***
لعل الأنفاس الحادةَ التي اصطدمت بوجهي، يسبقها صوتٌ هو أقرب للحفيف منه للزفير، هي سبب استيقاظي، من فجوة اللا وعي، لأعود للعالم، حيث كل شيءٍ هو أقرب إلى ترهاتٍ تعلّلها ترهات.
تهاوت ذاكرة الصوتِ التي مع الوقت، سيكّون عقلي لها صوراً ضبابيةً هي أشبه بصدعٍ في الزمن، كضبابٍ كثٍ، لا يسمح لي إلا بسماع صوت الرصاصاتِ و لكأنها تصطدم بجدرانٍ دواخلي و ترتد من طرف لآخر في مساحة عقلي التي كانت فارغةً وقتها إلا من الذعر.
و انتابني جزع مهيب، حين استدركت أنني، ثابتة، مستلقية، لا أركض.
و لأهرب من ذاكرةِ الصوتِ تلكَ، التي ستلاحقني كظلٍ أعوج لبقية عمري، أحدثتُ ضجةً أعلى دوياً: صرختُ.
و دون أن أنتبه، فتحتُ عينيّ.و لا أعلم لمَ، من بين كل الأشياء التي كان من الممكن أن أقابلها حين أستيقظ، و لا بأي منطقٍ، فتحتُ عيناي لأرى أنيّ في مواجهةٍ مباشرةٍ، تكاد تكون إلتحاماً، مع النار!
و عندها، توقفتُ عن الصراخ، و شعرتُ أنني، بحقٍ، خائفة. لكن السبيل إلى الركض لم يكن جائزاً، لأن جسدي كان أشبه بكتلةٍ من الفحم، استدركتُ بعد هنيهةٍ أنها متكومةٌ فوق كرسيٍ خشبيٍ غير مريحٍ.
رحتُ أحدّق في ما كان بإمكاني رؤيته دونما حاجةٍ لتحريك جسدي، موقنةً تماماً، أنني وحدي، فيما بدا كـكوخ بعد حملقة دقائق.
لكن صوتاً، أجشاً، لا صدى له، صدح بغتةً:
- لا تكفين عن الصراخ.
و كان في صوته من أناة العجائز، و بؤس الأموات، الكثير.
خلال الساعةِ التالية، و بعدما تأكدتُ بأنني، للأسف، لازلتُ حيةً، بقيةُ أفكر في هوية الرجل الذي لم أستطع رؤيته، لكونه مندساً في كرسيٍ ذي ظهر طويل كالذي أجلس عليه، و أنا غير قادرةٍ على تحريك رقبتي.
أنت تقرأ
RUN
Fanfictionالوقتُ هو دوماً، الوجهة التي تقصدها حيواتنا، هو السر الضائع في خضم الحياة، و هو اللغز الذي يفوق غموضه غموض الموت و الحياة. هو الطرف الثالث في كل قصةِ حب، و الرفيق الخفي لكلِ ذاكرة. و هو كذلك، المفتاح، إلى سبر أغوار هذه الرواية. هذه الرواية، سبيل للك...