الفصل الثاني | بدأ العد التنازلي..

98 18 107
                                    


كان يمشي بخطوات سريعة.. محاولا ألا يصدر أي صوت.. ويلتفت حوله.. ليرى الظلال لا تزال تتبعه..

يجري بين تلك الأشجار محاولا أن يفقدهم أثره.. لكنهم كانوا سريعين جدا..

يكاد يطير من سرعة جريه، ويلتفت وراءه بين خطوة وأخرى ليراهم يقتربون منه أكثر وأكثر..

حرارته ترتفع مع كل دقة يسمعها من قلبه، لم يعد يعرف كيف يتنفس.. الدنيا تسْوَدّ شيئا فشيئا، وهم يقتربون منه..

أشباح سوداء تلاحقه.. تود الإمساك به لسبب مجهول..

أغمض عينيه وأخرج جزءًا من خوفه في صرخة..

صرخة أوقفت الحركة حوله..

نظر خلفه ليرى ما جرى.. فلم يجد أحدا..

خفف سرعته بقفزات واسعة، وتوقف وهو يلتقط أنفاسه ويلتفت إلى الوراء ليتأكد من صحة ما يدور في عقله..

اتكأ على شجرة قريبة.. وأغمض عينيه وأخذ يتنفس باضطراب..

الظلام حوله يشتد.. وهو مستسلم لا يدري ما يفعله..

فتح عينيه وهو يأمل أن ينتهي كل شيء، نظر إلى السماء وإذ به يلمح ضوءًا خافتا.. ابتسم فرحا وهمس:

«الأمل.. طريق عودتي أخيرا»

تمعن في النظر لذلك الضوء الأبيض الذي أنار الظلام، وضحك ضحكة قصيرة تلاها بإمساكه جذع الشجرة وتسلقه لها..

يصعد ويصعد، وكلما صعد شبرا ازدادت حماسته وسرعته وفرحته.. سينجو أخيرا ويخرج من هنا!

ولكن..
جذع الشجرة يزداد طولا..

والخوف بدأ يتسلل إلى قلبه، زاد من سرعة تسلقه ولكن الشجرة كانت أسرع منه وتزداد طولا في كل لحظة..

فتحة الضوء صارت بعيدة!

«لا!»
كانت تنغلق..

ببطئ شديد، وتبتعد..

أما هو فكان يزيد من سرعته أكثر وأكثر..

وعيونه معلقة فوق.. لا تبرح نقطة الضوء الأبيض ذاك..

كلما يزيد سرعته زاد امتداد جذع الشجرة، وبهُت الضوء..

إلى أن اختفى.. وحل مكانه السواد..

أغمض المسكين عينيه بخيبة.. وقلبه يتألم.. فبعدما رأى نور الأمل.. عاد الظلام إليه مجددا..

عادت الشجرة بسرعة إلى حجمها الطبيعي.. وقفز منها إلى الأرض فالمسافة لم تكن بعيدة الآن..

نظر إلى تلك الشجرة.. فقد بدأت تذبل..

لا يوجد ضوء يغذيها.. كل الأشجار بدأت تذبل.. وتخرج منها الدخان الأسود كأنها تحترق، ليتشكل على إثر تلك الدخاخين أشباح سوداء أخرى..

غرفة الأحلام(متوقفة مؤقتا)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن