الفصل الاول
تنهدت دافينا هاستينغز براحة وحركت يديها, هي لا تشعر ابدا بالراحة عندما تكون في طائرات ضغيرة, والطائرة التي هي بها الان وقد وصلت الى المطار هي صغيرة جدا, طائرة بثمان مقاعد فقط, وبدت لها هشة جدا لتقطع مسافة ثلاثمئة ميل في جنوب الباسيفيك من القارة الرئيسية في ااوستراليا الى جزيرة لوردهووي, هشة ومفككة, لذلك كان عليها ان تعاني من الرعب تماما كما تعاني من مخاوفها الاخرى, ثم وليزداد الوضع تعقيدا, هبطت الطائرة على المدرج خلال عاصفة هوجاء وهذا ما دفعها الى اغماض عينيها.
لكن ما ات انطلقت الطائرة الصغيرة على المدرج نححو المطار, حتى نظرت بشوق من نافذتها لتشكل انطباعا عن لوردهووي, فشهرتها انها جزيرة رائعة بالنسبة للمصورين, لكنها لم تر الا ضبابا يحجب التلال امامها وامطارا غزيرة.
قال قبطان الطائرة بفرح: "اسف على ذلك, اقصد الطقس, لكن يمكنني القول انها سحاببة في طريقها نحو نيوزلندا وسيصبح الجو رائعا ما ان تنقضي, ولا بد ان ذلك سيتم بسرعة قصوى. شكرا لكم على الطيران عبر خطوطنا, واتمنى لكم عطلة رائعة."
تجهم وجه دافينا فمن خلال ما سمعته فهي المسافرة الوحيدة التيلم تات الى هذه الجزيرة لامضاء عطلة ما وللحظة تمنت لو ان العكس صحيح. ولكن العمل عمل, رفعت كتفيها واستعدت للمهمة القادمة اليها.
رات مبنى المطار صغير بينما كانت تركض نحوه تحت المطر, ثم عبرت بابا زجاجيا وهي تنفض المطر عن شعرها وعن سترتها وقميصها, رفعت نظرها لترى رجلا امامها متكئا عللى طاولة الموظفة لم يكن صعبا عليها ان تقرا ما ان التقت عيناها بعينيه بطريقة كما ينظر اي رجل الى امراة جذابة, ول بطريقة ساخرة, وكانه يظهر اعجابه بها.
ابعدت دافينا عينيها عن تلك العينين الرماديتين القاسيتين ومع ذلك وجدت نفسها تشتعل غضبا وتساءلت لماذا, كأن ذلك لم يحدث من قبل. في الواقع كانت تشعر احيانا بالتسلية من جراء ذلك. وحقيقة انها تملك جسما يجذب الانتباه وشعر اسود جميل, مع حاجبين اشد سوادا فوق عينين خضراوين في وجه بيضاوي مثالي, يسليها لان مظهرها الخارجي لا يناسب ابدا شخصيتها العمية الواقعية, ولان ايضا, كما يعمد عدد كبير من الرجال ان بعتقدوا انها فتاة طالما حلموا بها, لكن ولا واحد منهم جعل حلمها يصبح حقيقة.
فكرت, لكن الامر مختلف قليلا لسبب ما, عينا هذا الرجل تقولان ان جمالها ليس اللا جزءا واحدا منن كل ما هي عليه, كيف يجرؤ على ذلك؟ ام انها تخيلت ذلك؟ تجولت للحظات اخرى, وهي مصممة على النظر الى الجهة المقابلة, ثم رفعت كتفيها وقررت ان تعرف عن نفسها الى اي شخص اتي ليقلها.
لكن المطار الصغير محتشد بالناس والموظفين منشغلين بالضيوف وامتعتهم, والموظف الوحيد غير المنشغل كما يبدو هو عامل الهاتف, وكما يبدو ليس هناك من يبحث عن دافينا هاستنغز, والتي ستعمل كمدبرة مننزل للسيد واريك وعائلته لوقت محدد.
لذلك حملت حقائبها ونظرت حولها من جديد. بدا الحشد يتضاءل والرجل الطويل الذي كن يتكئ على الطاولة ادار ظهره لها الان ووضع يديه في جيبي بنطاله وهو ينظر بتمعن للاشخاص المغادرين.
اقترب منها ربان الطائرة وهو ينظر اليها بفرح واضح, وقاال:
"مرحبا, اعتقدت انني لن اتمكن من التحدث اليك, اين ستنزلين؟ واتساءل ان كنا نستطيع تناول العشاء معا, فانا باق هنا لمدة اسبوعين."
زفرت دافينا في اعماقها, هذا شخص اخر, لكن هذا يبدو وسيما في بذلته الزرقاء, وعللى الاقل يبدو ودودا وصديقا وهو يمد يده ليصافحها, كما وانه يبدو من عمرهاا, اي في الخامسة والعشريين من عمره, تابع بحماسة وهو يصافحها:
"انت الانسة هاستنغز, اليس كذلك؟ قرات لائحة المسافرين وهناك واحدة فقط باسم هاستنغز وكما يبدو انت وحيدة, كما وانك لا تضعين خاتم زفاف لذلك اعتقدت انك قد تمانعين في ان اسالك مرافقتي."
نظرت دافينا بدون ارادة منها الى يدها اليسرى وفتحت فمها, لكن قبل ان تتمكن منن التحدث سمعت صوتا اجش يسال:
"هاستنغز؟"
واضاف بانزعاج كبير: "اه, لاقول ذلك بوضوح, لا تقولي لي انك السيدة هاستنغز؟"
استدارت دافينا ببطء, لكنها علمت من يكون, وما ان التقت نظراتهمما للمرة الثانية, حتى علمت ان عيناه ليستا بنيتين بل هناك شذرات من اللون الاصفر فيهما, وان هذا الرجل هو السيد واريك, بكتفيه العريضتين وبقامته الفارعة, انه في الثلاثينات من عمره ويحمل هالة من الديناميكية, وفي هذه اللحظة هناك غضب صارخ في وجهه. وعلى الرغم من انه يرتدي بنطالا قديما وقميصا فضفاضا, ومع ان ملامح وجهه ليست متناسقة وهناك نمش على وجهه, لكن لا احد ينكرانه رجل مميز في العالم وان معتاد على الحصول على ما يريده.
رمشت عيا دافينا وهي تفكر ماذا يعني بكلامه اجابت ببرودة: "انا السيدة هاستنغز اجل, ومن انت؟"
لم يجب على سؤالها على الفور بل نظر اليها مليا بانزعاج وقال بمرار:
"لاا استطيع تصديق ذلك, قلت لهم انني اريد امراة كفؤة متوسطة العمر وتمتاز بعاطفة اللامومة, فمن ارسلوا لي؟ نجمة سينمائية والتي تنتظر لتقوم بدورها في الاغواء والاغراء."
حدث امران في ذات الوقت, تقدمت دافينا خطوة واحدة الى الامام مع رغبة واضحة في ضربه, اما الربان الذي بدا مرتبكا بشكل مثير للضحك قال بسرعة:
"سيد واريك, يمكنني القول, سيدي."
قال السيد باختصار: "ارحل من هنا, بات." ولدهشة دافينا هذا ما فعله الربان على الفور.
قالت من بين اسنانها: "انا لا اصدق ذلك, من انت؟ اي شخص يعتقد انك تملك الجزيرة وانك نصبت نفسك حاكما ولديك الحرية باهانة الناس واصدار الاوامر عليهم وكانهم حثالة."
رفع واريك حاجبه وقال:"انا املك حقا نسبة كبيرة من خطوط الطيران, لذا عليك ان تعذري بات لانه تخلى عنك ساعة حاجتك اليه."
اضاف بعد قليل وهو يسالها: "لماذا لا ترتدين خاتم زفاف, سيدة هاستنغز؟ ام ان الوكالة ضللتني بهذا الامر ايضا؟"
اجابت بصوت حازم: لم يفعلوا ذلك, انا سيدة متزوجة, وان كنت اختار ام لا بان اضع خاتم الزفاف, فهذا امر لا علاقة لك به مطلقا, كماو انني ماهرة جدا في عملي كمدبرة منزل وان احتاج احد لعاطفة الامومة, انا مستعدة لاكونن والدة لهم."
توقفت عنن الكلام لترمقه بنظرة ضيقة وهي تساله: "لكن لماذا انت بحاجة لمن تقوم بدور الوالدة؟ لا تقل لي انك مطلق او انك تربي اطفالك بمفردك؟"
"انا لست كذلك, لكنني لم اقل لاحد انني الوالد, هل يعقل اننا امام اختلاف في وجهات النظر؟"
تجهم وجه دافينا وقالت ببطء: "هل تعني بقولك انك ارمل او ان زوجتك لا تعيش معك؟"
رمقها بنظرة قادرة على جعل معظم الناس تتململ, لكن دافينا بقيت تتنظر اليه من دون ان ترمش وهو يقول:
"دعيني اوضح لك امرا مهما يا سيدة هاستنغز, انا لست متزوجا ولهذا كما يتبع الليل النهار, لا زوجة لدي, هل تعتقدين انك قادرة على تفهم ذلك الان؟"
سألت دافينا رافضة ان تنهزم: "وليس لديك صديقة ما او مهما رغبت ان تسميها؟"
قال بصوت لا يخلو من السخرية: "لا صديقة ولا حبيبة, لا شيء من هذا القبيل, ولماذا هذا الام يقلقك سيدة هاستنغز, من فضلك فسري لي؟"
ضغطت دافينا على اسنانها وقالت بفقدان صبر: "لانه ان كان هناك من يحتاج الى عااطفة الامومة فلا بد ان هناك طفل بلا ام."
توقفت لتحدق به بغضب قبل ان تتابع: "اذاً علي ان اخبرك انني لاا اعمل مع الرجال العازبين, سيد واريك."
ثم تابعت: "وساخبرك ايضا لماذا, لان الرجال العازبيين ان كانوا ارامل او ايا كان, ولاسباب هم انفسهم يعرفونها, ينظرون الى مدبرة المنزل كلعبة سهلة, وهذا ما اثبته بنفسك ما ان نظرت الي ولذا ما يحدث بيننا الان ان الشركة لم تخطئ معك بشأني, بل انت اخطأت معي."
ابتسمت, لكن لم تصل ابتسامتها الى عينيها, وفي الحقيقة كانتا باردتان كالثلج, وتابعت:
"فقد اخبروني ان لديك زوجة وابنة, وانا اتساءل لماذا فعلوا ذلك سيد واريك, طالما انك اوضحت ان ليس هكذا وضعك؟"
بقي صامتا للحظة ثم ظهرت ابتسامة صغيرة على وجهه وقال بنعومة:
"لا بد ان ما حدث سوء تفاهم كبير على ما اخشى قوله, فالتي تحدثت عنها هي زوجة ابي واخت منها وهما تحملان اسم عائلة وارويك. لذلك اذا عمل احد على التاكد من الاسماء في منزل اللسيد وارويك سيجد اسم سيدتين والانسة وارويك في الثامنة من عمرها, اعتقد هكذا تم اختلاط الامر على الجميع سيدة هاستنغز؟ ألأا توافقينني الرأي؟ بالاضافة الى ان السيدة الاخرى من العئلة هي جدتي, واتساءل ان كنت تشعرين بي تهديد مع وجود هذه السيطرة للنساء في المنزل, وانا حقا ارغب في معرفة الجواب, سيدة هاستنغز؟"
حدقت دافينا به وهي تشعر برغبة قتل من اقدم على هذا الخطأ في الوكالة لكنها قالت بهدوء:
"وانا حقا احب ان اعلم كيف ستتمكن من تقديم مدبرة منزل تشبه نجمة سينمائية اللى زوجة ابيك, وشقيقتك وجدتك."
ابتسم واجاب: "اه, يتقبلن كل ماا اقوله لهن."
ضغطت دافينا على شفتيها وقالت بغضب مكتوم:
"هل حقا تعتقد انني قادرة على العمل لديك الان لا يا سيد وارويك يمكنك ان تسيطر على كل النساء في عائلتك, لكنك سترتكب غلطة كبرى ان اعتقدت انني من ذات اللائحة, لانني ساعود على الفور."
واستدارت مبتعدة وهي ترتجف من الغضب والاشمئزاز معا.
قال بعد مررور لحظة من التفكير: "لا تستطيعين؟"
سالته وهي لا تزال تتابع سيرها: "لا استطيع ماذا؟"
قال بهدوء: "العودة مباشرة."
هذا ما دففعها كي تستدير وتقول له ببرودة: "بالطبع استطيع العودة, ماذذا تقصد بقولك؟"
راقببها عن كثب وحقيقة ان المطر جعل شعرها يتجعد قليلا ثم جالت عيناه على جسمها ملاحظا استرة المصنوعة من الكتان والتي ترتديها فوق قميص رطبة بيضاء من احرير وبنطال ابيض ضيق, يداها الناعمتان وخاتم واحد من الذهب في احدى اصابعها, حذاء من الجلد انيق وحقيبة مناسبة علقتها على كتفها, ثم نظر مليا الى حقيبة الكاميرا قبل ان يعاود النظر الى بشرتها السمراء البارزة من ياقة قميصها...
في تلك اللحظة قالت دافينا بغضب: "والان اسمعني جيدا سيد واريك..."
تمتم عندها وقد ظهر المرح بصوته: "بالطبع يمكنك المغادرة, لكن لا يمكنك المغادرة الان."
حدقت به للحظة ثم نظرت الى ارض الهبوط في اللخارج وقالت:
"هل تقول لي ان ليس هناك اية رحلة طيران اليوم."
قال موافقا: "هذا ما اريد قوله بالتحديد."
زفرت دافينا بعصبية وقالت: "حسنا, اعتقد ان هناك مكان ما استطيع ان امضي الليل فيه."
"بالطبع هنااك."
قالت بنبرة حاسمة: "اي مكان بعيد عنك."
سحب يده من جيبه واشار بهدوء وهو يقول: "هناك اربعمئة سرير في هذه الجزيرة, وانا متاكد اننا نستطيع تامين واحد لك."
"قلت لك انني لم اعد ارغب في العمل عندك."
هذا ما فعلته,لكنني بدلت رايي الان, فلم لا تفعلين مثلي؟"
فتحت دافينا فمها واطبقته لمرات عدة قبل ان تتمكن من تنظيم افكارها, عملل راقبه بانتباه واضح, اخيرا قالت:
"هل تدعوني لاصدق انه من الممكن ان تبرهن انك لست اكثر رجل متفاخر ومزعج ومثير للاهانة قابلته في حياتي؟ او وغد بالكامل, ان اردت ان اعبر عن ذلك ببساطة؟"
ضحك واجاب بكلمة واحدة: "صحيح."
"لا..."
قال بقلق مفاجئ وهو يرفع كتفيه بتوتر: "اهه هيا سيدة هاستنغز, تقابلنا في ظروف خاطئة, الا يمككننا ان نتررك الامر على هذا النحو؟ هل تتوقعين اعتذارا مني؟ان كان الامر كذلك فأنا اعتذر..."
"لا تزعج نفسك..."
لكنه قاطعها فجأة بصوت اكثر حزما:
"اسمعي, ان كاان يجب ان تعلمي, يوجد فقط رجال قلائل يتحلون بالمناعة الكافية عند رؤيتك تتجهين نحوهم وانت مرتدية سترة وقميص بيضاء رطبة."
لمعت عيناه بمكر ما ان نظرت دافينا الى قميصها واغلقت سترتها على الفور, تابع باستياء:
"واعتتقد هذا امر طبيعي في الحياة, لكنني اعتذرت على ما قلته او مهما ترغبين في التفكير به, والامر الاخر الذي قلت فيه انك تبدين كممثلة افلام سيئة, لانك لا تبدين مطلقا كمدبرة منزل واستطيع ان اواجه اي شخص يحاولل ان يخبرني عكس ذلك."
تابع بلهجة لا تخلو من الغضب: "اذاً, اعترف انني اظهرت انزعاجي وبقسوة مما حصلت عليه وهذا ما استطيع فعله في الوقت الراهن ولست في خطر لاعتبارك كفريسة سهلة في منزلي, وهذا وعد."
واجهته دافينا: "ولماذا علي تصديق اي شيءء تقوله؟"
لكنها تفاجأت باحساس انها تستطيع ان تفعل, وتساءلت لم لأن كل ما قاله يحمل نبرة من الصدق, ربما؟ بعد ذلك ولتصبح الامور أسوأ, لم يزد السيد وارويك اي كلمة, لم يقل لها انها تستطيع ان تسأل ايا كان عنهز ببساطة وقف يحدق بها من دون اي اهتمام, لكن بفقدان صبر وتوتر خفي.
عضت دافينا على شفتها من الداخل واستدارت فجأة وهي تحرك راسها, لتتوقف فجاة زهي تحدق عبر الباب الزجاجي الذي يقود اللى موقف السيارات من الجهة الاخرى من المطار. توقف المطر وصفت السماء, فاتسعت عيناها وفتحت فمها بدهشة قبل ان تستدير وتقول للرجل الطويل بصوت مليء بالعاطفة:
"تلك الجبال, ما هي؟"
قال من دون ان ينظر او يفكر: "تلك الجبال ليدجبرد وغواور, لماذا؟"
قالت باهتمام: "هل تمانع ان التقطت لها صورا؟ مع مرور قوس قزح بينها؟ وهل هناك مكان استطيع التصوير فيه افضل من هنا؟"
تجهم وجهه وقال: "بالطبع, ولكن.."
"لا اعتقد انني رايت منظرا اجمل, فعندما لا اكون اعمل كمدبرة منزل انا هاوية تصوير بشكل قوي جدا, كما ترى سيد وارويك."
تابعت بقرار مفاجئ: "لاقول الصدق اشك كثيرا اننا نستطيع العمل معا وبأي شكل من الانسجام, لكنني اخشى القول انني لا استطيع مغادرة لوردهوواي بسرعة كما خططت, فانا بحاجة لاصور هذه الجبال. لذلك ان كنت تستطيع تأجيل هذا النقاش لفترة قصيرة, حيث يمكنك ان تاخذني الى مكان مناسب قبل ان يغيب قوس القزح, وساكون ممتنة لك."
تشكل تلك الجبال الناحية الجنوبية من الجزيرة, وهي ليست عالية كما يفترض بالجبال ان تكون, لكن ما تفتقده في الارتفاع تعوض عنه بطرق مختلفة, هذا ما اكتشفته دافينا وهي تقفز حافية القدمين في ارض رطبة, تصور الجبال المرتفعة في وسط البحر مع سماء داكنة وراءها وقوس قزح يمر خلالها, وكل انواع طيور البحر تزقزق في ذلك الوقت المتأخر من بعد الظهر. كل هذا في وسط المحيط وبعيدا مئات الاميال عن اي مكان اخر, شعرت وكأنها قبطان في قصة خيالية, ولم يكن ينقصها غير سفينة طويلة تقف عند رصيف البحر, كانت منشغلة تماما بما تراه وهي تصور, تنهدت عندما التقطت اخر صورة وادركت ان السيد وارويك يقف على بعد خطوات منها يراقبها باهتمام.
"اه شكرا لك, اصبح الضوء خافتا الان ولن التقط المزيد من الصور. اقدر لك احضاري الى هنا وربما تعتقد انني مجنونة."
وبدأت باعادة الكاميرا الى الحقيبة, ونظرت حولها باستغراب وقالت: "آه..."
قال بلهجة ساخرة: "كنت ستقولين وماذا الان؟"
ابتسمت بانزعاج وقالت: "اجل."
"ما رايك بتناول شراب ما؟"
"آه, انا.."
"لا تجادلي سيدة هاستنغز, افعلي فقط ما يطلب منك, فما زال امامنا حديثا لنكمله. واعتقد هذا اقل ما تدينين لي به."
