سيد الاسرار

1K 20 1
                                    

لن تفهم هذا الرجل أبدا حتى وهي تحدق فيه, كانت كاثي تجده قد تبدل إلى الجد. . . فنظرت إلى الأمام وقالت:
-هل لنا أن نعود الآن ؟
كان النهار قد أصبح قاتما, مع أن الشمس ما زالت مشرقة. بعد أن أوقف السيارة قرب مدخل الفندق سألته كاثي:
-هل تطل غرفتك على البحر؟
هز رأسه, ثم فتح لها باب المدخل, فتابعت:
-إنها إذن غرفة جميلة.
توقف ليديرها إليه:
-نعم هي جميلة فهل تريدين دعوة إليها؟
اصطبغ و جهها بالاحمرار فأطرقت رأسها. لماذا لم تدرك من قبل كيف ستبدو له اسئلتها؟
-لكنك لن تحصلي على دعوة.
التفتت إليه وقد اشتد احمرار وجهها:
-أرجو أن تعذرني. . . شكرا على النزهة و على اضطرارك إلى التكيف مع رفقتي الساذجة.
فامسك بذراعها:
-تنازلي عن كبريائك يا امرأة. فإن كنت قد أغضبتك فأنا آسف. . . لا شك في أنك تعرفين ما هي ردة فعل الرجل عندما يسأل سؤالا كهذا.
تحررت منه:
-في المرة القادمة سأكون أكثر حذرا هذا إذا كان هناك من مرة اخرى.
توجهت نحو السلم, فتبعها:
-تناولي العشاء معي الليلة.
-لست أبالي أكان هذا أمرا أم دعوة, فالجواب هو نفسه:لا! شكرا لك!
نظر إليها عندما وصل إلى قمة السلم ثم هز كتفيه وقفل عائدا. أما هي فرمت نفسها على المقعد في غرفتها مرتجفة من الغضب و الإحباط.
شكرت الله لأن فيرا و ادي يشاركانها الطاولة هذه الليلة. فعندما سيدخل جريج و زملائه ستعطيه ظهرها, و تمضي و قتا ممتعا برفقة صديقيها.
مضت الأمسية كما أرادت, فعندما دخل انتقلت من مقعدها إلى مقعد آخر محدثة ضجة, لتجذب انتباهه ثم تظاهرت بالتمتع بنكتة قالها ادي, و ضحكت بصوت مرتفع أكثر من صوت فيرا, معطية بذلك انطباعا بأنها تمضي وقتا سعيدا.
قبل نهاية الوجبة بقليل كان ادي قد اقنع زوجته بمرافقته إلى الرقص, وقالت فيرا لها:
-تعالي معنا, لا شك في أنه سيبحث عنك. فهو لم يكف لحظة عن التحديق إلى ظهرك بنظرة توحي بأنه يود لو يحطم لك عنقك. أتشاجرت معه؟
هزت كاثي كتفيها:
-لقد طلب اصطحابي إلى العشاء. . . لكنني رفضت.
فصاح ادي:
-أهذا كل شيء؟ بالله عليك! لا عجب في أنه ينظر غليك بغضب.لا ريب في أنك جرحت كبرياءه.
لكنها لم تشرح لهما بأنه كان البادئ بجرح كبرياءها:
-لن أرافقكما, شكرا. هيا متعا نفسيكما. سأكتب بضع بطاقات بريديه إلى بعض الأصدقاء.
سألتها فيرا ثانية قبل أن يفترقا في البهو:
-هل أنت واثقة؟
فهزت كاثي رأسها مؤكدة, فتابع رفيقاها طريقهما.
لم تكتب البطاقات, بل قررت القراءة. . . لكنها اكتشفت أن اتخاذ القرار يختلف عن تنفيذه. فالكتاب كان جيدا, لكنه لم يأسر اهتمامها لذا تركته و استلقت على الفراش, محاولة قراءة مجلة. . . تصفحتها بسرعة قارئة منها قصتين قصيرتين.
عاد القلق ليطفو و كأنه غطاس اكتفى من الغطس و إذ به يقول لها: أتركي هذه الغرفة, اخرجي, حركي ساقيك قليلا. أطاعت مشاعرها لئلا تنكر عليها حقها, مهم كانت راغبة في مقاومة هذه المشاعر.
ما إن أنزلت قدميها عن السرير حتى رن جرس الهاتف. فغاص قلبها و توترت أعصابها, لكنها أمسكت السماعة بشيءمن الثبات:
-نعم؟
-هل ترقصين معي؟
جاء السؤال مباشرا ملؤه الثقة. . . و كأنها تجلس أمامه على الطاولة قربه. فصوته العميق المنخفض أشعرها بوجوده يغمر الغرفة, لاو كأنه فعلا إلى جانبها. ومع ذلك فقد كان ردها مقتضبا:
-لا. . . شكرا. ابحث عن شريكة أخرى.
أخفضت السماعة إلى مكانها. ثم وضعت يديها بين ركبتيها, منتظرة رنين الهاتف ثانية, لالكنها لم تتلق سوى الصمت. تصاعد غضبها من فشله للمرة الثانية, بأن يقنعها بتغيير رايها.
سأخرج للسباحة. سأغير ملابسي و أغطس في البحر. . . بعد سبع دقائق اكتشفت ان المياه باردة جدا في هذا الليل حيث لا شمس تدفئ الجو. لكنها لم تهتم. . .عندما غطست جسدها دفعة واحدة في الماء شهقت من البرد. لكنها قاومت رغبتها في الهروب و بقيت لحظات تحت الماء ثم خرجت إلى السطح لتلتقط نفسا عميقا تبدأ بعده بالسباحة.
اتجهت نحو الصخور التي جلست فوقها يوم امتحانها احد زملاء جريج. أغضبتها تلك الذكرى فكان أن أعطتها مزيدا من القوة لتضرب بذراعيها الماء و تندفع عبر البحر الهادئ البارد.
صاح بها صوت فجأة:
-انتبهي إلى هذه الصخور!
تجاهلت التحذير, فهي تتذكر تماما خشونتها, وحدة أسنانها و تركيبتها البركانية. ورغم حذرها انزلقت ساقها أثناء تسلقها الصخور, فجلست تحدق في العتمة تفحص موضع الإصابة باهتمام جعلها لا تحس باقتراب سابح نحو الصخور. لم يظهر عليها التوتر إلا بعد ان تسلق بحذر و جلس قربها. فسالته:
-لماذا تبعتني؟ هل وجدت كل النساء مشغولات بشركائهن؟
-من قال إنني تبعتك؟ ربما جئت هنا لأحقق رغبة خاصة. . . أسبح. . .كما تفعلين أنت بالضبط.
-فماذا تفعل إذا بجلوسك قربي؟
نظر إليها نظرة افتتان:
-أنت. . . بعد أن بدوت بصورة فينوس الشابة تسألين رجلا هذا السؤال.
أحست بوجهها يحترق, ومع ذلك راحت تحدق فيه محملقة, على أمل أن تحرجه, فابتسم و كأنه يرحب بتحديقها فيه. مضت بضع لحظات كي تدرك أن نظراتها انقلبت من رغبة في الانتقام, إلى نظرة إعجاب بتقاسيم وجهه الصارمة, وقوة بنيته.
فقال ساخرا:
-أتتأكدين من أنني رجل حقا؟ و لكنني لست بحاجة لأؤكد لنفسي بأنك أنثى. . . فهذا ما يبدو جليا كالشمس لأي رجل قد تقع عينه عليك خاصة و أنت في ثوب السباحة.
نزلت بسرعة و حذر إلى المياه, فسبحت من الصخور باتجاه الشاطئ. حيث أصبح خلفها عندما وصلت إلى الشاطئ التقطت منشفتها ثم راحت تجفف جسدها. أما هو فاستخدم منشفته بسرعة ثم ألقاها ليتناول منشفتها من يديها فقالت محتجة:

بحر الهوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن