﷽
وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ
الأنعام „ ١١٦...
نقرت علبة السجائر المسرطنة! بخفّة بطرف الطاولة الصغيرة التي تفصل بيني وبين صديقي الذي تكاد عيناه تخرج من مكانهما من خلف النظارة ، بعد أن اخبرت بماحدث معي ، شكله يشبه الضفدع ديان! .
_" كنت ستموت!؟ "
همس ثم وضع يده على فمه! ، ألم أخبركم أنه
كـ الضفدع ديان ، انه رقيق و شفاف و ربما اصبح نادر مثله؟_" ولكن لم اموت! "
تمتمت و أنا أسحب بالإبهام و السبابة سجارة من العلبة ، فحدق بعيني ، و كأنه يبحث عن شيء!؟ ، مثلاً ؛ ذرة من التقوى! ، رفعت حواجبي بمعنى " لا يوجد " قلص حدقة عينيه بمعنى " إفلا تعقل؟ " وضعت السجارة في جانب فمي ورفعت رأسي قليلاً بمعنى " لا " فأطلق العنان لأنفاسه لتخرجه بشكل و كأنه يأنبني ثم قال متسألاً عن شيء أنا لا اعرفه ما هو جوابه! .
_" ما وضعك؟ "
و كأنه يسأل الأعمى أين انت؟ ، فمن الطبيعي أن يكون الجواب " لا أعرف " و حتى لو عرف الأعمى مكانه سيبقى شعور التأه يمتلكه ، دائماً سيكون من المحتمل أن لا يكون في ما يضن! ، أملت رأسي يميناً ثم شمالاً بمعنى "ترللي!"
_" إن الله يمهل ولا يهمل! "
سألته بعد أن نفت مكنون السجارة من أنفي متجاهلاً قوله .
_" لماذا خرجة من البرنامج المثير؟ "
شرد بصره وهمس بتعب ظاهر على صوته و كان شيء يألمه أو يثقل على قلبه! .
_" خجلاً و اشتياقا ً"
_" مِن مَن و لمن؟ "
_" مِن ساتري! ، و لمالك أنفاسي؟ "
قال لترتبك حروف كلاماتي
_" ولكن الجميع اشتاق لقصصك!...و...لك؟ "
_" و أنا ايضاً اشتقت لله! "
تمت مخفض رأسه! ، صدمني! ، ذلك المختل ، لقد غبت اسبوع واحد عنه وعاد لما كان عليه ، كيف؟، هذا جعلني أتفكر في قوله تعال ( يهدي من يشاء و يظل من يشاء ) سبحانه عندما تريد الهداية والصلاح سيهيك ويصلحك و يثبتك! .
_" ما بال الظريف !؟ "
سألته بهدوءٍ ولكن من داخلي كنت احترق! ، أحترق لأني أريد أن أولد من جديد مثله! ،
فأجابني بجدية!_" اسمعني جيداً!!؟ ، هذا يكفي لقد تهت بما فيه الكفاية ، حان الوقت لأستيقظ ، أود أن أبداء حياة جديدا ، خالية من الذنوب ، اريد أن اكون جيد على الأقل!... "
كان يتحدث عندما قاطعته بقهقهتي ، فنظر لي عاقد الحاجبين ، سحبت نفساً من سجارتي ونفذتها على وجهه و أنا اقول ببرود
_" نحن لا نفعل شيئ يستحق التوبة! ، يوجد اشخاص يفعلون أضعاف أضعاف أضعاف! ما نفعله و ينامون الليل بهناء و انت من ( نزوة ) في لحظة من لحظات مرهقتاً تكاد تأكل نفسك! ، رويدك يا صغيري ، مازلنا على الأبواب! "
لوح بيده ليبعد دخان السجائر عنه ثم قال بهدوء .
_" كونهم شياطين لا يعطيك الحق لتكون أبليس! و أنا لا أهتم لم يفعله الأخرين و غداً عندما أموت لن يحمل أحداً وزري ، أنا سأحمله بنفسي و على ظهري! "
لن أنكر أن كلماته خدشت قلبي بعنف! ، لهذا اكرهه لأنه يجعلني أدرك صغر حجمي ، يفتح عيناي على اشياء لا اريد رأيتها ، يذكرني بما أحاول أن اتناسها!.
أشحت وجهي انظر لشاشة تلفازه الموضعة على الصامت و همست بلا مبالاة .
_" أكثر الناس يفعلون هذا!؟ "
_" أكثرهم " قال بنبرة ساخرة ثم أكمل
_"فاسقون ، يجهلون ، معرضون ، لا يعقلون ،
لا يسمعون!!! "نظرت له بأستغراب رافع الحاجبين ،
_" من هم!؟ "
_" اكثر الناس! "
و صمت كلانا بعدها، لقد عاد إلى رشده ، عادة لطبيعته و لما كان عليه قبل أن يعرفني و لكن أصبح أقوى ، و كأنه استمد طاقتي فأن اشعر بالضعف أمامه على عكس ما مضى كان هو الضعف و أنا القوي ، لم كل شيء ضدي ؟! ، هل لأني ضد كل شيء؟! ، أم لأن القوى في الأخلاق التي يملكه هو و افتقر لها أنا؟!! .
مدتُ السجارة له و لكنه فاجئني بقوله و هو يبعد يدي بيده.
_" شكراً ، ولكن لم أعد ادخن! "
_" أين صديقي؟ ، تباً!! "
قلت بتجهم مطفئاً السجارة بالطاولة و نهظت أرتدي معطفي.
_" سافل ، وضعك لا يطاق "
قلتُ بحدة و أنا أرتدي جزمتي ثم هممت بالخروج من غرفته دون الأستماع لما كان يقوله.
...
دائماً يد الهداى ممتدا و دائماً الإشارات تلوح بمناديلها أمامك فلا تتأخر بمد يدك و بفتح بصرك فمن ينجك من عذاب السعير و من هم من قالوا ؟ أوليس قول خالق القائلين أهم!؟