8- ساعة الحساب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدا من الظلم أن تشرق الشمس في حين يخيم الظلام علي قلب بيني. حتى أن التحية الصباحية الحنونة التي أطلقتها شونا، لم تغير مزاجها.
ابتسمت بيني ابتسامة جافة: ( صباح الخير شونا).
ردت المرأة: ( هل أنت بخير؟ تبدين شاحبة بعض الشيء).
- أنا بخير. هل وصل لوكاس؟
- آه نعم، وصل لوكاس قبلي كالعادة.
ولكنه ليس في مزاج هادئ هذا الصباح، لذا أنصحك بعدم إزعاجه.
عبست بيني: ( أحقاً؟ ما خطبه؟).
تنهدت شونا.
- لا أعرف. كان يتحدث عبر الهاتف عندما وصلت. لعل الأمر متعلق بذلك الاتصال الهاتفي.
مررت بيني يداً ترتجف فوق فستانها الزهري الفاتح وحاولت تحضير نفسها للدخول إلي مكتبه ومواجهته. قررت أن تصارحه بالحقيقة قبل أن تغادر، أي هذا الصباح أو بعد الظهر بعد أن تصطحب إيزوبيل للتسوق.
قالت شونا وهي تنظر عابسة إلي كومة من الأوراق المكدسة أمامها: ( وصلنا الكثير من البريد).
سألت بيني محاولة تجنب مقابلة لوكاس:
- هل تريدينني أن أساعدك في الاطلاع علي البريد؟
فإن كان مزاج لوكاس معكرا، فربما يستحسن بها الانتظار قبل أن تبوح له بالحقيقة.
- شكراً لك.
قالت هذا وهي تمرر لها نصف الأوراق المكدسة أمامها، ثم سألتها: ( إذا كيف كانت عطلة نهاية الأسبوع؟)
حاولت بيني عدم تذكر العطلة المليئة بالشغف والغداء الرائع، فردت: ( لا بأس، ماذا عنك؟)
لوحت شونا بيدها أمام عيني بيني، فلاحظت تلك الأخيرة الخاتم في يدها: ( لقد عرض بول علي الزواج).
- آه! شونا! هذا رائع، تهاني.
- شكراً لك! كم أنا مسرورة، فأنا أعشقه.
قالت بيني بحنان: ( أنا مسرورة جداً لك، وهل حددتما موعداً للزفاف؟).
- نفكر في حجز أول موعد متوفر في الكنيسة، فأنا لا أريد الانتظار. ولكن والدتي قلقة بعض الشيء وتفضل أن تطيل فترة الخطوبة، فنحن لا نعرف بعضنا منذ وقت طويل. ولكنني قلت لها عندما تقابل الفتاة الرجل المناسب لها والذي ترغب بقضاء بقية عمرها معه، فهي ترغب بأن يبدأ بقية عمرها في أسرع وقت ممكن... وعلي كل حال، لقد عرفت منذ اللحظة الأولي التي تعرفت فيها إلي بول أنه رجل أحلامي. نظرت إلي عينيه فحسب، وعلقت في حبه.
تذكرت بيني يوم دخلت إلي مكتب لوكاس الأسبوع الفائت وأول مرة نظرت إلي عينيه. لقد حدث شيء ما في تلك اللحظة. شيء سري! آه! كم حاولت ادعاء العكس... وإقناع نفسها بأن الانقباض الذي تشعر به في قلبها وتسارع نبضها كلها أمور من نسج خيالها. ولكن هذا غير صحيحا. إنها مغرمة به، وقد وقعت في حبه منذ اليوم الأول للقائهما. صحيح أن حبها هذا جنون مطبق وخيانة عظمى لوالدها، ولكنها عاجزة عن كبح مشاعرها.
حدقت بيني إلي المغلفات الموضوعة أمامها وحاولت التصرف بعقلانية وطرد هذه الأفكار من عقلها، ولكن من دون جدوى.
رن الهاتف فأجابت شونا، أما بيني فجلست علي كرسي وراحت تطلع علي البريد.
وفجأة فتح الباب ودخلت امرأة.
- هل لي بمساعدتك؟
سمعت بيني شونا تسأل بتهذيب، لكنها لم تستدر فقد كانت تفرز البريد.
ردت المرأة:
- ميلدريد بانكروفت، جئت أري السيد داريان.
شعرت بيني بأن الدم تجمد في عروقها ونظرت مرعوبة.
كانت شونا تحدق إلي المرأة باستغراب.
- عذراً؟ أقلت أنك تريدين رؤية ميلدريد أو السيد داريان؟
عبست المرأة، فهي تبدو كمديرة مدرسة قديمة الطراز تقاصص التلامذة وتبث الرعب في قلوبهم. كان شعرها الرمادي مشدوداً إلي الخلف بطريقة جدية، وكانت ترتدي قميصاً أبيض وتنوره سوداء.
قالت بنبرة جافة: ( أظنك أسأت الفهم أيتها الشابة، أنا ميلدريد بانكروفت وجئت أرى السيد داريان).
فتحت شونا فمها عاجزة عن التفوه بكلمة ونظرت نحو بيني، لو لم يكن الوضع حرجاً إلي هذا الحد لكانت ضحكت للتعبير الذي علا وجه شونا، ولكن، لسوء الحظ، فمزاج بيني لا يسمح لها بالضحك.
تمتمت بيني بحذر: ( يستحسن بك إخبار لوكاس أنها وصلت).
وقبل أن تتمكن أي واحدة منهما من التحرك، فتح باب مكتب لوكاس وظهر ذلك الأخير وقد علت وجهه تعابير لم يسبق لبيني أن رأتها مما زاد من حدة توترها.
قالت المرأة بأمل: ( آه، لا بد أنك السيد داريان، لقد اتصلت بك منذ قليل).
رد لوكاس بثقل: ( نعم... ميلدريد بانكروفت أليس كذلك؟).
مشت المرأة حول المكتب ومدت يدها: ( هذا صحيح. يسرني أنني التقيتك أخيراً).
- وأنا أيضاً.
سلم لوكاس عليها ودلها إلي مكتبه. وللحظة التقت عيناه بعيني بيني. جاءت نظرته باردة وقاسية، ومختلفة تمام الاختلاف عن الطريقة التي نظر فيها إليها البارحة، ثم قال لها بقسوة:
- يمكنك الدخول بعد أن أنتهي مع السيدة بانكروفت.
وبدا كلامه أمراً أكثر منه دعوة، ثم دخل مكتبه وأقفل الباب بحزم.
استدارت شونا لتنظر إلي بيني:
- حسناً! ماذا يجري بحق السماء؟ وإن كانت هي ميلدريد بانكروفت فمن تكونين أنت؟
مررت بيني يداً ترتجف علي شعرها:
- آسفة شونا! كل ما في الأمر هو أنك تستخلصين الأمور بطريقة خاطئة عندما أتيت لأري لوكاس ذلك اليوم، وكنت يائسة جداً فجاريت الموضوع.
اتسعت عينا شونا بذهول: ( آه! يا إلهي! أأنت عاطلة عن العمل منذ فترة طويلة؟).
- لا... أنا...
تنهدت بيني يائسة. فهي لم ترد إخبار شونا بالموضوع قبل أن يتسنى لها المجال لتتكلم مع لوكاس.
قالت شونا برقة: ( اسمعي، لا تقلقي للأمر، أنا واثقة من أن السيد داريان سيسامحك لأنك، والحق يقال، بارعة جداً في عملك، وقد تحسنت الأمور كثيراً منذ مجيئك).
- شكراً شونا.
ابتسمت بيني للمرأة شاكرة ممتنة، وتمنت لو كانت الأمور بهذه البساطة.
- كما أنه لن يوظف تلك العجوز الشمطاء! هل رأيت كيف نظرت إلي باستعلاء؟ يا لها من متكبرة، من تخال نفسها؟
أنت تقرأ
كاذبة ولكن
Romanceمنقولة من منتديات روايتي 357- كاذبة ولكن.... كاثرين روس الملخص كاذبة ولكن.... بيني كينيدي مستعدة لفعل أي شيء كي تنقذ منزلها العائلي من براثن لوكاس داريان.....حتى لو اضطرت أن تنتحل صفة سكرتيرته الخاصة! ولكن ما لم تحسب له بيني حساباً هو أن تقع ضحية لس...