.
في النهاية ..
اُودِع وحشي الى مصحة نفسية بدلاً من السجن لإكتشافهم اضطرابات نفسية مُعقّدة لديه , واليوم وبعد ثلاثة اشهر قررت زيارته هناك ...
ادخل المصحّ بزعم اني احد معارفه , يرشدني الطبيب المسؤول عن حالته حتى اصل الى غرفته التي تحوي نافذة يمكنني رؤيته من خلالها بينما هو لا يستطيع رؤيتي .
انظر من خلال النافذة ولا اجده .. انظر للطبيب الذي يثرثر بجانبي عن اوضاع المرضى هنا بينما اطالبه بشرح سبب عدم وجود وحشي في الغرفة بنظراتي .
يتوقف عن الحديث للحظات ثم يقول :" ربما يكون في المطبخ او دورة المياه ".
مطبخ ؟ للتو اعرف ان غرف المرضى تُزوّد بهكذا اشياء .. هذا ليس ما اراه في الافلام !
يبدأ الطبيب بشرح وضع الوحش فيليكس واستمع له جيداً
:" هو لا يتفاعل معنا بشكل جيد , عنيف بشكل مرعب مما يضطرنا لتقييده في كل مرّة واعطائه حقنة منوّمة ..".
الاحظ شيء يتحرّك خلف النافذة لأنظر له سريعاً .. هذا ليس هو !
اصرخ على الطبيب الذي لازال يثرثر :" من هذا ؟!! ".
يتوقف عن الحديث لـ ينظر لما انظر :" انه المريض فيليكس انستي ؟ ".
كانت جملته سؤالاً اكثر من ان تكون اجابة
:" فيليكس باكلي ؟ ".
اسأله رجاء ان يكون قد اخطأ الاسم وان لا يكون الذي رأيته حقاً هو وحشي ..
يومئ الطبيب برأسه بينما يعقد حاجبيه بتعجب وياليته لم يفعل !
انظر مجدداً له .. هزيل كأنه لم يأكل منذ اعوام , السواد احاط عيناه الرمادية بشكل واضح جداً وشعره الطويل اختفى ليحل محله شعر قصير مبعثر داكن اللون
بشرته شاحبه لدرجة انك لو رأيته ساكناً لـظننتَه ميت ! , شفتاه متشققة وجافة , عظام وجهه وعظام ترقوته بارزة وواضحة جداً لشدة ضعفه ..
ازفر انفاس مرتجفة لِـ ما رأيت ولا يمكنني ابعاد نظري عنه , اين تلك الاكتاف المرفوعة والجسد الضخم ؟ اين ذلك الشعر الطويل الذي يعطيه المنظر المهيب ؟ اين تلك اليدين ذات العضلات القوية ؟ اين الوحش صاحب الطول الفارع ؟ ..
شيءٌ واحدٌ لم يتغير ... تلك النظرة الفارغة في عينيه ...لا تزال ذاتها .
يتقدم لسريره الموضوع في وسط الغرفة ليجلس عليه , يحمل شيئاً صغيراً من على السرير ليضعه في حضنه ويربت عليه , امعن النظر لما بين يديه لأراها جيداً ! .. انها الدمية .. دميتي , كانت دميتي عندما كنت انا دميته .
:" هل قلت انه عنيف ؟ ".
اقول مستنكرة كلام الطبيب قبل قليل .. فـ فيليكس لم يتغير .. هو ازداد هدوءاً حتى !