_كرستوفر.. قالت ريبيكا بصوت هامس ممزوج بالتأوه, تمشط شعره كستنائي اللون بين أصابعها الممشوقة بينما يمطر رقبتها بوابل من القُبلات الحارة الناعمة ليسري شعور الرغبة و الخدر على طول حبلها الشوكي, يحترق جسدها, ينصهر بين ذراعيه, تذوب كل ذرة من جسدها بلمسات يديه, تجف شفتيها لينتهز الفرصة بأرتشاف رحقيهما فيسقيها, عنيدة و مستبدة تلين في أحضانه, بقبلاته ينصهر مابينهما من جليد, تصمت كلماتها الجارحة عن شق كل مكان باقٍ في قلبه, تضمد جراحه لمساتها, كلماتها, حروف أسمه التي تفارق شفتيها...
أنه العاشق المجروح الذي بيحث عن دوائه, شخص الكثيرون داءه ليقول البعض أنه كثير الحصول ولن يكون هو آخر أنسان ولا أولهم ليواجه المشكلة عينها.. لوهلة ظن أنها هي.. كانت هي ثم تبدل كل شيء, ليست هي!! يحفظ كل تفاصي وجهها كل بقعة من جسدها, ليس هذا عبير رائحتها.. غير قادر على التغلب على شعور القرف و الرغبة في التقيؤ لما فعل للتو أبتعد مفلتاً أياها على أغطية الفراش الناعمة ليجلس على طرف من السرير, واضعاً وجهه في كفيه فيهمس بصوتٍ غاضب: غادري رجاءً!
_ولكن .. لمست بيدها كتفه في محاولة منها لتهدئته
_كلا ريبيكا غادري. كرر طلبه دون ألتفات ,أبعد بذراعه الأغطية عن جسده لتستقيم جلسته فيسحب حزام بنطاله الجينز ليغلقه.
_حسناً.. أحاطت جسدها العاري بأحد الأغطية, أخذت تجمع قطع ملابسها المتناثرة على الأرض بين ذراعيها و الدموع تحتبس في عينيها ثم أسرعت باكيةً الى الحمام.
كم قلباً سَيكسر؟ هل من العقل أن يَكسرَ ذوي القلوب المحطمة الناس ليشعروا بالراحة؟
مد كرس ذراعه الى المنضدة ليأخذ زجاجة المشروب الفاخرة بين أصابعه فيأخذ الجرعة تلو الأخرى؛؛ تاركاً الشراب يحرق فمه, لسانه و الطريق الى معدته؛؛ قبل أن يعيدها صافقاً قاعدة الزجاجة بقوة على المنضدة. الأمر يزداد سوءً فبعد مرور هذه الأيام الطوال لم يتغير شيء أنها تسكن واقعه و أحلامه, أنه عليل.. ولكن علة جسده و قلبه الذي يأبى أخراجها من داخله.
أيمي ساندرز, الحسناء ذات ال25 ربيعاً تفني سنواتِ شبابها الجميلة منهمكة في العمل لحساب شركة الأستيراد و التصدير الفتية (آيفنز) لصاحبها العجوز لاين و حَفيدهِ كرستوفر آيفنز, كمساعدة لمدير فرع بوسطن في الولايات المتحدة يتطلب العمل البقاء حتى ساعات متأخرة من كل يوم في غرفة مكتبها للتأكد من سير كل شيء بسلاسة في اليوم التالي و دون أن تخضع للسؤال و التوبيخ من قِبله.
في الأيام القليلة الماضية أجبرت أيمي كل خلية في جَسدها على تفجير طاقاتها لتنهمك و تنغمس في ذروة العمل أكثر فأكثر, أنه الألم, الواقع الذي نَفلتُ منه دائماً دون مواجهة ليَعود ألى مواجهتنا يوماً ما ولكن حتى ذلك اليوم و كما تعتقد في أيمي فأنها ستعيش كل يوم بيومه لا شيء آخر, ستنسى لتتعلم من خطاياها.. ستنسى قُبلاته, همساته, دفئ جسده.. "كلا!!" همست أيمي لنفسها, لقد عادت للتو الى التفكير فيه, لعل هذه هي سخرية القدر أو لعنةُ الحياة على قُساة القلوبِ من البَشر.
قررت أيمي مفارقة المكتب قليلاً للحصول على بعض القهوة, تلامس أطراف أصابعها شعرها الداكن فتلقي بهِ عن كتفها, سارت بخطى متثاقلة نحو الباب كل ما يمكنها سماعه هو كعبها الذي يلامس الأرض الرخامية و صوت أجهزة الأستنساخ و الطبع في هذا الطابق من الشركة, كان الرواق هادئاً مرت قاطعة الطريق أمام باب المدير المطلة على الرواق و غرفة مكتضة بالموظفين على الجهة المقابلة لتتوقف عندما تلمح بنظرها تواجد هيلينا.. تقترب من أطار الباب الخشبي فتمسك به متكئة بثقل رأسها عليه, لم تلحظ هيلينا وجودها فهي منهمكة خلف شاشة الحاسوب حتى أذنيها.
_هيلي.. هل ستغادرين قريباً؟ عضت أيمي على شفتها بتساؤل..
_قريباً, بعد قرابة 15 دقيقة. قالت هيلينا دون أن ترفع عينيها من شاشة حاسبها.
_حسناً أذاً, أنت تعلمين ما عليكِ فعله.. تنهدت أيمي بتعب
_أجل, أجل.. سأحضر فستان السهرة خاصتي لا تقلقي,سيكون عندكِ صباح الغد.
_أشكرك, أنتِ منقذتي.. قالت بصوت يدل على الفرح و العرفان.
_لا بئس, فقط أنتبهي ألى ما يقوله المدير ليمر لقاء فروع الشركة السنوي غداً..
_أعلم.. أبتعدت أيمي عن الباب لتقصد أستراحة موظفي الشركة.
أخرجت كوبها الخاص من الدُرج و أدارت آلة القهوة لتغلي, أخذت نفساً عميقاً وهي تنتظر أن يمتلئ كوبها بالقهوة, تستنشق رائحتها بالأقتراب من بخار القهوة المنسكبة و الذي يتصاعد حتى أنفها فتيقض الخلايا النعسة في دماغها.
أيقضتها الجملة التي قالتها هيلينا للتو, ملتقى سنوي!!! ملتقى سنوي أيتها الحمقاء! سيأتي!! لا يمكن لذلك أن يحدث!
قُبيل أن تُحكم قبضتها على كوبها تأرجح الأخير ليصطدم بالأرض فتجفل أيمي لصوت أنكساره و أندلاق بعض القهوة الحارة على بنطالها, لم تتمكن من الصراخ سوى الركض الى صنبور المياه و دعك ما سقط منها على الجينز باللون الثلجي.
أسرعت هيلينا التي كانت تهم بالخروج الى حيث تقف أيمي, مندهشة توجهت بحذر نحوها متجاوزة قطع الزجاج الكبيرة لتتكسر الصغيرة منها تحت حذائها, تلمس كتفها بحذر.
_هل أنتِ بخير؟
أستدارت أيمي وهي تمسح بظهر كفها الدموع المنسابة من عينيها فتحتضنها هيلينا بقلق : لستُ كذلك, لا أريد الذهاب غداً..لا أريد ذلك.
تعلم هيلينا بما حصل قبيل شهر و قبل أنتقالها برفقتها الى فرع بوسطن من فيينا, بالرغم من كونها حادة و خيارتها ذات حدين الأ أنها لا توجه الأنتقادات لتصرفات أيمي الطائشة فهي تؤمن بمبدأ التجارب و أن الخطأ و الشعور بالذنب هو ما يميزنا و ما يجعل تجربتنا في الحياة مصقولة أكثر.
_ كلا عزيزتي, عليكِ ذلك, سيكون كل شيء بخير, لقد أنتهى كل شيء ولم يحدث أن حاول الظهور و التقرب أليكِ, ستكونين بخير.. قالت بصوت مطمئن وهي تحرك يديها على ظهر أيمي لطمأنتها.
_أجل, أنتِ على حق.. أبتعدت أيمي لتكسر العناق فتمسح ما تدفق من دموع دافئة, أعارتها هيلين بعض المناديل الورقية لتقول:
_عليكِ أن تعودي أيمي التي أعرفها, تلك الفتاة الصلبة التي لا تأبه, ستعودين قوية أنا أعلم..
أكتفت أيمي بهز رأسها على كلام هيلينا ثم قالت: سأكون بخير, يمكنِ الذهاب.
أبتسمت هيلينا أبتسامة أخيرة وهي تنظر الى أيمي كجرعة من التشجيع ثم غادرت.
نحن من نُضَمدُ جِراح أنفسِنا, لن يشعر أحدهم بذات الشعور الذي يحرق داخلك و يكاد يزهق روحك, كل ما نحتاجه هو بعض الشجاعة و الثقة بالنفس.
نادت أيمي الى مُنظف الطابق للتخلص من الفوضى و همت سريعاً بالعودة الى مكتبها, أغلقت الباب من خلفها متكئة عليهاو من تخدع؟ تطلع الأمر الأشارة الى لقاء غد حتى أسقطت كوب القهوة, ماذا سيحصل غداً؟! أغلقت أيمي عينيها لوهلة وهي تحاول طرد كل فكرة تجمعها به, لن يحتاج أكثر من ألقاء التحية و الأبتسام حتى يذوب الجليد, تنقطع السلاسل التي تشدها بعيداً عنه, تشتاق الى كل تفاصيله, عينيه البنيتن الدافئتين, عظمتي الوجه البارزتين لديه والتي تعود الى أصوله الألمانية, شفتيه الدافئتين, البياض الضارب الى السمرة لتعرضه الى أشعة الشمس من رحلة الصيف الى أسبانيا, ذراعيه القويتين وهما يحيطان بخصرها.. أن كان بالأمكان أن تسدد الى نفسها صفعة لفعلت, أنه جنون, أدمان!! يفوق حد الأدمان.
بعد مغادرة ريبيكا الغرفة, أمر سائقه الخاص أيصالها ألى حيث تَسكن. وضع قميصاً أبيض اللون ليزرر بعض أزراره مهملاً ما تبقى. أخذ المصعد في ذلك الطابق من المنزل للوصول الى رواق المنزل الخلفي الذي يُوصل الى المطبخ حيث تجتمع فيه أكثر الطاهيات مهارة في فيينا, دخل المطبخ في ذروة أنشغالهما بأعداد طعام العشاء له و لظيفته فتفاجئت كلٌ من روز و جيني بدخوله عليهما. تركت روز ما تحمله من أطباق على المنضدة لتقترب منه بهدوء وهي تحمل ملعقتها الخشبية الكبيرة فتشير بها أليه قائلة:
_أين هي ظَيفتُك؟ رفعت حاجباً بتساؤل..
_لقد غادرت .. تمتم بصوت هامس بينما يفرك جانب عنقه, كطفلٍ قام بأرتكابِ خطأ وهو مستعدٌ للتوبيخ.
_أيها الشاب! هل كنتَ فضاً؟ قالت جيني وهي تتفحص هيئته الرتيبة من قدميه حتى رأسه
_كلا لم أفعل. سحب كرسياً لنفسه ألى الطاولة فيرتمي بثقل جسده عليه.
تخصرت روز بيديها محتجة وهي تنظر الى كل من جيني و كرستوفر لتقول:
_لا تنظري ألي هكذا. أنه يفعل ذات الأمر منذ ما يقارب الشهر أن لم أكن مخطئة..
_أوه أجل منذ مغادرة.. خفت صوت جيني عند أقتربها من تسمية الفتاة فغطت فمها بيدها.
أشتعل الغضب في صدره فأحمرت وجنتاه و أذنيه ,هب من كرسيه واقفاً ليهمس بغضب وهو يصك على أسنانه : لا أُريد أن يتم ذكر هذا الموضوع في المنزل!! ثم غادر كأعصار أجتاح المكان صافقاُ الباب من خلفه بقوة.
كادت تقفز روز من مكانها بينما هزت جيني رأسها والحزن يعلو وجهها لتعود الى تقطيع الخضار..
_لقد أفسَدهُ دلالُنا له جيني.. قالت وهي تلتقط الصحون التي تم جَليها لتجفيفها و تتنهد بحزن
_أنها مسألة وقت عزيزتي, تذكري أننا ندين لجَدته بالكثير. توقفت لبرهة ثم أضافت :أنه فتى صالح روزي سيستعيد نَفسَهُ مع الوقت. أفرغت جيني طاقتها السلبية في تقطيع الخضراوات على اللوح الخشبي.
تكترث كلتيهما لكرستوفر فهن بعمر والدته المتوفية من جهة و من جهة أخرى فقد لازمنه طوال حياته, تعلم روزي أنهُ مزاجي فراكم فؤادهِ المحطم ما زال يشتعل و جروحه لم تُشفى بعد, تدرك جيني أن كرستوفر يكن كل الحب و التقدير لكلتيهما وما تصرفاته ألا أنعكاس لداخله المحترق.
أقحمت أيمي نفسها في المزيد من العمل حتى أنتهى بها الأمر الى النوم في المكتب, وجهها على لوحة مفاتيح الحاسب دون أن تشعر في لحظة بألم ظهرها المتقوس طيلة ليلة أمس, أنها ال7 صباحاً و بدأت الشركة تكتض بالموظفين, طرقت هيلينا باب غرفة أيمي قبل أن تدخل حاملة الفستان في علبة سوداء بحجم كبير. وضعتها جانباً عندما وجدت أيمي نائمة لتقترب منها بحذر خشية أيقاضها حتى وجدتها ترتدي ذات الملابس, ذات الجينز الذي دُلقت عليه القهوة, شهقت بخوف قبل أن تَنكزر كتف أيمي.. فتهمس: أيميلي.. أيمي!!
تمتمت أيمي بكلمات غير مفهومة قبل أن ترفع رأسها عن سطح المكتب مغمضة العينين. أنفجرت هيلينا ضحكاً عندما شاهدت عدداً من لوحات المفاتيح قد طبعت أثرها على جانب وجه أيمي فتقول: يا ألهي أيمي هل نمتِ هنا؟
أبعدت أيمي الشعر المتناثر الملتصق بوجهها فتتذكر, تفتح عينيها بأتساع كأنها رأت شبحاً: تباً, تباَ هيلينا.. الحفل!!
قفزت من خلف مكتبها بسرعة متجهة الى حيث تُلعقُ سترتها فتراقبها هيلينا التي تلتقط أنفاسها بصعوبة بعد الضحك الكثير فتقول: أنه هنا, لقد أحضرته. أذهبي لتستعدي سأحاول أن أُغطي عنكِ هيا..
أسرعت أيمي ألى حقيبتها فتقحم هاتفها و دفتر المواعيد الخاصة بالمدير, ثم تحركت على عجل لتأخذ العلبة مسرعة الى الخارج فتصرخ بصوتٍ يتردد بين الأروقة : تَمني لي الحظ هيلينا.. سارعت خطاها مهرولة في ذلك الرواق لتلحق المصعد.
وصل كرستوفر الفُندق الذي سبق أن حجز فيه للبقاء 3 ليالٍ في بوسطن, رحلة عمل ليس ألا فهو يأمل أن يتم كل شيء بسرعة لكي يعود الى فيينا, أصبح جدهُ كهلاً لا يقوى على السفر فكان لا بد له أن يلحق بالأجتماع السنوي لفروع الشركة, أحتفالاً بتأسيسها و فتح فروع أخرى جديدة في مدنٍ مختلفة.
في غرفته,طلب من مساعدته (ريبيكا) أن تأتي ببرنامج الحفل الى غرفته. لم يستغرف الأمر ثوانٍ حتى سمع النقر على الباب فقلب عينيه بتهكم وهمس قائلاً: هل كانت تقف خلفُ الباب؟!
خلع سُترته و أرخى رباط عنقه, تقدم من الباب بتباطؤ فيفتحها تاركاً أياها دون دعوتها الى الداخل لتتبعه, دخلت وهي تحمل سجل المواعيد بين يديها. جلس كرستوفر بتفاخر على أحد أريكة فارهة واضعاً قدميه على الطاولة أمامه, ترتبك ريبيكا و تحمر وجنتيها فتحني رأسها وهي تقلب الصفحات خشية أن يلمح تعابير وجهها, ما حدثَ بالأمس كان أستثنائياً بالرغم من طريقة أنتهائه لكنها سعيدة في داخلها, كرستوفر يراها أخيراً أو كما تعتقدُ هي.
_هل سأنتظرُ كثيراً؟ قال كرس منبهاً
_آسفة..ثم بدأت تلقي على مسامعه جدول الحفل, أسماء أهم المدعوين و الفروع الجديدة التي تم أفتتاحها.
تثائب كرستوفر بكسل ثم أراح رأسه المتعب على الوسائد فيخفت صوت ريبيكا شيئاً فشيئاً حتى تتوقف, عينيها تتفحصانه بتمعن, شريط ما حصل بالأمس يعاود تكرار نفسه مراراً و تكراراً.
لم يَشعر كرستوفر تجاه ريبيكا بشيء سوا أداة لأشباع عطشه و مداواة جراحه, لم تكن كافية في نظره. رفع رأسه ليقرأ تعابير وجهها, تحرك من مكانه فأغلقت ريبيكا السجل على عجل فتلتفت مغادرة حتى أمسك بذراعها. مازال يراها في وجه ريبيكا كلما نظرت أليه لكن هنالك شيئاُ ناقصاً فيها, غير قادر على أشباع رغبته أو مُداواة جراحهِ.
أسقطت حقيبتها مكانها لتلتفت أليه, تلتقي بعينيه البنيتن الواسعتين, وجهه المتجهم كان يروي قصة أخرى تخفيها تلك العينين, أبتلعت ريقها بصعوبة وهي تنظر أليه بصمت حتى همس بحدة: لا تنظري ألي هكذا..
_لكنني لم.. تمتمت ريبيكا بأرتباك قبل أن يجذبها أليه بقوة فتصطدم بصدره واضعة يديها هناك, رمشت عينيها بسرعة فهي غير قادرة على فهمه, أنه يُبعدها بكلامه فتُقربها أليه أفعالهُ, أغمضت عينيها عندما أقترب وجهه منها أكثر, تتفحص عينيه تفاصيل جسدها بتلذذ فيحيط خصرها النحيف بذراعه فتنحسر المسافة بينهما. يسري الخدر في أجزاء ريبيكا, احتك جانب وجهه بوجنتها الناعمة فهمس بحزم: لقد طلبتُ منك أن لا تنظري هكذا!
أقتربت أكثر حتى وصلت عُنقه, أخفت وجهها هناك وهي تُشبع أنفها و حواسها بعطره, تملىء رئتيها بكل ذرة تتمكن من الحصول عليها, فجأة أبعدها كرستوفر عنه ليشير بيده نحو الباب.
_لمَ تفعلُ ذلك؟ تعلم أن هنالك شيء بيننا.. تنظر ريبيكا الى وجهه بحزن لكنه يرتدي ذات الوجه اللامبالي
_شيء؟ ؛أعتلت وجهه تلك النظرة الساخرة؛ لا شيء!! أرتفعت نبرة صوته, أنتِ مساعدتي و لاشيء آخر!!
تجمعت الدموع في عيني ريبكيا وهي تعاني مرارة الرفض فجمعت أشيائها و خرجت مسرعة.
عند ال3 من مساء ذلك اليوم بدأت الجموع تتوافد الى الحفل من رجال أعمال و ممثلين عن شركات كبرى الى مدراء و رؤساء الفروع, يقام الحفل على أرض حدائق واسعة, يبدو الربيع ملائماُ لأحتضان الحفل على أرض الطبيعة. دخلت أيمي تتبع مدير فرع بوسطن, السيد جيرالد الأربعيني, فيدلهم أحد المستقبلين على مكان جلوسهم, يبدو المكان أشبه بتقليد لحفل جوائز الأوسكار ولكن بطابعٍ ربيعي. جلست أيمي بتوتر الى جانب السيد جيرالد وهي مرتبكة, يرتعد داخلها مخافة أن يظهر أمامها.. ماذا سَتفعل حينها؟! سؤال جيد! قالت في نفسها, بالرغم من جمالها الهادئ يُظهرها الفستان بلون المارون الباهت غاية في الروعة, شعرها المرفوع و المصفف بعناية دون تكلف, قرطي الحُلي بلون الروز و اللتان تتدليان على جانبي عنقها النحيل, عظمتي الترقوة البارزتين و الفستان الذي يظهر مفاتنها ليسترَ منها ما يجعل من ينظرَ أليها يود أكتشاف المزيد. لم تدرك أيمي حقيقة المفاتن التي يظهرها هذا الفستان حتى أرتدهُ لتصبح غير قادرة على تغييرِه لنفاذ الوقت.
تحركُ أصابعها بقلق على حافة الكأس فتقبل الأقراط عنقها الناعم, تضايقها فتحة الفستان الجانبية والتي تصل حتى منتصف فخذها, تفشل مهما حاولت تغطيتها.
تشعر أن الهواء لا يملئ رئتيها فتحاول أن تأخذ شهيقاً طويلاً من الأوكسجين, تنبه السيد جيرالد الى توتر أيمي البادي على وجهها و قدمها التي تهتز منذ جلوسهم لإادنى منها ليهمس بشيء من الحزم: هل أنتِ بخير؟ رفع حاجبه بتساؤل
زفرت أيمي مطولاً ثم أجابت: حسناً لم أنعم بنوم هنيء.
_أذاً فلتركزي قواكِ العقلية آنسة ساندرز, نحن بحاجة الى جذب أنظار الرعاة و المستثمرين لا أن نجلب الأنظار أليكِ!! همس بغضب
_أستميحك عذراً سيد جيرالد, سيحصل ما تطلبه. أومئت أيمي رأسها ثم أخذت تشغل نفسها بسجل المواعيد و أسماء المدعوين لتطرد هذا الكم من التوتر.
بعد مرور وقتٍ وجيز, دخلت ريبيكا المساعدة الشخصية للسيد آيفنز, جميلة شقراء في منتصف الثلاثنيات, يزهو فستانها القرمزي ببياض بشرتها فتبدو كالدمية (باربي) على أرض الواقع,تحركت برقة الى المِنصة لِتُلقي ترحيباً بالضيوف و خطاباً لأفتتاح الحفل فتلاحقها أنظار الجميع, أنها جميلة جداً و رقيقة تكاد نسمة الهواء أن تكسِرها, أنحنت مقتربة من المايكرفون المثبت على المنصة لتقول: مرحباً.. بصوت ناعم و أبتسامة بَراقة ثم تتابع بعد أن تستقيم وقفتها وهي تنظر الى جميع الحظور : أهلاً بالجميع الى الملتقى السنوي لشركة آيفنز للأستيراد و التصدير, سلامة المنتجات و رِضى الجميع هي هدفنا, يقام هذا الحفل على شرف المالك و الوريث الوحيد لمجموعة آيفنز, السيد كرستوفر آيفنز.. تخفت الأضاءة التي تنير المكان فيرى الجميع من يرتقي السلم صعوداً الى المنصة, لم تنتبه أيمي أليه فكانت تصب جُلَ حواسها بحثاً في الأرجاء, يَخمد التوتر داخلها أكثر عندما تعجز عن أيجاده فتتنهد بأرتياح.
يصعب تجاهل وجود كرستوفر, النظرة الأولى, تلك الأببتسامة الهادئة و المرحبة, العينين الدافئتين.. لم يتسنى لأيمي الألتقاء به من قبل لتكون هذه الفرصة الأولى لها. أدارت أيمي وجهها عندما لاحظت تواجده على المنصة.
تتبع ناظرهُ الحضور حتى أنتهوا من التصفيقِ له فبرم شفتيه بأبتسامة تظهر لمعان أسنانه, يَبدو كمن تمَ نحتُ شكلهِ بعناية طوال الأشهر ال9 قبيلَ ولادته لتولد تحفة فنية بهيئة أنسان.. هذا ما واصل الجميع قَوله متهامسين فيما بينهم لتكتفي أيمي بمراقبة حركاته حتى كسر الصمت بتحية الحظور و ألقى خطاباً مقتضباً يروي فيه أنجازات و توسع الشركة خلال العام المنصرم و بفعلها شركة فتية تأسست منذ 3 سنوات فالأمر مثير للأعجاب. ثم أردف قائلاً: أوجهُ الشكر لجميع الموظفين و العاملين في هذا المجال و لجعل نجاحاتنا ممكنة.
تهامس السيدتان الجالستان بجانب أيمي لتسمع أحداهما تقول: لا أعلمُ كيفَ يُبقيه لايَن العجوز وحيداً هكذا, لقد تخطى ال35 من عُمره .. فتجيبها الأخرى قائلة: أنه يرفض الجميع, لقد رفضَ أبنة أحد مالكي الشركات الكبيرة ماتسبب بخسارتهم الكثير العام المنصرم.
تبعد أيمي بعض الخصلات عن جانب وجهها لتستمع بعدها الى أصوات التصفيق المتعالية لتنضم هي الأخرى أليهم, تبعها نزول كرستوفر و مرافقته ريبيكا عن المنصة لينظما الى الحضور, كعادته المتملقة نهض السيد جيرالد من مكانه ليسرع الى تملق و مدح السيد آيفنز حفظاً لمنصبهِ فتتبعه أيمي وهو يشق طريقه وسط الجموع حاملة حقيبة يدها الصغيرة و سجل المواعيد و جهاز التابلت الخاص بالعمل, ثقلهما كان يؤذي ذراعها لكن لا يحق لها التذمر, فهذا هو عملها.
تقرب السيد جيرالد ليصافح اليد آيفنز و يغرقه ببعض الكلمات المنمقة متملقاً, تقف أيمي خلفه وهي تُسجل من قام السيد جيرالد بلقائهم غير آبهة البتة, تسمرت عيني كرستوفر على أيمي فتوقف السيد جيرالد عن الكلام حتى أستدار نصف أستدارة ليخلي الطريق أمامهما فيقول: هذه مساعدتي الآنسة أيمي ساندرز. فرفعت رأسها لتلقيه, أنه كما يقولون فعلاً لكنه نصف الحقيقة, لم يكن الشكلُ ذو أهمية لديها, مدت أيمي ذراعها الفارغة وهي تقول بأبتسامة مصطنعة : سُعدتُ بلقائك سيد آيفنز, كان خطاباً ملفتاً. في أنتظار أن يبادِلها المصافحة لكنه تجمد في مكانه, لوهلة كان وجهه مشرقاً لكنه تجهم بشكل مخيف لتعلو جبهته التجاعيد, قبل أن يتسبب بالأحراج أكثر لأيمي بادلها المصافحة على وجه السرعة قبل أن يغادر بقعته. لم تفهم أيمي ما حصل للتو, قال السيد جيرالد وهو يقوم بفرك لِحيته: مالذي حصل؟ هل تعرفين السيد آيفنز؟
هزت أيمي رأسها بالنفي ثم حركت كتفيها بعدم أكتراث: أياً يَكن, علينا أن نتعرف ألى بقية المدعوين.
كانت أمسية هادئة, لم تشعر فيها أيمي بالقلق بل العكس, لم يأتي من كانت تنتظر قدومه مما عزز ثِقتها بنفسها, تسير جنباً الى جنب السيد جيرالد وهي تعرفه الى كل من يلتقون.
يكتفي كرستوفر بكأس من النبيذ وهو يلاحق أيمي بناظريه أينما ذهبت, أنها هي.. لا بُدَ أنها هي, لكنها تمتلكُ أسماً مختلفاً, علها فعلت ذلك بعدَ تركها له لكنها هذه المرة لن تُفلتَ منه, تمتلك من الوقاحة ما يكفي لتظهر أمامه منتحلةً شخصية أخرى, يالَ هذا البرود في قلبكِ.. أفرغ كرستوفر الكأس تلو الأخرى لكن النار التي في قلبهِ لم تنطفئ.
أعتذرت أيمي من الحظور لتبتعد أخيراً عن مديرها متجهة الى حمام السيدات تاركة السجل و التابلت عند أحد طاولتهم. تبعها كرستوفر كخيالها حتى وصلت الرواق قُبيلَ الحمام, أحست أيمي بوجود خُطى أقدام تتبعها فرفعت رأسه لتنظر فوك كتفها لكنها لم ترَ أحد, كان الرواق فارغاً ثم أستدارت لتُكملَ سيرها حتى جذبها بحركة خاطفة من خصرها ملصقاً أياها الى حائط الرواق, قبيل أن تصرخ غطى فمها بقوة بيده, ضربت أيمي كتفه و صدره بقوة محاوة أبعاده لكن لا جَدوى من ذلك حتى قال: سأبعدُ يدي لكن لا تَصرَخي..
هل هو معتوه من نوعٍ ما؟ تبادرت تلك الفكرة الى ذهنها قبل أن تومئ برأسها.
_ماذا تُريد؟ قالت أيمي بصوت يرتجف وعينين تلمعان لأحتباسهما الدموع, هل تعرف الى آيدن! هل يُعقل ذلك؟! فكرت أيمي في ذلك لكنها وجدته مستحيلاً فآيدن كان يعمل لحساب شركة مختلفة كما أنه خاسر أحمق يتجول مقامراً أينما ذهب, لن يكون صديقاً للسيد آيفنز لكن ذلك لا ينفي أحتمالية صلتهِ به.
_هيا توقفي أنتِ تعلمينَ ما أُريد! أمسك بمعصميها بقوة ليثبتهما على الحائط, متقرباً منها أكثر
_لا أريدُ أي فضائح سيد آيفنز! قالت أيمي بصوت تخذله الحدة.
قلب شفتيه بسخرية ليردف قائلاً؟ : أيمي؟! حقاً!! أنا أعلم أنكِ أفضل من ذلك!! تمكنتِ مني و ذلك يحتسبُ كنقطة في صالحك!
_أسمع سيد آيفنز .. قالت أيمي بشفتين مرتجفتين: أنا لا أعلم عن ماذا تتحدث!
_لا تُمثلي دورَ المكسورة جوليا!!! زمجر بهمسٍ غاضب ليصطبغ وجهه بلون أحمر و تقدحَ عينيه غضباً
_أنا لستُ جوليا! أنتَ ترتكب خطأ!! تبتلع ريقها بصعوبة بالغة
_أوه حقاً؟ دفع بثقل جسدهِ ليغلق الفراغ بينهما فتراقب أيمي مرتعبة عاجزة عن تحرير نفسها, أقترب بسرعة خاطفة لم تتوقعها فيسرق شفتيها بقبلة أنتقام.
_____________________________
🌸تصويت
🌸تعليق
آرائكم تشجعني و تُهمني 🌸
أنت تقرأ
قاتِلَتيْ
Romanceتَخنقني ذِكراك فأنكسرْ،، تراودني في يقظتيْ فَتَضْعُفْ عزيمتي, تَخور قوايْ.. هل سيزهر ما أسقيهِ فيكِ يوماً ؟ قصة درامية رومانسية جريئة✋🏻 بعض أحداثها ١٨+ لذا أرجوا التنبه الى التحذير جميع الحقوق محفوظة، لا أحلل أي نقل للرواية بقصد أو بدونه✋🏻🌸 الر...