خطاب كريم رقيق رحيم من ربكم وخالقكم أدعوكم اليوم إلى تأمله حيث يقول الله:
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27)يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا(28) سورة النساء
الله يريد أن يتوب على من؟.عليكم..عليِّ أنا وأنت وهو وهي وأمة الإسلام قاطبة فيا لله ما أعظم رحمة الله؛نعم يريد الله أن يتوب علينا؛ فمن فتح باب التوبة للعباد حتى تشرق الشمس من مغربها؟.إنه من يريد أن يتوب علينا إنه الله الرحمن الرحيمفما يريده الله تبارك وتعالى منا واضح جلي ، فهو يريد أن ييسِّر علينا، ويريد أن يَهديَنا ويبيِّنَ لنا سبيل الهُدى، ويريد أن يتوبَ علينا، ويريد أن يُخفِّفَ عنَّا، ويطهرنا ويتمَّ نِعمته علينا. إنها كلماتٌ كلها رحْمة ورأفة، فسبحانك ربي ما أَرْحَمَك ، فأنت الرحمن الرحيم!
نعم يُريد الله بنا اليُسرَ والتَّخفيف، ورَفْع الحَرَج، فمَا شرَع سبحانه شرعًا إلاَّ ويسَّرَه، فأمَر بالوضوء ورخَّص في المسْح على الجورب؛ تيسيرًا وتخفيفًا ، وجعل التراب طهورًا لمن فَقَدَ الماء أو عجَز عن استعماله؛ رحمةً منه، وأمر بالصلاة قائمًا، فإنْ لم تستطع فقاعدًا، فإنْ لم تستطع فعَلَى جَنْب، ورخَّص في قصْر عدد الركعات للمسافر، ورخَّص في الجمْع للمريض ولأصحاب الحاجات والأعذار، وأسْقط عن المرأة والعبد والصبيِّ والمسافر وجوبَ الجُمُعة؛ تخفيفًا وتيسيرًا. والفطر للمريض والشيخ الكبير ، وهكذا …
وفي الصحيحين (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى – أَوْ عَلَى النَّاسِ – لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ »
فلم يمنعْه من ذلك إلاَّ خوف المشقَّة على أمَّته، وأيُّ مشقة في السواك خمسَ مرات في اليوم؟! إنَّه التيسير والرحمة التي يريدها الله لعباده، فقال تعالى : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].
والله يُريد ليبيِّن لنا ويهديَنا: فبيَّن لنا سبحانه منهجَه وصراطه المستقيم بيانًا شافيًا لا يزيغ عنه إلا هالِك أو ضالٌّ، ويُريد أن يتمَّ علينا النِّعْمة، ونِعمةُ الله العظمى هي نِعمةُ الإسلام، التي فطَرَ الله الناس عليها ؛فقال تعالى:
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30].فكانتْ هي النِّعْمة، وكان تمامها بإرْسال الرُّسل، وبلوغ الشرع؛ فقال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]،
فإذا استقامتِ النفس على هذا الدِّين، سعِدتْ في الدارين، والسعادة هي أعظمُ ما نرجوه؛ لذلك كان دعاؤنا في كلِّ صلاة في سورة الفاتحة: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6 -7].