(2)

1K 34 8
                                    

"2"

فتحت عينيها .. لتجد نفسها في غرفة مُظلمة إلا من ضوء صغير لا تعلم إتجاهه .. اعتدلت جالسة بعد أن أيقنت أنها وُضعت علي سرير فردي .. نظرت أمامها ... ورغم الركن المُظلم الذي يجلس فيه رأته .. يجلس و أمامه علي المنضضة عدة أكواب فارغة .. ها هو ينتهي من آخر كوب و يضعه علي المنضضة بهدوء .. و يستند بظهره علي الحائط .. ثم يعود للأمام و يستند بذراعيه القويتان علي المنضضة .. تحسست جسدها و فكرت في شيء ما أرعبها كثيراً .. انتفضت و ألقت بالغطاء بعيد عنها .. انتبه لها وقام ببطء مقترباً منها ... عادت خطوة للخلف لتستضم بشيء ما .. وقع علي الأرض و انطفأ ضوء الغرفة ، وقتها صرخت برعب شديد وقالت:

- انت عملت فيا ايه!

لم تسمع أي رد منه ، شعرت ببعض خطواته تذهب لركن ما ، وبعدها اضيئت الغرفة بأكملها ، نظرت هي خلفها لتجد أنها أوقعت المصباح الجانبي للسرير.. لم تعتذر ، بل ظلت تنظر إليه برعب .. فقال هو بهدوء:

- أنا معملتش حاجة .. انتش الي اغم عليكي من كام ساعة .. و جبتك هنا

تركت نفسها جالسة علي الكومود و تحركت حاسة الشم لديها ، لتشتم رائحة القهوة .. نظرت إليه بريبة وقالت:

- دي ريحة قهوة؟

هز رأسه بعدم فهم فأخذت هي نفساً عميقاً و أطلقته وقالت:

- كنت فكراك سكران و ...

- توقفت عن الحديث فجأة ثم تابعت:

- أنا آسفة شكلي كده اتسببتلك ف متاعب .. أكيد كنت عايز تنام و معرفتش .. أنا هخرج دلوقتي..

التقطتت حذائها من علي الأرض و همت بالتحرك ناحية باب الغرفة لكن سبقها الشاب منعها بوقوفه أمامها وقال:

- مفيش خروج ، لما تبقي كويسة هسيبك تمشي

نظرت له بعدم فهم ، فابتسم هو بوِد وقال:

- متخافيش

أطرقت رأسها للأسفل وقالت:

- أنا مبحبش الجو المغلق عشان عندي ضيق نفس .. خرجني برة

نظر حوله ثم قال معتذراً:

- اه .. طيب لو حابة نروح البحر؟

- آلمها البقاء معه .. لكنها كانت مضطرة ..

علي البحر .. لم يكن هادئاً ، كان يعج بالزوار ، كلهم يتحدثون في نفس الوقت .. كم يكره هذا .. لو كان في فندق باهظ الثمن لخلي من هؤلاء المزعجين .. اختار مكاناً هادئاً ، جلس فيه و جلست هي علي كرسي بلاستيكي بالقرب منه .. ظلت تراقب المكان حولها حتي اطمأنت أنه مكان عام .. بعدها نظرت للشاب بشرود .. كان هو مركز بصره علي البحر الذي كان واضحاً بسبب إضائة الكافيتيريا .. كان وجهه واضحاً ايضاً .. شعر أسود فاحم .. ليس ناعماً كالحرير لكنه جميل .. يوقفه للأعلي بطريقة تُبرز مقدمة رأسه التي ارتسمت عليها "تكشيرة" لا تظهر إلا بالتمَعُن فيها .. كما تتمعن هي فيه .. عيناه ضاقتان مُحددتان بالأسود .. أعين كحيلة و جريئة .. أنف مستقيم .. وفم واسع مبتسم بشرود .. دقائق و التفتت بعيداً عنه و تحركت قليلاً في كرسيها .. سألته:

الغريبةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن