1 . اين كانت البداية ؟

28 2 7
                                    

  لا اعلم بالضبط اين كانت بداية تلك الاحداث المتسلسلة ، ولكن اظن ان البداية كانت عندما قررت الدخول الى ذلك المكتب المتواضع والذي احتل موقعا متميزا في الطابق الثاني فوق ذلك المطعم الفرنسي الراقي .

عندما طرقت الباب شعرت وكأن قلبي هو الاخر يتم طرقه من قبل القلق لانني لا اعلم بماذا سيجيبني ذاك الرجل القابع خلف الباب ،
   
"تفضل"

كان صوتا جهوريا قادما من خلف الباب يجيب على طرقي ، وعندما دخلت وانتصبت واقفا امامه استجمعت شجاعتي وهممت بفتح فمي ،لكنه تكلم فجاة قائلا

  "لقد تم قبولك " 

" هاا؟!!"
 
"ماذا الست سعيدا "
 
فكرت في نفسي قائلا : اعلم انني امام محقق ذو خبرة طويلة في مجال التحقيق ولكن ليس لهذا الحد ، قلت بسرعة ولا اراديا
 
"ولكن كيف ---"

ولكنه قاطعني باشارة من يده وقال

"اظن بان لديك سؤالان ، الاول هو كيف عرفت انك جئت لتقدم طلب وظيفة في وكالة التحريات هذه ،  و
الثاني هو كيف قلت لك انك مقبول للوظيفة دون ان تنبت بشفه ، اليس هاذان هما السؤالان ايها الشاب "

لم استطع سوى ان اومئ براسي مصدوما ، فقد كان هذا ما كنت ساقوله لوكنت قد تكلمت ، وبعد ان راى اجابتي اكمل حديثه قائلا :

" حسنا .... بخصوص السؤال الاول فان الاجابة عنه واضحة لكل من يراك ، اولا : لقد دخلت بادب وهدوء شديدين ووقفت خلف الباب فترة قلق قبل ان تطرق الباب وبالاضافة الى انك لم تجلس عندما دخلت وانما ظللت واقفا دليلا على الاحترام مما يدل على انك تريد طلب شيء وتخشى الرفض ، وهذا ليس تفكيرا يفكر به زبون جاء الى مكتب تحريات ، لان اي زبون يتوقع انني لن ارفض طلبه ؛ حيث ان هذه مهمتي بالاساس ، ثانيا : لقد لاحظت من شكلك انك بذلت جهدا كبيرا لتجعل مظهرك انيقا ، ربطة العنق، الحذاء اللامع ، الشعر المرتب ، كلها اشياء تدل على انك تريد ان ياخذ الشخص الذي امامك فكرة جيدة عنك ، ربما ستقول ان الكل يحبون ان يكون مظهرهم جيدا امام الناس ، ولكن كما تعلم واعلم انا ايضا ان الشباب في مثل سنك لا يميلون للاناقة الزائدة سوى عندما يكونون في لقاء رسمي ويريدون اعطاء الناظر اليهم فكرة مضمونها (انا جدير بالثقة ) ، وهذا بالطبع ايضا ليس تصرف زبون ، ثالثا :فكما ارى فانت لاتحمل حقيبة معك وانما اكتفيت بحمل اوراقك بشكل مرتب لانك شعرت بانك لو امسكت حقيبة عمل بالاضافة للبدلة الانيقة التي ترتديها فسوف تبدوا كرجل اعمال لذلك قررت ان تحمل اوراقك في يدك ، ومن ثم فان اي زبون لا يحتاج ليريني كل هذه الاوراق، وايضا ايخا الشاب يمكنني رؤية صورتك الشخصية على هذه الاوراق التي تحملها ، وان فكرت قليلا فسوف ترى بان اي زبون لن يحتاج ليريني صورته الشخصية وهو امامي سوى ان كان قد احضر ملفه الخاص للتقدم لعمل ، هل هناك اي شيء خاطئ فيما قلته ؟"

وبعد ان انهى جملته تلك تراخيت على اقرب كرسي وقلت لنفسي : هل عدت بالزمن واصبحت فجاة امام شارلوك هولمز ام هيركول بوارو ، ثم قلت

" ولكن كيف ....... كيف لاحظت كل هذا في اقل من دقيقتين ، هذا غير معقول بكل الاحوال !!"

رد بكل هدوء وهو يتراخى على كرسيه

   " ان اعيننا اسرع مما نتوقع في الملاحظة وكل ما نحتاجه ان نثق بها "

وفجاة استوعبت شيئا ما وقلت

  " لكن لحظة .... ماذا عن السؤال الثاني .... اقصد كيف وظفتني دون ان تعرف عني شيء ، بالرغم بانه من المعروف بانك لا تقبل موظفين في العادة "

" ان اجابة هذا السؤال قصيرة ...... يمكنك انا تقول انه حتى المحققين يمتلكون حدسهم "

قالها بابتسامة غريبة على وجهه ، ولكنني شعرت بانني تائه في استنتاجته الرائعة من مجرد اشياء بسيطة .
وهنا بدات حياتي كمساعد لمحقق بارع في وكالة التحريات وبعدها بدات تتالى الاحداث .

الغموض الضبابي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن