لازلت العن ذلك اليوم , وحتى مماتي سأبقى العنه
ذلك اليوم الذي وجدني فيه هذا الوحش الكاسر .
تمنّيت الموت على ان انظر له , تمنيت لو يستجيب الرب دعائي بأن ألحق بـأخي الذي رحل قبل شهور .
فها انا ذا حبيسة منزل احد الوحوش المتلبّسة هيئة البشر منذ شهر .
اضع رأسي على الارضية القاسية لأنام لكن لا استطيع الاستلقاء جيداً بسبب القيود الباردة ذات السلاسل التي تحيط عنقي واطرافي لأبقى أتلوّى بغير راحة .
ما ان غفت عيني حتى سمعت صوت المفاتيح من خلف الباب الذي بجانبي , انقلب بسرعة للجهة الاخرى لكي لا استطيع رؤية وجهه الذي بات يظهر في كوابيسي .
اسمع صوت اغلاق الباب خلفي لكنني لا اتحرك فربما يظن انني مت ويتركني , خطواته تقترب ليزداد نبض قلبي ويتعرق جبيني سريعاً , احاول السيطرة على ارتجاف اطرافي عندما جلس بجانبي ناظراً لوجهي بينما اغلق انا عيناي بقوة .
يبقى هكذا لدقائق ثم يقف , اشعر فجأة باصابعه بين خصل شعري الصغيرة تشدها بقوة ليجبرني على الوقوف , احاول الوقوف بسرعة ومن دون ان اصرخ لكي لا يَطول عذابي .
يستمر في جر شعري عندما اقف لأتحرك بصعوبة بسبب القيود المعدنية الثقيلة .
يدخلني بداخل تلك الغرفة التي تضم جميع كوابيسي السوداء , يضعني على الكرسي الخشبي الملطخ بالدماء .. دمائي .
يدور حولي بينما اغمض عيناي في محاولة مني لأن لا اراه .. لكنني اراه .
اراه حتى عندما اغلق عيناي , لذا افتحها لأنظر له عن كثب .. هيئته المهيبة .. طوله الفارع .. شعره الذي يصل الى كتفيه العريضين وجزء من ظهره ولا يزيده طول شعره الا هيبة ورعب .
اغلق عيناي بسرعة عندما يتوقف امامي وينظر لي بنظرته الفارغة تلك .. وكأن هناك من يتحكم به , لا يبدي اي تعابير بوجهه عندما افتح عيناي
يخطو مبتعداً ببطئ عني بساقيه الطويلتان , يخطو ناحية صف ادواته ليلتقط الشفرة والسكين الصغيرة , يضع كل منهما في يد ويقترب مجدداً منّي .
يعرضهما امامي ثم يقول بصوته الهامس المخيف :" اختاري واحدة لتجرّبيها اليوم , جين ".
امتنع عن الحديث او التعليق على الاسم الغريب الذي يناديني به لأنني اعرف اني ان تحدثت فـ سأجرب كليهما .
يقرّب وجهه مني لأغمض عيناي بخوف , يهمس امام وجهي تماماً :" تلميح , انا افضّل التي في يدي اليسرى ".
افتح عيناي وأنظر ليده اليسر لأرى السكين الصغيرة , اشهق بخوف عندما يقرّبها من عيني , اغلق عيناي بسرعة ثم اشعر بها تتحرك من فوق جفني حتى وجنتي لتستقر اخيراً على عنقي وانا اشعر بالسائل الدافئ الذي يسيل مع حركة السكين على جلدي .
يبعدها اخيراً واحمد الاله ان الجرح لم يكن عميق لكي لا ابقى طوال عمري بعين واحدة .
يرمي السكين خلفه بعد ان قبلها ولعق الدماء التي عليها ليقرّب الشفرة من عنقي , انظر لوجهه عميقاً بينما هو منهمك بصنع جروح طفيفة متفرقة في انحاء عنقي , لطالما كانت ملامحه تأخذني لعالم اخر حيث لا اشعر بألم الشفرة الحادة على جلدي , كنت دائماً ما افكّر لِم يوجد ذلك الجرح العميق والكبير الممتد من جانب شفته حتى منتصف وجنته ,و اتساءل لِم رُسم الجرح على شكل ابتسامة بينما حياته هذه لاتحتضن الابتسامات ؟!
ينتهي ليلعق الدماء من على الشفرة كما يفعل دائماً واتسائل كيف لم يُقطع لسانه منذ زمن , لازلت انظر له بعمق احاول ايجاد في ملامحه اي تعابير .. لكنني لا اجد سوى الفراغ الذي يندسّ تحت قزحيته الرمادية ... وكأنه روبوت يتحرك تحت تحكّم احد ما .
يتوقف عندما يجدني انظر له ليرمي الشفرة خلفه ويقترب مني فـأتكوّر على نفسي بخوف , يحملني هذه المرة ليخرج من غرفة الجحيم متجهاً الى غرفتي .
يرميني على الارض بقوّة واستطيع سماع فرقعة عظامي ثم يخرج واسمع صوت المفاتيح لأعلم بأنه خرج من المنزل , ازحف بصعوبة ناحية المُلائات لأمسح الدماء التي تغطي نصف وجهي وعنقي فيها واتخدّر عندما انتهي لأستسلم لـنوم متقطّع مع كوابيس يترأسها وجهه المخيف .
.
.
.
.
.
.
.