الفصل الخامس
من الوضح ان وجبة الغداء كانت شهية جدا.
اعتذرت دافينا عن الدعوة للانضمام اليهم قائلة انها تناولت غداءها, وشعرت ان السيدتين وارويك جائعتين لدرجة انهما توقفتا عن الشجار اثناء تناول الطعام. بعد ذلك صعدت لويتا الى الطابق الاعلى لترتاح قليلا كما قالت. اما لافينيا فاستقلت الجيب لزيارة صديق, دعت كانديس لمرافقتها فرفضت بشدة, وهكذا تركتها جدتها وهي تنظر اليها بحزن وغضب.
بعد مرور نصف ساعة, لاحظت دفينا مزاج كانديس السيء, وقررت انه ربما حان الوقت لتتصرف كحاضنة اطفال.
سألتها: "هل احضرت معك اي نوع من الالعاب كانديس؟"
"مثل ماذا؟"
"السلم والحية, مونوبولي, اعتقدت اننا نستطيع اللعب معا."
قالت كانديس بسخرية: "كبرت كثيرا على اللعب بالحبة والسلم, كما واني لا احب اللعب مع الكبار, لا احب الكبار ابدا, ان اردت ان تعلمي ذلك."
"هكذا اذاً؟ اه, حسنا لكن لدينا اشياء نحبها واشياء لا نحبها على ما اعتقد."
لمعت عينا كانديس بالاهتمام من وراء نظارتيها وسألت: "الا تمانعين ان كنت لا احبك؟"
قاالت دافينا بمرح: "لا على الاطلاق." وسارت مبتعدة.
بعد مرور عشر دقائق دخلت كانديس غرفة غسل الملابس حيث كانت دافينا تنظف حذاءها الرياضي, محاولة ان تنزع الوحل الذي التصق به في جبل ليدجبرد, وسألتها ما الذي تفعله.
شرحت لها دافينا ماا حدث.
"حسنا عندما تنتهين اعتقد ان بامكاننا ان نلعب بأي شيء."
وتابعت كانديس بفظاظة: "فليس لدي ما افعله ووالدتي ستنام لساعات الان, لانها تقول انها من الناس الذين يسهرون في الليل."
لم تعلق دافينا بل نظرت الى حذائها بانزعاج وقالت: "اعتقد انه لن يصلح ثانية."
وضعته جانبا واكملت: "لم لا نذهب للسباحة بدلا من عملي هذا."
لمعت عينا كانديس من جديد واجابت: "ستيف هو الشخص الوحيد الذي يأخذني الى السباحة, ذلك عندما يستطيع الابتعاد عن عمله, والدتي لا تسبح وجدتي تقول انها كبيرة جدا على السباحة. تستلقي والدتي على الشاطئ كثيرا, لكن من اجل ان تصبح سمراء البشرة وتجذب عيون االرجال حولها, لكن من الصعب ان تضع نفسها في الماء, لذا انا لا اجيد السباحة."
اجابت دافينا: "حسنا انا اجيدها."
"وستأتين معي على الفور؟"
"منذ اللحظة."
"حسنا اذا كان هذا ما تريدينه."
ذهبتا الى شاطئ نيد لمدة ساعة او اكثر اصبحت كانديس كي فتاة صغيرة عادية, تضحك وتصرخ من الفرح وهي تتمسك بدافينا اثناء اطعام السمك الذي اقترب منهما ما ان دخلتا الماء, ثم اعطتها دافينا بعض الدروسعن السباحة بطريقة مبسططة, فهذا الشاطئ هادئ ومحمي بعكس بلنكيز. ثم انتعلتا احذيتهما وذهبتا لرؤية مجموعة من الطيور تعيش بين الصخور تحت تلال مالابار من الناحية الشمالية للشاطئ.
"امر مذهل كم نستطيع الاقتراب منها, أليس كذلك؟"
قالت كانديس بحماسة: "يا للهول, هناك المئات منها."
تأوهت دافينا بحزن: "كان علي احضار الكاميرا."
تناولتا المثلجات في طريق العودة وفي اللحظة التي نزلتا فيها عن دراجتيهما للسير صعودا الى التلة الاخيرة, اوقف ستيف واروويك شاحنته وراءهما.
"مرحبا, ما كنت لاحضر في وقت افضل, ما الذي كنتما تفعلانه معا؟"
اخبرته كانديس بحماسة كل ما حدث وهو يرفع الدراجتين ويضعهما في صندوق الشاحنة, راقب وجهها الصغير المتوهج للحظة ثم رفع حاجبه نحو دافينا وقال:
"لقد احسنت صنعا مما يبدو لي بوضوح سيدة هاستنغز شكرا لك."
سألت كانديس وهي تصعد الى المقعد الخلفي: "وماذا تعني بذلك؟"
اجاب وهو ينطلق: "لا شيء على الاطلاق."
لم تقل دافينا كلمة.
وما ان صادفت كانديس جدتها حتى اخبرتها عما شاهدته وفعلته بذات الحماسة وهذا ما دفع السيدة لتنظر الى دافينا باهتماام واضح.
ربما هذا السبب الذي جعلها تفشل في التهرب من دعوة العشاء التي وجهت اليها فيما بعد.
قالت لافينيا بثقة ما ان دخلت الى المطبخ قبل عشر دقائق من الوقت الذي تقدم فيه دافينا الطعام:
"اصر على الانضمام الينا دافينا."
شكرا لك, لكن..."
"لكن ليس هناك لكن عزيزتي, انا ايضا امرأة تعرف تماما ما تريده, لذلك سأضع طبقا اضافيا على الطاولة."
فتحت االجارور لتأخذ ما تحتاجه مثل ملعقة وشوكة وسكين واضافت:
"هل ذكر ستيف انه يريدك ان تتناولي طعامك على حدة؟""لا, هذا قرار خاص بي سيدة وارويك, لدي بعض العادات المحددة والمتبعة اثناء قيامي بعملي, هذا الامر واحد منها."
زفرت لافينيا باستياء قائلة: "اذاً سأطلب منه ان يطلب منك بنفسه القيام بذلك."
سأل ستيف وهو يدخل المطبخ: "اطلب منها ماذا؟"
وضعت جدته يديها على وركيها وقالت:
"هذه الفتاة السخيفة تصر على ان تأكل بمفردها, وانا قررت ان لا اسمح مطلقا بسماع ذلك."
"انها مدبرة المنزل, ومن المحتمل انه امر عادي بالنسبة لمدبرات المنزل ان لا.."
قاطعته لافينيا قائلة: "هناك انواع مختلفة من مدبرات المنازل, ومن الواضح تماما لي ان دافينا من افضل نوع, لكن ضع هذا الامر جانبا وقل لي من يتحدى اوامري هنا؟"
تمتم ستيف: "انا ببساطة. اتوافقين مع ما تقولينه عزيزتي." استدار قائلا الى دافينا والمرح باد على وجهه: "الامر عائد لك."
"كيف يمكن ان تكون بكل هذه البرودة ستيفن, قل لها ان تاتي."
ظهرت ابتسامة في عينيه وقال: "دافينا, هل يمكنك ان توافقي لتنقذيني من هذا الشجار الذي لا طائل منه؟"
تنفست دافينا بصوت مسموع وقالت: "حسنا."
"هذه هي فتاتي." استدار لمواجهة جدته وسألها: "سعيدة الان؟"
"بدون اي شك, مع اني لا ادري لم احتجت لكل هذها العناء..."
قاطعها وهو يمسك بيدها ليخرج من المطبخ: "تعالي لنشرب شيئا ما."
تمتمت دافينا بينها وبين نفسها: "لماذا يراودني شعور انني اعمل في منزل للمجانين؟"
"ربما لاننيي انا واياك الشخصين العاقلين في هذا االمنزل."
قفزت دافينا ووجدت ستيف يقف وراءها تماما.
قاللت بغضب متوتر: "لماذا تستمر بالقيام بذلك؟"
"اتي لاحضر بعض العصير ولم اكن اتجسس عليك, اذا كان ذلك ما تفكرين به, لكن تعلمين, انني اثنيت على ما فعلته مع كانديس بعد ظهر هذا اليوم, ويمكنني ان اقول الان ان الانطباع الذي تركته لدى جدتيي امر مثير للانتباه. كيف تمكنت من القيام بذلك؟" نظر اليها وعيناه تلمعان بمكر.
"يبدو انها تعتقد ان لدي افكاري الخاصة وشخصيتي الخاصة, هذا امر تعجب به في شخصية اي كان على ما يبدو."
"حسنا يبدو انها محقة في ذلك, ويمكنني ان اشاطرها الراي." تابع بجدية: "لكن لدي احساس ايضا انها لو علمت كيف تفكرينن بشأن امور اخرى بانها ستبدل رأيها بشان كثير من الامور."
قطبت جبينها وسألته: "ما الذي تقصده؟"
قال بصوت عميق: "اعتقد ساترك لك وحدك تفسير ذلك سيدة هاستنغز, اررى انك لا تضعين خاتم زواجك, هل تم ذلك بالصدفة؟"
نظرت دافينا الى يدها وقالت: "لا... انا.... لا."
"حسنا هذا يعني وكأنك ترميين بالهر بين الحمام, لكن من يعلم؟" ثم فتح البراد ليأخذ ابريق العصير وخرج من المطبخ.
حدقت دافينا فيه, وهزت راسها باستغراب من جديد وهي تفكر, انه منزل للمجانين وهنك امر اخر انت مخطئ بشانه, قد اكون الانسانة الوحيدة العاقلة في هذا المنزل
***************-
الايام القليلة التالية اثبتت لدافينا عددا من الامور, ففي حين انها لا تستطيع اتهام لوريتا بأنها ام فاشلة, لانها بدون شك لا تتحمل مسؤولية, لانها لا تدرك انها وضعت قوانين, فهي بحاجة لتلتزم بها مع كل نتائجها, او هكذا بدا لدافينا, فكثير من نوبات الغضب التي تنتاب كانديس سببها الارتباك, وكما بدا لها, ان لافينيا تساعد على اذكاء تلك النوبات بدون ي خجل. لكن هناك حب كبير للصغيرة, اما بشأن العداوة بين السيدتين. فلا يبدو ان لوريتا تنزعج كثيرا من ملاحظات حماتها فهي دائما ترد عليها بنبرة كسول وحاسمة.
لكن مع مرور الايام شعرت دافينا ان وراء ابتسامة لوريتا الهادئة وولعها في ترفيه نفسها ذكاء وقدرة لا مجال لانكارهما, واحيانا تسعد ستيف وحيانا تثير غضبه, لكن ليس هناك اي تصرف منها ينبئ انها تهتم له وكأنه ليس بأخ ابنتها.
وهكذا تمكنت دافينا من ادارة شؤون المنزل بنجاح, وعملت على السير عبر حقل الالغام للافينيا ولوريتا بانتزاع كانديس من ايديهما كلما تمكنت من ذلك, اخذتها ذات مرة اثناء قيامها بالتصوير, حيث ذهبتا الى مالابار لتصوير العصافير والى مستنقعات بلنكيز والى الممر الذي يفصل الجبل عن المياه, هناك تزلجتا على الماء ونظرتا الى الاسماك الرائعة الجمال, وهذا ما جعل دافينا تتمنى لو انها تملك كاميرا للتصوير تحت المياه. احيانا كانتا تنزلان عن دراجتيهما تجلسان على العشب الكثيف للنظر الى الاماكن الرائعة وتتنشقان الهواء المنعش.
علمت دافينا خلال تلك الايام ان لافينيا تحاول وبكل ما لديها من قدرة لتعلم عن ماضيها, كما وانها كانت حذرة في سرد معلوماتها, وهكذا, ومن دون ان تعلم دافينا كيف فعلت ذلك, علمت لافينيا في اية مدرسة تعلمت واعجبت انها امضت ستة اشهر في بلدان مختلفة مع امها ما ان انهت دراستها, كما وانها اعجبت بتعلمها لاعداد الطعام ومعرفتها المحدودة بعالم التصوير, كما وانها تمكنت من معرفة ذوق دافينا في الموسيقى والادب والفنون, ومعلومات عن اصدقائها وارائها, وذكرت مرة انها دون شك تلقت اي دافينا كل عناية واهتمام في تربيتها, وانها تملك كل الامكانيات لتكون امراة مميزة ولديها قدرة مذهلة على التعامل مع الاخرين. لكن بعيدا عن بعض التسلية الكبيرة لان لا وقت لديها, كما وان كثيرا من افكارها منشغلة بستيف, ولخيبة املها وجدت انها لا تستطيع القيام باي شيء حيال ذلك.
وعلى ما يبدو فقد التزم بما قالته له وهي تشعر بالرعب لانها تجد نفسها تتذكر ما قاله عنها, وان كانت فعلا كما قال؟ لكنها تجد انها لا تنسى ما شعرت به بين ذراعيه, خاصة وانها تعيش معه في ذات المنزل وتواجهه عدة مرات في النهار الواحد, لذا لا تستطيع ان تحرر نفسها من الاحساس به, وكانت دائما تامر نفسها بالتوقف عن التفكير به. لكنها وجدت نفسها تفكر به اكثر من مرة. خصوصا عندما عاد ذات يوم وهو يحمل سلة من السمك الكبير. كانت امسية جميلة, فألغت ما خططت له من اعداد للعشاء, وعملت على اعداد السلطة وتحضير السمك بكل ما لديها من منكهات خاصة به, فيما عمل ستيف على اعداد الشواء.
تناولوا العشاء الشهي تحت الشرفة الخشبية, ولأول مرة بدا ان لوريتا ولافينيا قادرتان على تحمل وجودهما معا, طلب ستيف من كانديس ان تساعده في عملية طهي السمك. لكن دافينا راودها شعور غامض بالهدوء حولها, ودورها غير المهم في كل ما يجري. رافقها هذا الشعور طوال الامسية, ولحسن الحظ لم يلحظ احد ذلك حتى عندما نهضت لتنظف المكان, مع ان كل شخص ساعد بدوره. لكن كانت الاخيرة التي توجهت للنوم, او هذا ما فكرت به وهي تتمهل بالسير في المطبخ الهادئ النظيف وهي تغادر, لانها لم تكن قادرة على مواجهة الاحساس بالوحدة في جناحها.
في تلك اللحظة دخل ستيف, رفع حاجبه متسائلا, فظنت انه علم بما تفكر به, بأنه الوحيد الذي ما زال مستيقظا, قال بصوت هادئ:
"ما زلت هنا دافينا؟ علي ان ادفع لك المزيد مقابل ساعات العمل الاضافية."
غضبت من نفسها لانها علمت انها غير قادرة على الحركة فقلبها يخفق بعنف من شدة الشوق, كما وانها تتذكر ملمس يديه على بشرتها.
قال: "هل هناك شيء ما؟" ورمقها بنظرة حادة ملاحظا شدة ارتباكها.
قالت بصوت عميق: "لا." واستدارت محاولة الذهاب مضيفة: "لا, لا شيء. عمت مساء."
اجاب: "عمت مساء دافينا."
مع انها لا تستطيع تحديد ماشعرت به, لكن شيئا ما في نبرة ثوته جعلتها تعلم انه علم ما تشعر به.
اقفلت على نفسها داخل جناحها ولم تعلم السبب, وضعت يديها على وجهها محاولة ان تبعد ستيف عن افكارها, لكن هذا لم يحدث, فما زالت تذكر عناقهما على الشاطئ ولمسة يديه. ابعدت نفسها عن الباب وذهبت لتستحم وهي تتساءل كيف ستتمكن من تمضية يوم واحد بعد, كيف ذلك وما زال امامها واحد وعشرون يوما.
انقذت نفسها في اليوم التالي ومن قبل ستيف وارويك بمزاجه السيء. بدأ كل ذلك عندما تعطلت احدى سفن السواح في البحر بسبب خطأ الربان وكان عليهم ان ينقلوا المسافرين الى قارب اخر وان يتم جره الى المرفأ.
وعلى الرغم من انه لم يتعرض احد لاي خطر, فقد كان هناك عدد من القوارب في المكان وحضر قارب الانقاذ بسرعة فصوى, لكن غضبه كان هائلا.
عندما اتى الموظف السيء الحظ لديه الى المنزل ليقدم تقريره, كانت دافينا تعد قالب حلوى والبسكويت, لم تستطع الا ان تسمع كيف شرح له ستيف بنبرة حادة وباردة لم تسمع مثلها من قبل, ان حقيقة ان كل مسافر بخير ولم يصب احد بأي اذى لا تعني له, لان المصيبة التي حدثت قد لا تفسد عمله فقط بل ايضا سمعة الجزيرة كمكان رائع لامضاء اجازة مميزة, وهذا ما يهمه. وتابع على هذا المنوال.
عندما تمكن الرجل المسكين اخيرا من المغادرة وهو يتعثر من شدة الارتباك والشحوب, لم تستطع الا ان تشعر بالتعاطف معه, ربما لانها تعرف ما معنى ان تكون محط غضب وسخرية ستيف وارويك. لم تحلم حتى بالقول مثل هذا الكلام, لكن عندما استمر غاضبا محاولا فرض ما يشعر به عليهن, تدخلت وبدون قصد منها.
كان الطقس رطبا وملبدا بالغيوم, لذلك قررت ان تعد الشاي والحلوى في وقت ابكر من المعتاد.
تذوقت لافينيا قالب الحلوى, واعلنت كم هو شهي ويذوب في الفم وانهت:
"لا بد ان ستيف سيرغب بقطعة من هذا." لانه بقي في مكتبه ولم يغادره ابدا.
نظرت اليها لوريتا باستياء وعلقت: "اذا سنصوت ان تاخذيه له بنفسك لافينيا."
نظرت اليها ببرودة لكن اجابت: "اعتقد ان علينا ان نبني بعض الجسور معه."
وقبل ان تعلم دافينا لانها ذهبت لاحضار المزيد من المياه الساخنة, وجدت نفسها ترسم جسرا صغيرا بناء على طلب كانديس وعندما سالت عن سبب اهمية الجسر, علمت ما يجري.
قالت بتحد واضح الى لوريتا ولافينيا: "شكرا, لكن ان اردتما رايي, اعتقد ان عليكما تركه وشانه."
تمتمت لوريتا: "اه, لكن لافينيا تعتقد ان قالب الحلوى هذا قد يخفف من شدة غضبه."
فتحت دافينا فمها لتقول ان لديها سبب كاف لتبقى بعيدة عنه مئات الاميال, ولاسباب لا علاقة لها مطلقا بمزاجه النكد اليوم, لكنها لاحظت الفضول والاهتمام في عيونهما, فلم تعلق, بل وقفت بشكل مستقيم قبل ان تذهب وتحضر صينية صغيرة بكل ما لديها من قدرة لتبدو عملية وهادئة.
"ما هذا؟"
اجابت دافينا بتهذيب: "شاي بعد الظهر." رغم لهجته الحادة مع انها تاثرت قليلا بخطوط التعب على وجهه ما ان رفع راسه لينظر اليها, ولم تستطع الا ان تضيف بدلا من ان تترك الصينية وتغادر:
"اعتقدت جدتك انك سترغب بقليل منه."
"حسنا لا تهتمي مطلقا بما تقوله بالمستقبل دافينا, ساخبرك بما ارغب وبما لا ارغب, يمكنك ان تاخذي الصينية معك, فاخر ما اريده الان هو الشاي."
شعرت بالغضب يسيطر عليها لانها اجبرت على القيام بهذا العمل رغم علمها بما سيحدث, ومن اجل ذلك قالت بلطف:
"الا تتصرف بصبيانية سيد وارويك, ولا واحدة منا عطلت لك القارب....؟"
اجاب على الفور وبتعال: "الا تحملين نفسك الكثير سيدة هاستنغز؟ فانت مجرد مدبرة منزل, كما تصرين دائما على تذكيري؟"
وبارادة كبيرة جدا حدقت به بعداء وضح, شعرت بتوهج وجهها بسبب اهانته الساخرة, لكنها فعلت الشيء الوحيد الذي تستطيع القيام به, استدارت لتغاجر وتركت الصينية مكانها, لكن تمكنت ان تبدو هادئة وهي تسير عبر غرفة الجلوس.
سالت لوريتا: "لم تكن بفكرة جيدة؟"
اجابت بفرح وفكرت بنفسها انها تستحق جائزة على اجادتها التمثيل:
"اجل. فما زال يتصرف كطفل مدلل, علينا تحمل ما يجري حتى يتحسن مزاجه."
حدقت لافينيا بها للحظات ثم قالت:
"يملك طبعا مزعجا جدا في بعض الاحيان, لكن ما ان ينتهي مما يشعر به تنتهي المشكلة, فهو لا يحمل اي احقاد."
"اه, انا افعل" هذا ما فكرت به دافينا في وقت لاحق, ولحسن حظها انها عادت تكرهه كالسابق. توقعات لافينيا كانت صحيحة. ففي اليوم التالي عاد الى طبيعته, مع انه لم يعتذر لاحد, لكن عند العشاء انفجرت قنبلة جديدة
بدا العشاء بشجار وصراخ, فقد ارسلت لوريتا كانديس لتبدل ثيابها وترتدي فستانا بدلا من القميص التي ارتدتها فوق ثوب السباحة, هذا ما دفع كانديس لتقول لوالدتها انها تكرهها, مما دعا لافينيا للتعليق ان من اعمال لوريتا ان ترعى طفلتها الوحيدة وان تتاكد انها بثياب لائقة قبل ان تاتي لتناول الطعام.
لكن في اللحظة التي بدا وكأن الامور ستصبح بعيدة عن السيطرة وصل ستيف, الذي تاخر بسبب اتصال هاتفي, استوعب كل ما يجري بلحظة وقال بحزم وهدوء:
"ستفعلين كما طلب منك كانديس, وانتما ستتوقفان عن المجادلة لانني اكاد افقد صبري, لذا احذركما معا."
امتثل الجميع لما طلب منهن, وقدمت دافينا الدجاج الشهي المطهو مع البرتقال والموزع فوق طبق من الارز الابيض.
قالت لوريتا باعجاب ما ان تناولت نصف ما وضع في طبقها: "انت طاهية ماهرة بالفعل."
قالت لافينيا بخشونة: "علي ان اوافقك الراي."
تمتم ستيف: "اعجوبة تتحقق."
سمعته دافينا فقط التي كانت تجلس قبالته, كما وانه ابتسم لعينيها ابتسامة صغيرة اختفت قبل ان تلاحظها اي امراة اخرى, او على الاقل هذا ما تمنته دافينا لانها شعرت وكانها اصيبت بتيار كهربائي
أنت تقرأ
المستبد روايات عبير (دار النحاس) منقوله من منتديات رواياتي
Romance"لم اقابل امراة لا استطيع العيش من دونها." لكن هذا لا يعني ان ستيف وارويك لا يهتم بالنساء على العكس تماما, لقد اوضح لدافينا ومنذ اللقاء الاول انه معجب جدا بها. اما دافيناا فقد كاننت منشغلة بامور اخرى, واخر ما تحتاج اليه هو التعرف على رجل قاس متفاخر...