2

22 0 0
                                    

 يلمح النادل قادماً يحمل طلبهما..

__ لقد طلبت لك شاياً تركياً!

تبتسم نصف ابتسامة غامضة تمتزج فيها الغبطة والغضب اللذيذ والروعة التي أدركتها في انتقاءه للتفاصيل حينما تذكرت - تلقائياً - بداية الرسالة..

__ اختيار.. (تصمت قليلاً) رااائع! تضيف بامتعاض.

__ أعلم! وقد سبقك النادل إلى ذلك بالإيطالية..

أتمنى أن يكون ذلك فعلاً ما قاله.. Eccellente شيء ما. (يضحك باستهتار)

__ مغرور.. مجنون! (تسمح للنظرة البراقة المرهفة بالظهور على عينيها)

"أنا المجنون؟! وأنت التي تتحدثين كنت عن نفسك بصفة الغائب.. أيتها "البطلة"! Whatever !

رتب النادل طلبهما فوق الطاولة ثم توارى إلى الداخل.

__ توجد صورة لصوفيا لورنبالداخل..التقطت سنة 1958.. ابتسامتها ذكرتني بآخر صورة لك..

__ لكن ابتسامتي أحلى! تجيب بغرور وثقة.

__ ههه بالطبع! يضحك في وجهها وهو يفكر في طعم الغرور الذي لا يحلو إلا معها.. وبتواجدها.

__ لم تخبريني عن رأيك باللون الأبيض علي؟

__ الأبيض رائع عليك..

__ أعلم! فهو يتماشى و ابتسامتي!

يبتسم بغرور واستخفاف وثقة ويستسلم لللخدرالطفيف..

Et mon passé reviens..

du fond de sa defaite..

(يسمع الكلمات في الخلفية فيرفع كأسه إلى روح شارل أزنافور ويومئ موافقاً)

لم تملك إلا أن تبتسم هي الأخرى - دون أن يبدو أنها انتبهت للموسيقى - وتطلق العنان لضحكة رنانة أضافت خدراً إلى خدره..

لا شيء يضاهي طعم غرورهما المشترك و جرعة قهوته الكوريتو القوية!

__ ربما تكون كتاباتك انعكاساً للواقع.. تضيف بعد ثوان: أي أنه لا يوجد "زمن" ولا "واقع"!

__ ربما.. لكن أظن أننا إن اتفقنا معا أنهما لا يوجدان.. فالأمر كذلك! إذا أحس شخصان بذات الإحساس في نفس الوقت فهذا يعني أنه حقيقي.. ولا حقيقة دونه.. أي أن اتفاقنا على ذات الوهم يجعل منه حقيقة..

__ تماماً! أظنك محقاً! تومئ برأسها وتزم شفتها ليلفها هدوء روحي عميق!

دون أن تعلم أنه كان يشير إلى "الحب " في جل عبارته السابقة

يصمت بدوره.. لكن الصوت داخل رأسه لم يهدأ: "ما يعني أن انسحاب أحدهما يترك الآخر سجيناً يتخبط داخل ذاك الوهم لوحده.. ".

لقاء فينيسياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن