ثلاث لعنات.

76 10 88
                                    

  فتح عينيه بتثاقل حين داعب ضوء النهار وجهه، قام لاعنا و فاركا مؤخرة رأسه بانزعاج و قد خنق البرد الشديد المتسرب من نافذته المشرعة عظامه الهشة. تثاءب بتكاسل محدقا في ساعته اليدوية لينتبه أن عقاربها مازالت تشير إلى الساعة الثانية عشر ليلا و دقيقة واحدة، من ذا الذي فتح نافذته في هذا الوقت المتأخر و هذا الشتاء القارس؟ حتما شقيقه الأصغر، سيقتلع عينيه حين يستيقظان صباحا.

الساعة السابعة صباحا، قام مسرعا ليجهز نفسه و يركض نحو المدرسة، في طريقه نحو الحمام اصطدمت عيناه بالرزنامة المعلقة على جدار الرواق، لقد كان مشوشا إلى الحد الذي جعله يكاد ينسى عيد ميلاده، ذاك اليوم العظيم الذي انطلق فيه نحو الحياة ليصبح ماهو عليه اليوم، رأس البطيخة عند عائلته الواتبادية، الفتى النحيف المزعج و الممل في مدرسته و سبب كل علة في منزله، لا أحد سيتذكر أنه عيد ميلاده رغم أنه يزقزق في آذان الجميع منذ أيام، ليس عدلا أن لا يتذكره هو أيضا.

لا مجال للإحباط في يومه السعيد هذا، سيهنئ نفسه و يشتري بنفسه هديته الخاصة، سيغازل البيتزا ككل ميلاد و يستمتع بها في سكينه و سيكون سعيدا رغم كل شيء.

تشاجر مع شقيقه الصغير حول موضوع النافذة رغم إنكار هذا الأخير لفعلته ثم عاد إلى غرفته ليرتدي ثيابه و يذهب. جذب انتباهه فجأة دفتر ذو غلاف جلدي قديم جدا و أوراق صفراء مهترئة ملقى بين أغطيته، سحبه بفضول و قرأ الكلمات المذهبة على واجهته:

" هوغوورتس لا تنسى أبدا محبيها الأوفياء، عيد ميلاد سعيد أيهم. دون هنا كل أمنياتك."

أشعت السعادة من خلف نظاراته الطبية و لوهلة أحس أنه قد أصبح كهاري بوتر، أحد أبطاله المفضلين. فتح الدفتر، عد الصفحات فوجدها ستة عشر صفحة، تماما كعدد سنوات عمره.

لابد أن والدته من أحضرت له هذا، لطالما كانت الوحيدة التي تحبه بلا مقابل و تفعل المستحيل لإسعاده.

فتح الصفحة الأولى و كتب بسخرية:

" أتمنى أن تنزلق معلمة الأحياء صباحا في كومة من الروث أمام المدرسة و تتعفن ثيابها و يكون الجميع شاهدا على هذه المهزلة."

انفجر ضاحكا من أفكاره، سيخبر كل هذا ليلا لعائلته الواتبادية و سيبادلونه الضحكات الساذجة حتما.

وصل أمام المدرسة، كان على وشك الدخول حين لمح رجلا يمر و خلفه بقرة، على الطريق قضت حاجتها بقذارة و لوثت جوانب الرصيف، قجأة توقفت سيارة أستاذته و نزلت، التوت ساقها و تعثرت ثم سقطت بقوة على تلك الفضلات النتنة، سقطت نظاراتها و حقيبتها و تبعثرت أغراضها على الطريق، الجميع كان حاضرا يشاهد المشهد السخيف بشفقة و سخرية أما هو انزوى في ركن خفي و تخبط من الضحك... هذا حتما يومه السعيد، لقد تقبل الله دعواته بسرعة.

اللعنة السادسة عشرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن