٣.

206 32 9
                                    


طرقٌ على باب المنزل أوقفني فورًا عن الغناء، فأدركتُ بأن الطارق هو راز بلا شك، فالساعة تقريبًا الحادية عشرة و ربع.

نهضتُ سريعًا و سِرتُ نحو الباب بخطوات هادئة، فتحتُه لأجد راز مُبتسمًا بإتساع و خلفه رفاقه هؤلاء مبتسمون كالحمقى.

"راز!" صِحتُ بإسمه و أنا آخذه بِعناقٍ أخويٍّ قوي، تمكنتُ من سماع ضحكاتهم الخافتة بالخلف، و لم أهتم حتى تمُر تلك الليلة دون أي شجار مع حُثالة مثلهم.

فصل هو العناق، لينظُر إليّ بأعيُن مُشعَّة مُتحمسة تمامًا كما عهدتُه بمراهقتي، "سنجلس هنا قليلًا قبل أن ننتقل إلى الحانة"

"و لِمَ لا؟ تفضلوا!" بترحيبٍ قُلت مُفسحًا لهم الطريق، فيدخلوا واحدًا تِلو الآخر و بالطبع أُلقي عليهم التحيَّة.

أغلقتُ الباب بالتزامُن مع دخول آخر رفيق من رفاق راز، وجهتُ نظري لداخل المنزل فألاحظهم يدخلون غرفتي.

لَحِقتُ بهم جميعًا وكُنت أنا آخر من دخل الغرفة، كانوا مُتناثرين بالغرفة، فهناك من يتمدد على الأريكة، و هناك من يجلس على حافة سريري، بينما راز يجلس على أحد الكراسي و أنا بمكاني، لم أُحرك ساكنًا.

"فلتُغني لنا قليلًا، ماتّ!" قال راي -أحد رِفاق راز- ببعضٍ من الجدية و كأنه حقًا يرغب بسماع صوتي، و هذا أسعدني بعض الشيء.

"نعم!" صاح البقيةُ ومن بينهم راز، فإبتسمتُ بإتساعٍ، أنا لم أعهد حماسهم بشأن غِنائي هذا مُسبقًا، كُنت أشعر ببعض الريبة بشأن ما يحدث الآن فلعلهم ينقلبون عليّ و يبدأوا جلسة السُخرية خاصتهم.

تجاهلتُ كُل الأفكار السلبية و أحضرتُ چيتاري من على الأريكة التي كان يتمدد عليها راي، أوصلته بأقرب مصدر للكهرباء.

"أمستعدون؟" صِحتُ ليصيحوا هم بالمُقابل بِمقدار حماسي، "نعم!!"

"أتمنى لو بمقدوركِ القدوم، تخيلي لو فعلتِ هذا فعلًا، سأُحيطكِ بكُل تلك الأشياء التي إفتقدتينها.

و بِليلَة دون نومٍ، رجُل عجوزٌ بثيابٍ بيضاء ذلك الذي ظننته قادرًا على إنقاذكِ لكنه لم يتمكن من فِعل ذلك، فتَوَفيتي ..

لا يُعجبني أنكِ ميّتة، الأمر مُختلف تمامًا عندما أحُك رأسي بنفسي، فليس لدي تلك الأظافر الطويلة لأتمكن من فعل ذلك.

فتى الحانة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن