بين غياهب القهر

20K 273 4
                                    

* المظفار و الشرسة *

الحلقة ( 27 ) - بين غياهب القهر - :

تمتاز أحجار الياقوت بلونها الأحمر الناري ..
لكن ليس من النادر أن يتغير لونها ، فتصبح في داخلها داكنة أكثر ..
و خاصة عندما يتعرض أصحابها للخطر ، و ثمة نوع من الياقوت يطلق عليه الخبراء إسم ( دم اليمامة ) .. و هو ياقوت ثمين ، أحمر قان فيه مسحة من اللون الأزرق ، كأنه داكن في أعماقه ..
و كانت "هانيا" الآن كأحجار ذلك الياقوت تماما .. ضائعة ، مخضبة بالدم ، فاقدة الشعور بأي لذة دنيوية ..
لم تفتح "هانيا" عينيها علي وسعهما إلا حين إسترخي فوقها ، و أصبح مرخيا بداخلها ..
عندما نهض عنها .. كان "عاصم" لا يكاد يستطيع أن يمشي ، فإرتدي سرواله الداخلي بحواس متخدرة ، و مشي مترنحا عبر الغرفة ..
إتكأ إلي باب الحمام برهة محاولا أن يتمالك نفسه .. أخذ نفسا عميقا ، فلاحظ رائحتها الطيبة المميزة ممتزجة برائحة عرقه الحار ..
فتح "عاصم" باب الحمام و دلف بسرعة هاربا من نظرات الإتهام التي حتما تشع من عينيها الآن .. أغلق الباب علي نفسه ، و فتح الدوش ..
لكته بدلا من أن يقف تحت الدوش ، إنهار و جثا علي ركبتيه و بكي ...

.............................................................

كانت "هانيا" ترقد الآن في الفراش وحدها ، و قد شدت الأغطية حتي عنقها ..
تمددت تعبة و منهارة و مهزومة .. فيما تجمدت الدموع بمآقيها و هي تفكر ؛
لقد أشبع "عاصم" حاجته ، و حقق إنتصاره الأكبر ، الا و هو الظفر بها ..
و لكنها أحست بشيء غريب طرأ علي تصرفاته ، و بدا في أفعاله .. شعرت أنه لم يسمو إلي السعادة القصوي التي كان يرجوها ..
هل لأن تلك السعادة لا تتحقق إلا بالإنسجام الروحي ؟ .. يجوز .. إذ لا يمكن أن يحدث هذا إلا عندما يتواجد الحب و القبول بين الطرفين ، و لطالما رفضته "هانيا" .. كانت ، و مازلت ، و ستظل ..
فضلا عن أن عناق "عاصم" و قبلاته النهمة في هذه الليلة ، كانت أشياء تعبر عن الرغبة .. الرغبة فقط ..
و لذلك ، لم تستطع هي أن تشعر بالدفء حتي ، بل علي العكس .. شعرت بأنها باردة ، خاوية في داخلها ..
شعرت أنها تائهة .. حيث لم تتمكن من تمييز نفسها ، كما لم تعرف جسدها ، و كأنها إمرأة أخري غيرها ..
عندما ولجها بمنتهي القوة و العنف ، غير عابئ بشعورها .. أحست "هانيا" في تلك اللحظة بصوت يقول لها ؛
لو أن "عاصم" ضمها بحنان بين ذراعيه علي الأقل ، فقد كان من الممكن أن يهدئ قليلا من الفراغ المؤلم بداخلها ..
و لكنها لم تكن تعرف أنه كان تائها مثلها ، و كان لا يدر ماهية ما يفعله حتي ..
جل ما أراده بكل جوارحه - هي - .. أراد أن يفوز بها و لو لليلة واحدة ، حتي و إن خسر كل شيء في المقابل ..
عادت "هانيا" لأرض الواقع مجددا حين سمعته يعود إلي الغرفة .. أغمضت عينيها الذابلتين لتتظاهر بالنوم ، أحست به يعاينها و يتمعن في وجهها من بعيد ، فوجدت صعوبة في المحافظة علي تنفسها الطبيعي المنتظم ..
راح قلبها يخفق كالمطرقة و هي تترقب خطوته التالية ، و لكنه بدا متعبا هو الأخر ، و ها هو يتجه صوب الخزانة ..
أخرج بنطالا قطنيا فقط كحلي اللون و إرتداه ، لم يرتدي شيئا فوقه و ترك نصف جسده العلوي عار تماما ..
فالحرارة التي نشبت بجسده ، غلبت علي البرد المهيمن علي الكرة الأرضية بأكملها ..
إذ كان فصل الشتاء لا يزال في أوجه ..
إختلست "هانيا" النظر إليه فاتحة نصف عين ، فرأته يتقدم صوب السرير بخطوات هزيلة متباطئة ..
إستطاعت أن تلمح كتفيه العريضتين ، و العضلات الضخمة التي يصل عرضها تدريجيا إلي خصره .. إحتل مكانه في صمت بالفراش من الجهة اليمني .. رقد إلي جانبها دون أن يحاول ملامستها ، و لكنه  كان قريبا علي نحو شعرت من خلاله بحرارة جسده ..
تقلب "عاصم" عدة مرات قبل أن يستقر في وضع ... و بعد دقائق قليلة ، سمعته يتنفس بعمق و قد إستغرق في النوم ..
و تنهدت "هانيا" و هي تتخيل ساعات طويلة قبل أن تستغرق مثله في النوم ...

" المظفار و الشرسة " 🔞حيث تعيش القصص. اكتشف الآن