الكابوس

16.8K 349 4
                                    

* المظفار و الشرسة *

الحلقة ( 9 ) - الكابوس -:

راح "توفيق" يذرع نطاق حجرة الجلوس جيئة وذهابا ، و هو في حالة  نرفزة و إضطراب بينة ، كأن شيئا ما ينقصه ..
بينما تفجر سيل من الأفكار السوداء داخل رأسه دفعة واحدة .. إذ أين إبنة شقيقه الأن ؟ .. أهي بحوزة "عاصم الصباغ" ؟ أم قصدت مكانا أخر ؟ أم أن مكروها أصابها و هي لا زالت داخل القسم أصلا !
برزت أوردته و أحمرت أذنيه غضبا ، بينما نهض "رشدي" من مجلسه و تقدم صوبه قائلا بإعتراض متبرم:
-و بعدين يا توفيق ؟ هتفضل تهري و تنكت في نفسك طول الليل كده و لا ايه ؟ اهدا شوية امال.
قطب "توفيق" في إنفعال قائلا و هو لا يزال مستمر في المشي طولا و عرضا:
-اهدا ! اهدا ازاي يا رشدي ؟ اهدا ازاي و انا مش عارف بنت اخويا فين و لا ايه اللي حصلها ؟ انا هتجنن !
-مش الظابط قالك انها خرجت ؟ خلاص بقي بطل قلق و عصبية هي اكيد هتكلمك.
أجابه "توفيق" و أعصابه الثائرة ترجف صوته:
-و انا ايش عرفني اذا كانت خرجت و لا لأ ! مش يمكن حصلها حاجة و الظابط بيكدب عليا ؟؟!
-يا اخي ماتقدرش البلا قبل وقوعه ان شاء الله خير.
و هنا دق جرس الباب ، فإلتفتا الأثنان في نفس اللحظة ينظران إلي الباب لثوان دون حراك ..
حتي سارع "رشدي" بفتحه .. ليتسمر بمكانه لبرهة ..
فالطارق الواقف أمامه بوجه شاحب و أنفاس لاهثة .. لم يكن سوي "هانيا" ..
تهلل وجه "رشدي" و هو يهتف دون أن يحيد بنظره عنها:
-حمدلله علي السلامة يا ست البنات .. توفيق ، يا توفيق تعالي بسرعة.
آتي "توفيق" مهرولا .. و جمد بمكانه عندما رآها أمام عينيه ..
بينما تحطم ثباتها في تلك اللحظة و فرت الدموع الحبيسة من مقلتيها الزرقاوين و هي تقطع المسافة الفاصلة بينها و بين عمها ، لترتمي بأحضانه منفجرة بالبكاء ..
إحتواها "توفيق" بين ذراعيه بعاطفة أبوية دافئة ، و راح يمسد ظهرها بيديه ..
لم يتفوه بحرف ، فقط تركها تبكي علي سجيتها مكتفيا بتأرجحها في لطف بين ذراعيه و فمه فوق شعرها الأشقر ..
فيما تعالي صوت نشيجها المكتوم بمرارة حارقة فتتت قلب "رشدي" الذي وقف يراقبهما في صمت تام ..

********************

كانت غرفة مكتب "عاصم" مظلمة .. لا يضيئها سوي نور خافت منبعث من ثريات بأعلي السقف المنحوت من الخشب و الذي أضفي علي الجدران البيضاء جوا من الهدوء لم يكن له صدي لدي الرجل الذي كان يذرع الأرض ذهابا و إيابا كالنمر الهائج ، بينما صاح و قد ألهب الغضب عينيه:
-وكيل النيابة الغبي .. سابها تمشي .. مستحيل تهرب مني .. مستحييل.
باغته "زين" منفعلا بقوله:
-انا عايز اعرف انت ايه اللي مضايقك دلوقتي ؟ انت مش خلاص عملت كل اللي انت عايزه و خدت منها المخزن و منغير ما تدفعلها و لا مليم كمان ! عايز منها ايه تاني بقي يا عاصم ؟؟!
عند ذلك ، إستدار "عاصم" إليه بوجه مظلم غاضب ، أضاءه نور المصباح الرابض فوق المكتب فألقي ظلالا من زاوية غريبة علي وجهه أظهرت شموخ وجنتيه ، و كانت الندبة الغائرة بجانب وجهه الأيمن داكنة وحدودها واضحة و محتقنة ، فيما رد بوحشية:
-عايزها .. عايزها هي يا زين .. و هجيبها هنا ، مافيش قوة هتمنعني عنها ، مش ممكن اسيبها تفلت من بين ايديا بالسهولة دي.
إستوضحه "زين" بلهجة صلبة:
-يعني ايه مش فاهمك ! قصدك ايه ؟؟
ثم رفع يده و هز بسبابته و هو يقول له محذرا:
-انا مش هسمحلك ابدا تأذي البنت دي .. انت صاحبي اه ، لأ و اخويا كمان .. لكن لو وصلت بيك افكارك الانتقامية لدرجة انك بتفكر تأذي واحدة مالهاش اي ذنب في اللي حصل .. بدل ما اكون معاك هبقي ضدك يا عاصم.
-انا مش هأذيها !
هتف "عاصم" بنزق منفعل ، ثم زمجر قائلا:
-انا عايزها جمبي بس .. عايزها تبقي تحت عنيا.
تغضن جبين "زين" بعبسة حائرة ، فسأله:
-و هتستفاد ايه من ده كله يعني ؟؟!
أجاب "عاصم" بصرامة و عيناه تتوهجان بعاطفة غامضة:
-انا عايزها جمبي و بس .. بعدين بقي ابقي اشوف هتصرف معاها ازاي.
ثم سأله بضيق و خشونة:
-هتساعدني و لا لأ ؟؟
حدجه "زين" في صمت ممتعض ، ثم تنهد بثقل و أطرق رأسه مذعنا ...

" المظفار و الشرسة " 🔞حيث تعيش القصص. اكتشف الآن