ترددت دافينا, لكن ليس هناك اي شيء اخر تستطيع القيام به, فليس امامها الا هذه الجزيرة والمحيط, لذلك صعدت في الشاحنة القوية. لم يبتعدا كثيرا عن الموقع السابق, بل اتجها نحو سفح جبل ليدجبرد, مرا امام منزل صغير قبل ان ينعطف نحو طريق ضيق ليصلا الى عدد من المنازل في الوادي.
سألته: "هل هذا المكان مأهول في الجزيرة؟"
"نعم انه كذلك."
"انه مهجور جدا."
"ستحتاجين الى عشرين دقيقة على الدراجة لتصلي الى مركز الجزيرة للتسوق."
لم تقل دافينا شيئا وتبعته عبر طريق قصيرة محاطة بالاشجار نحو المنزل الرئيسي. اعترفت انه منزل جميل بني من اغصان الشجار من طابقين وسطح منحدرز لاحظت ايضا ان الباب الامامي غير مقفل, شهقت من السعادة ما ان رات منظرا اكثر جمالا على رغم النور الخافت للجبال التي صورتها سابقا.
قال: "هذا هو السبب الوحيد لاختياري هذا المكان."
انتظر للحظات قبل ان يضيء الغرفة وهكذا لم تعد المناظر في الخارج بارزة للعيان بوضوح.
قالت بهدوء: "فهمت."
ونظرت حولها غير قادرة على اخفاء تاثرها بجمال المكان, هناك درجتان الى اسفل تقود الى غرفة جلوس واسعة حيث جدرانها نوافذ تشرف على المناظر الراائعة, وكلها محاطة بخشب سميك مع ارضمن خشب مشع براق, على زاوية واحدة وضعت ثلاثة مقاعد طويلة مفروشة بوسائد منتفخة وفي الوسط طاولة من زجاج واطارها من حديد, غطيت الوسائد بقماش ذات لونين زهري واخضر, في الاتجاه المقابل وضعت طاولة طعام وهي ايضا من زجاج حولها ثمانية كراسي, ووزع عدد من الطاولات عليها مصابيح من حديد والوان مختلفة, كما وضعت المقاعد الصغيرة فوق سجادة جميلة, وبدا لها كل ما في المكان انيق مريح وفيه متسع للجميع.
رفعت نظرها فرات ان الطابق العلوي على شكل دائري, فعلمت ان غرف النوم في الاعللى وكانت تبحث عن الدرج المؤدي اليها عندما قال:
"اجلسي سيدة هاستنغز, ماذا ترغبين ان تشربي؟"
ترددت وقالت: "حسنا اريد كوب مياه معدنية وقليل من عصير الحامض."
ابتسم وقدم الكوب: "لكنك ما زلت غير واثقة بي."
حدجته بنظرة معبرة وعبرت الدرج نحو قاعة الجلوس وقالت من وراء كتفها:
"لا, وان كنت تسل ان كنت ساعجب بك يوما فأنا اشك بذلك ايضا, سيد وارويك."
اجاب: "حسنا لن اقلق بشأن ذلك. لن تكوني بمفردك ولن نرى بعضنا كثيرا."
رفعت دافينا راسها ثم نظرت الى المنظر امامها.
قال: "هلل يمكنك ان تخبريني ماذا قصدت بقولك انك مصورة عندما لا تعملين كمدبرة منزل؟"
شربت دافنا القلييل من الكووب واجابت: "اختيار سيء للكلمات لكن ما قصدت قوله ان التصوير هي المهنة التي احبها, لكن لا استطيع جني المال منه, لذا من وقت لاخر اقوم باعمال اخرى, وانا ماهرة في ادارة المنزل, وهذا عمل مثالي. كما والا تقلق بشان قيامي بوظيفتين, فانا مختارة من قبل الوكالة والتي لديها معايير حازمة جدا وقد عملوا على التاكد من مهارتي من اصعب عمل الى الاسهل, لذا يمكنك ان ترتاح كما وانني حائزة على شهادة جامعية في اعداد الطعام, هل هذا كاف سيد وارويك؟"
جلس براحة ورمقها بنظرة معبرة وقال: "اذا قررت ان تقبلي العمل في النهاية؟"
رمته بنظرة باردة واجابت: "لا لم ابدل رأي بعد, انا كنت احاول ان اثبت انني اهل للثقة ومحترمة."
قال بشكل متعمد: "ما زال ذلك امرا غريبا, كما ويبدو انه نوع فريد للعيش, وكيف حدث ذلك؟"
قالت بلا اهتمام "هذه هي انا, على ما اعتقد."
رفع حاجبيه وسأل: "كما وان هناك قفزة بين التصوير وشهادة جامعية في اعداد الطعام."
لم تجب بل تابعت تناول كوبها. اكمل قائلا:
"وكيف, انت مصممة انك سيدة متزوجة ولا تضعين في اصبعك خاتم زفاف؟"
"اعتقد قلت لك, هذا امر لا يعنيك."
اقترب من حافة المقعد وقال: "حسنا قد لا يعنيني, لكن هل كنت عملين وانت متزوجةو ام ان هناك اسباب تفضلين الاحتفاظ بها لنفسكز"
ابتسم قبل ان يتابع: "وقد يكون ذلك من الامور التي تعنيني ايضا."
لا استطيع ان ارى السبب."
"|ساقول لك السبب, لانك ان اخطأت في تقديم نفسك في امر ما فقد تخطئين في امر اخر, عللى الرغم من مدح الوكالة بعملك."
ابتسمت دافينا وقالت: "ما زلت لا ارى كيف سيؤثر ذلك في عملي لديك وفي الحقيقة, انا لا ارغب في العمل لاحمي نفسي منك..."
"من كل الرجال العازبين في اجزيرة؟ هل هذه هي المسألة؟"
حدقت بغضب وقالت: "لسوء الحظ لا."
مدت يدها الى حقيبتها واخرجت منها خاتك زفافها ووضعته في اصبع يدها اليسرى وتابعت هذا هو دليل زواجي, وان كنت على حق في امر ما سيد وارويك, انني لست متزوجة الان, لكنني صادقة ان قلت انني سيدة ولست انسة, كما وانني استعمل عادة خاتم الزفاف عندما اذهب الى مثل تلك الاعمل ان كنت في حاجة الى الحماية."
"لكنك لا ترتدين الخاتم دائما؟"
"وكيف علمت ذلك؟"
"لاحظت ان اسمرار بشرتك عادي حتى تتحت اثار الخاتم, هل نسيت ان تضعيه؟"
"اجل هل يمكنك ان تتوقف عن ذكر هذا الموضوع؟"
قال بكسل: "لماذا؟ من المؤكد يمكنك ان تخبريني ان كان متوفيا او ما زال على قيد الحياة او انك مطلقة."
"حسنا انني مطلقة."
"لماذا؟"
حدقت دافينا بخاتم زفافها, وعلت وجهها جمود قاتل, ولم تدرك كم بدت عيناها حزينتان ومليئتان بلمرارة وهي تقول:
"ان كنت حقا تريد ان تعلم, كان يرى انني باردة ومن بين اشياء كثيرة غيرها."
وضعت كوبها على الطاولة وتابعت:
"سأرحل الان واكره ان ازعجك اكثر من ذلك, لذلك ان طلبت لي سيارة اجرة ساكون ممتنة لك."
فكر للحظة قبل ان يقول: "لسوء الحظ سيدة هاستنغز انا غير قادر على القيام بذلك."
ارتفع صوتها وقالت بانزعاج: "ولم لا؟ اسمع سيدي انا..."
اجاب بهدوء: "فقط لان ليس هناك سيارات اجرة في هذه الجزيرة."
نهاية الفصل الاول
قراءه ممتعه
شوفوني التفاعل حتى انزل البارت الثاني
أنت تقرأ
المستبد روايات عبير (دار النحاس) منقوله من منتديات رواياتي
Romance"لم اقابل امراة لا استطيع العيش من دونها." لكن هذا لا يعني ان ستيف وارويك لا يهتم بالنساء على العكس تماما, لقد اوضح لدافينا ومنذ اللقاء الاول انه معجب جدا بها. اما دافيناا فقد كاننت منشغلة بامور اخرى, واخر ما تحتاج اليه هو التعرف على رجل قاس متفاخر...