. لأن ذلك كله كان كذبا! كل شيء ، من البداية حتى النهاية! و قاطع تحطم الكوب ذكرياتها الغاضبة ، و قد أتبع ذلك على الفور صرخة رقيقة من الألم انطلقت منها. سقط الكوب المكسور من يدها ، و حدقت بإنشداه نحو الدماء التي سالت بسرعة على راحة يدها.
عندها فقط لاحظت أنها لم تكن في الغرفة لوحدها.
"هل جرحت نفسك؟ دعيني أرى." لا بد أن بيرس تبعها ، و تقدم نحوها الآن بسرعة و أمسك بيدها و تفحصها قبل أن تتاح لها الفرصة أن تسحبها بعيدا.
أرتعدت أليكس ، حيث وجدت نفسها فجأة تحدق في رأسه المنحني. أعادت إليها تموجات شعره الأسود الكثيف ذكريات ، إعتقدت أنها دفنت بأمان. شهقت بحدة ، فقط لتقذف احاسيسها برائحة عطره النافذة منه. ثم ، و كأنما لزيادة الإهانة إلى الأذى ، أرسلت لمسته في ذراعها شيئا يشبه صدمة كهربائية ، أرعبتها ردة فعلها هذه الغير متوقعة و غير المرغوب بها كليا ، فتجمدت مرتبكة ، و عقلها يصرخ في صمت لا!
"سوف تعيشين."
كلمات بيرس سلختها من صدمتها ، و تأخيره البسيط في رفع نظره أتاح لها فرصة كافية لتعيد السيطرة على تعابير وجهها ، كي لا تظهر مدى تأثرها.
قال: "إنه أكبر من خدش بقليل. و يبدو نظيفا." نظر إليها
أضاف: "ماذا كنت تتخيلين الكوب ، عنقي؟"

القدر القاسي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن