لا تخلو هذه الحياة من كثير من المصائب والمحن التي تصيب هذا الكائن الضعيف المسمى بالإنسان فهذا يبتلى في ماله، وآخر في صحته، وذاك في راحته وباله، إلى غير ذلك من الإبتلاء
فالدنيا دار ابتلاء ولو خلقت للذة لم يكن حظ للمؤمن منها،
وقد جرت حكمته تعالى في عباده أنه خلقهم في كبد، في مشقة وابتلاء، فرماح المصائب على العباد مشرعة، وسهام البلاء إليهم مرسلة، ولولا أن الدنيا دار ابتلاء لم يضق العيش فيها على الأنبياء والأخيار،ولقد شاء المولى أن يبتلي عباده كي يسمع شكواهم إليه، فالشكوى إليه تحقيق لعبوديته. وفي سيرة الأنبياء والصحابة دروس للمصابين وهم يشكون ما أصابهم إلى ربهم فتكون عاقبة شكواهم سكون القلب وتفريج الكرب. تعلم من يعقوب عليه السلام حين قال: (إنما أشكو بثي وحزني إلى لله) عندما فقد ابنه يوسف عليه السلام وحزن عليه حزنًا عظيمًا
وهذا سيدنا نوح عليه السلام يدعو ربه أن ينجيه من ظلم قومه، يقول تعالى: (وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) [الأنبياء: 76].
وهذا نبي الله أيوب عليه السلام يدعو ربه بعد أن أنهكه المرض ، يقول تعالى:
(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) [الأنبياء: 83-84].وهنا لا يجد المرء المبتلى أمامه سوى شكوى يرفعها إلى ربه بكلتا يديه الضعيفتين لعلها تخفف عن نفسه، لعله يجدد بها روحه، لعله يحاكي بها ربه. ﻷنه عز وجل يحب منك أن تنكسر إليه وتعترف بضعفك وقلة حيلتك وحاجتك إليه ليمدك بقوته وعونه
فحين تشكو نفسك لله تكون قد عرفت فضل الله عليك وأنه هو الغني الكامل ونحن أصحاب الفقر الكامل إليه والقوة الحقيقية حين نستعين بالله رب العالمين ،لهذا جعلنا نقول فى كل صلاة { إياك نعبد وإياك نستعين }
فيارب ،، يامن إليك إلتجأت، وبك اعتصمت، وعليك توكلت، وإليك ألقيت أموري.لا فارج لهمي ولا كاشف لبلواي إلا أنت، ياصاحب الركن الشديد أشهدك أني قد آويت الى ركنك الشديد فارزقني حسن الشكاية ولاتحرمني منك حسن الكفالة والرعاية