الفصل السابع

479 14 0
                                    

وقوف
7- غداً لن تشرق الشمس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قابلهم سلفادور في الردهة. إنه أكبر سناً من زوجته، فماريا في آخر العشرينات، أما هو فيبدو في بداية الأربعينات. شعره الأسود تتخلله خصلات رمادية، وقد بدأ يفقد شعره إلا أنه دافئ وحنون وجذاب.
قال وهو يسلم علي بيني: ( سررت بالتعرف إليك).
بادلته بيني الابتسام، وتمنت مرة أخرى لو أن الظروف مختلفة ولو أنها لا تكذب.
قال سلفادور وهو يستدير ليأخذ الأوراق من لوكاس: ( إذاً هذه هي الأوراق التائهة!).
- نعم، وجدناها أخيراً أمس.
- حسناً سنذهب إلي مكتبي لإلقاء نظرة عليها.
وقبل أن يتمكن أحد من قول أي شيء، سحب سلفادور لوكاس من الغرفة، وقال وهو يغلق الباب خلفهما: ( لن نتأخر سيداتي).
قالت إيما لماريا وهي تضحك:
- آه! يا إلهي! أين سمعنا هذه العبارة من قبل؟ أتذكرين حين ذهبنا إلي فيكنز لقضاء عطلة نهاية الأسبوع وقضي هذان الاثنان طيلة بعد الظهر في العمل؟
- بالكاد... والآن ماذا سنشرب الشاي أم القهوة؟
وابتسمت ماريا لبيني وأشارت إليها لتجلس علي واحدة من الكراسي الجلدية البيضاء.تابعت إيما الكلام من دون أن تعي أن صديقتها تحاول تغيير الموضوع مراعاة لوجود بيني:
- لا بد أنك تذكرين ماريا؟ لقد قضينا وقتاً ممتعاً. كان الفندق رومانسيا للغاية، وقدم لي لوكاس تلك الصور التي أحب عن تلك المنارة القديمة!
- آه! نعم... أذكر شيئاً من هذا القبيل.
وغمزت ماريا إيما لكن تلك الأخيرة لم تلاحظ وذهبت تجلس علي كرسي من الكراسي.
نظرت إيما إلي بيني توضح لها الأمر:
- لقد عارضت وماريا أن يأخذا العمل معنا في الرحلة... أليس كذلك؟ ولكن أنت تعرفين الرجال. بصراحة، أظن أن لوكاس لا يمانع البقاء في مكتب مغلق طيلة أيام. فعندما كنا نتواعد، كنت أشير إلي عمله باسم المرأة الأخرى... ولا أظن أنه تغير الآن.
همست بيني: ( في الحقيقة لا يمكنني الجزم، فأنا لا أعمل لديه منذ فترة طويلة).
أومأت إيما وبدت مسرورة بالرد. وتساءلت بيني إن كانت تلك المرأة تحاول استفزازها بإخبارها عن العلاقة الرومانسية التي جمعت بينهما، أو لعلها تحاول تبرير انفصالهما بإلقائها اللوم علي عمل لوكاس.
حاولت ماريا تغيير الحديث:
- والآن، ماذا يمكنني أن أقدم لكن؟ أتشربين الكولا يا إيزوبيل.
أومأت إيزوبيل.
- وماذا عنكما يا سيدتي.... الشاي أم القهوة؟
ردت بيني بتهذيب: ( أنا لا فرق عندي، سأشرب ما تعدين).
من جهتها قالت إيما بحزم: ( ستكون القهوة رائعة).
وما إن غادرت ماريا الغرفة حتى جلست إيزوبيل علي ركبتي بيني وهمست:
- هل أستطيع الحصول علي الليموناضة عوضاً عن الكولا؟
- لا أعلم،ربما لا تملك ماريا الليموناضة، لم لا تلحقين بها وتسألينها؟
هزت إيزوبيل رأسها نفياً بخجل.
- هل أذهب وأسألها نيابة عنك؟
هزت إيزوبيل رأسها إيجاباً وقد بدت مسرورة بالاقتراح. من جهتها انزعجت إيما مما يجرى. تساءلت بيني لم عساها انزعجت وهي تنزل إيزوبيل عن حضنها!
وجدت بيني ماريا تفتح خزانة في المطبخ الذي يطل علي البحر، قالت بيني عندما استدارت ماريا:
- عذراً علي التطفل ولكن إيزوبيل تتساءل إن كان بوسعها الحصول علي الليموناضة عوضاً عن الكولا؟
فتحت ماريا الثلاجة وتناولت قنينة: ( بالطبع تستطيع. في الواقع أنا مسرورة لأنني تمكنت من الانفراد بك للحظة. أعتذر عما سبق أن حصل... أنت تعرفين. فمحاولة جمع لوكاس وإيما كانت فكرة جنونية. لم أكن أعلم أنه يخرج مع امرأة أخرى).
قالت بيني بصراحة: ( لا داع للاعتذار مني، حقاً.... فأنا لا أخرج مع لوكاس).
لم تبد ماريا مقتنعة تماماً.
- إنه رجل جذاب جداً...
تنهدت بيني، ولكن ولسبب من الأسباب، وجدت نفسها تفضي إليها قائلة: ( بصراحة، لا أظن أنني سأبقي هنا لفترة أطول، ولكنني لم أخبر لوكاس بعد).
- يا للأسف! يبدو أنه يقدرك كثيراً. لقد سمعته يتحدث إلي سلفادور ويخبره كم كنت رائعة معه خلال الأيام الماضية، وكيف أن إيزوبيل متعلقة بك.
شعرت بيني بانقباض في قلبها: ( نعم، سأشتاق كثيراً لإيزوبيل).
نظرت ماريا إليها. فتابعت كلامها وهي تحاول أن تكون عملية.
- ولكن الأمور ليست جيدة بالنسبة لي هنا، لذا يستحسن أن أغادر.
لم تتابع ماريا الحديث بل قالت: ( سيغضب سلفادور مني كثيراً لأنني دعوت إيما، فهو يطلب مني دائماً ألا أتدخل في مشاكل الآخرين. كل ما في الأمر هو أنني شعرت بالأسى عليها. فقد كانت ولوكاس سعيدين لفترة، ولكن فجأة ومن دون سبب قطع علاقته بها. وكنت أتساءل إن كان فعلاً لا يريد الاستمرار معها أو أنه شعر بأنه يتعلق بها فخاف وذعر وقرر الابتعاد. فقد كان متيماً بحب كاي. أيبدو كلامي سخيفاً؟).
همست بيني: ( لا، فكلامك ليس سخيفاً، فمن الممكن جداً أن يكون لوكاس قد فسخ علاقته بإيما لتلك الأسباب التي ذكرتها).
وتذكرت بيني ما قاله لها عن شعوره بالذنب للخروج مع نساء أخريات.

كاذبة ولكنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن