خولة
الأغواط في 22 جانفي 2009 :
بثوبها الأبيض الجميل تجملت وباللمسات الملونة على وجهها تزينت، جددت كل شيء هذا اليوم من ثياب ومظهر ومن تسريحات شعر و مساحيق تجميل وحتى في نوع العطور والروائح المختلفة للعطور. كانت بحق عروسا جذابة وساحرة كوردة بيضاء ذات عبق جلل سطعت كنجمة في سماء سوداء ... النجوم على حقيقتها بوميضها الأخاذ لوحة إلاهية تجلت في عينيها! كان الجميع يحدق في تلك الجوهرة الجالسة على أعلى كرسي في الصالة ألم يظنوا للحظة أن النجوم ليست الوصف الصحيح لها؟ إنما أن تكون قمرا فهذا الأصح والأقرب إليها. كلهم كانوا سعداءً بليلة زفافها ، أمها وأختها زينب و زوجات اخوانها وبنات الخال والعم والخالة والعمة والجارات وغيرهم وحتى صديقتها (جوري) كانت سعادتها حاضرة في تلك الليلة ، أليس السرور للمُسِّر حق المحبوب على محبوبه؟ أليست الفرحة في مثل هذا اليوم هي عمل جوري! كلهم كانوا كذلك بالطبع.. عداها هي خولة!
خولة تعلم جيدا أنها لو لم توافق على الزواج _من ذاك الذي طلبها من أهلها حتى بدون أن يعرفها جيدا_ لن تكون مرتاحة ولن تريح أهلها من التفكير في مستقبلها كفتاة! وافقت على الزواج لأنها كانت تريد أن ترمي عنها هموما كثيرة أنقضت ظهرها في السابق وأن تودع ندما سكنها واستولى على كل ذرة في مكنوناتها قررت أن تكون ناضجة أخيرا وأن لا تكون أبدا غبية و ساذجة كالفتاة التي كانتها من قبل ، هي لا تشعر بالفرح .. ولكنها تشعر بالرضا عمّ فعلته لعل وعسى أن تجد في قرارها يوما ما ما يرد لها روحها وحياتها.
******
في عرف (الأغواطيين) أنهم يأتون منزل ابنتهم العروس الجديدة بعد أسبوع أو أكثر بقليل من يوم عرسها والأعراف لديهم لا تتبدل بسهولة فهذا ما حدث مع خولة أيضا حين كانت ما تزال عروسا جديدة ! كانت سعيدة جدا برؤية أسرتها من جديد وكأنها تراهم لأول مرة منذ عمر مديد ... انتبهت بعد مغادرتهم أن صديقتها الوحيدة والغالية لم تأت لزيارتها مع أهلها فأخذت هاتفها قلقة لتتصل بها وكان لجوري تعتذر منها وتتعهدها بأنها ستزورها في يوم آخر مميز لهما بمفردهما فقط.
وكان هذا اليوم فعلا بعد شهر ونصف تقريبا ...
- اشتقت إليك كثيرا أيتها المجنونة جوري ، كيف حالك ؟
ضحكت جوري وهي تجلس على أحد الأرائك الموجودة في صالة الضيافة وقالت بينما تغلق خولة الباب خلفها وتعود للجلوس بالقرب من صديقتها:
- أنا بخير والحمد لله، ما أخبارك أنتِ ؟
نظرت حولها في اهتمام وأضافت : '' هل أنتِ وحدك في المنزل خولة ؟ أسرة زوجك ... '' قاطعتها خولة مطمئنة:
- لالا عزيزتي لا أحد هنا أصلا أسرة زوجي التي تتكلمين عنها هي أمه فحسب، ثم ألم تقولِ أريد يوما مميزا لنا وحدنا بمفردنا؟
أنت تقرأ
أَيَامُ الَخرِيفْ
روحانيات(أيام الخريف) رواية تبنتها أفكاري و رعاها خيالي ، بناء على قصة واقعية التمستها من حياة صديقتي... أرجو أن تلمسكم مثلما لمستني ..