لك وحدك

676 10 2
                                    


................
هل تعلم ؟
لست بحاجة لإناء كبير ولا لنار هادئة حتى أطهو لي وجبة حب خفيفة ..
قليلة الخيبات .. كثيرة السعرات المرحة .. متخمة بالسعادة ..
أنا بحاجة .. لقلبك !
أضع فيه القليل من آمالي .. والكثير من الأماني .. مع بعض الحنين للحب ..أمزجها مع نبضك ..
حتى تشتاق !
لن تشتاق ؟ ربما ! لكن على الأقل ستذوق الحب بنكهة عاشقة خاصة ..
هل تعلم من كنت أنت يوما , ذاك اليوم ..
ذات خيبة لي .. كان عنوانها .. أنت ..
يومها قلت لكَ وحدك !
هبت نسمة غريبة .. مفعمة بشذى غريب .. شذى رجولة ما عدت أراها مؤخرا ولا أشعر بوجودها ..
رجولة .. استفزت أنوثتي .. حتى وجدت نفسي أشحذ أسلحتي لأقف في حالة حرب ..
رجولة رفعت طرف فكها بسخرية .. كاتبة روايات ؟
ما صدقت أن من مثلي لها شيء من التفكير ..
*تعالي لنتنازل ..
*لست في ساحة قتال ..
لم أكن أبدا لأسمح لك بوضعي في حالة دفاع عن نفسي .. لم تعجبك كلماتي ؟
قل لي ما العيب .. لا تقل
*عفوا .. ذكريني ..
متظاهرا نسيانك عملي ..
*روائية .. أنا ..
أكدت لك .. وأنا أهرب من عينيك .. لا أعلم ولكن سهام نظراتك أقلقت ثقتي .. فقط ابتعد عن مجالي ودعني أتنفس .. دون أن تطبق عينيك على عنقي ..
حتى لأخشى ازدراد ريقي الذي جف دونما سبب !
رويدك دعني أبتعد ...
*أنت بخير ؟؟ متوترة ..
فقط توقف عن حشر نفسك بي !.. كم ندمت ذات يوم .. نصيحة ذاك الرجل الذي قال خذي أعمالك له.. تقييمه لك سيرفع من شأنك ..
ليتني بقيت على رأيي أنا كاتبة الكترونية .. لا أطمح لأصبح ورقية ..
أغلب الكتب .. تعدم هجرانا .. على أرفف النسيان !
*لست متوترة ..
*إذا منتظرة ؟
*وهل يجب أن أكون ؟
تبا لذاك البرود .. طبعا يجب أن أكون .. كيف أصبحت بهذا الطول ؟ ماذا كانت ترضعك أمك طفلا ؟ النخيل مثلا ! حتى جاورته طولا ؟
أوه ماذا عن كتفيك ! هل يوجد رجل كهذا !
ترى لو نهضت ورحلت بينما أنت خلف مكتبك تنظر لحاسبك بتركيز , تصل له الذاكرة الالكترونية التي وضعت عليها أحد أعمالي التي أعتبرها أكثرها أهمية ..
هل ستنتبه ..
*ولمَ الهرب ؟
سألت دون أن تنظر لي .. ضاحكا بسخرية من منظري الذي لم تره وأنا متأكدة أنه مثال البله !
متى كان الحب بحاجة لعقل ؟ الحب هو جنون .. نبضة غبية تغادر جدار صدرك عل غفلة من عقلك .. حتى توقفه عن العمل بعدها .. وحين يعمل ..يكون قد فات الأوان ..
والقلب تم تقييده .. بالحب .. ذاك أن قيد الحب مخفي لكنه أقوى من أي قيد ظاهر ..
*لا أهرب !
كذبت .. وأنت تعلم وأنا أعلم .. ولكنها معركة الحب ..
نبدأها بكرامة .. وتنتهي ... بوضعها كذلك على الرف ..
قطب حاجبيه يقرأ متجاهلا الرد عليها ..
فقد كان أكثر من قادر على كشف ما تمر به .. مجرد طفلة تعافر لتثبت أنها امرأة ..
التوت زاوية فكه أكثر .. مراهقة تبحث عن الحب .. تنصر المرأة رغم أنها ومما قرأ من أسطر قليلة تناصر الرجل ..
ذكية تلك الكاذبة لسانا والشفافة روحا ..
فمن أفضل الوسائل للدفاع عن المرأة .. مناصرة الرجل !
افهم عدوك تفهم نفسك ..
ربما ليست كما اعتقد بعد كل شيء ..
تركها ترتشف القلق من كأس الانتظار .. ليلتهم بضعة أسطر أخرى .. من قصة حب ..
ليست قضية رجل وامرأة .. بل قضية وطن .. ومهاجر !
غلفته بامرأة كأرض جرداء.. أينعت برجولة مهاجر استوطنها .. واستحلها ..
أرض سلمت لمحتلها .. تحت مسمى الحامي ..
*متلاعبة ..
همس بها لتنتفض في مكانها .. لمَ تجد أن كلماته عصية على فهمها ..
*كيف ؟
صوتها المرتجف جعله يبتسم .. كذلك دون أن ينظر لها .. يلاعبها ..
يعلم ذلك .. واستهواه الأمر ..
ترى .. هل تصلح أن تكون أرضا ... يحتلها ؟
قطب مجددا .. ومنذ متى كان يخسر .. غزوا أشهر أسلحته للدفاع ضده من أول مرة ؟
لم يكن ليخسر .. ولن يسمح له ..
يجب أن تبقى .. كما هي .. منتظرة .. متلهفة .. حتى تسقط قلاعها .. مشتاقة
******
دارت في مكانها .. ربما كانت حرب خاسرة في الأساس ..
جلست مع كوب الذكريات .. وبخار من اللحظات الخاطفة يتصاعد معه لترتشف كل فينة قليلا من .. ذكريات باردة .. لاذعة كأنها تشتعل .. ثلجاً!
ربما هي بحاجة .. لتجرب قانون الجذب المقيد ..
وضعت كوبها جانبا .. وكما عشاق اليوغا .. تربعت .. تتنهد الحنين وتزفره ..
تسلط جل تفكيرها على الإيجابي .. والإيجابي فقط .. تقيد تفكيرها بشيء يبعث الأمل .. عله يبني مجددا ذاك السور الذي شرخ في روحها ..
ولكن أنّى لها ذلك !
ها هو .. حتى خلوتها مع تأملها يقطعها ..
فهي لم تفكر بأمل .. سواه !
فالحب بالطبع مغفل سيدتي .. لا تحلمي أن يأتيكِ برقة ويذهب كنسمة ..
يأتي كوحش متربص .. ينقض فجأة يطبق بقوة على قلبك فيأسره .. ينشر سم الحنين في أوردتك وشرايينك , فيتصلب تدفق التفكير .. وتلين الأعصاب .. وتصبح أكثر عرضة ..
لداء الشوق .. وحينها ..
عليك الرحمة صريعة باسم الحب !
وراضية .. فلا تلقي لومك بلؤم عليه .. هناك أمراض دائمة كثيرا ما نهوى الوقوع بها ..
مازوشيون نحن في الحب .. نهوى العيش على الأنقاض .. دون أن نسعى لإعادة الإعمار ..
ليس ذنبك سيدتي ..
فذاك هو الأصل .. لن نهرب منه اليوم ولا غدا ..
إنه دليل عروبتك .. فالأنثى الشرقية .. لا تعترف بالحب لأنه ( عيب )
ولا ترضى بالفراق لأنه ( موجع )
ولا تقدر على الوصال ( فكرامتها ) تأبى أن تذلها لرجل .. عاشت عمرها تسمعهم يقولون عنه
( الرجل يوما ما سيعيد فتح كل دفاترك .. فلا تخطي شيئا ضدك عليها حتى لو كان حبك )
أرأيت سيدتي ؟
إنه الأصل ولا مهرب ..
*هل أعجبك ؟
سألت بأمل تنظر له تقاوم الرغبة بالهرب .. فقط لو ينظر لها ..
وليته لم يفعل .. كانت عيناه .. أولى أسلحته .. وقد أصاب بالصميم .. ضربة مباشرة حطمت القلعة الأولى من صمود واه كاذب ليس سوى قشرة .. تهرب خلفها دائما متظاهرة أنها هرقل البنات!
لم تعترف قط أنها ... المكنسة التي راقصتها سندريلا !
مجرد مكمل لشيء .. لا شيء له ..
عضت شفتها تشمخ عاليا بأنفة .. تأبى أن تعيد ذات السؤال ..
ليتنازل عن عرشه وقد أسبل رمشيه فتوقف الرصاص عن ضربها ..
رشاش كان في التصويب .. وقناص في الإصابة ..
*غدا تعالي ..
حتى هو لم يعلم سبب البرود في كلماته .. ربما لأن معركة مع ساحرة للكلمات لن تكون سوى ..
سوى مصارعة ثيران هما فيها الثور ..والفارس وكلاهما خاسر ..
هي متلاعبة الألفاظ ..
هو جذل بها .. قويها صاخبها .. بعكس رقتها..
كان ليسحقها .. صمتا دون نزاع ..
فتحت عينيها مفجوعة .. تتلقاها الومضات الهاربة .. من بخار كوبها الذي يغريها لترشف من جديد .. مزيدا من الأنقاض التي حافظت عليها في روحها كالآثار ..
أتت ..
لم يتوقع جرأتها رغم الخوف الذي يشم رائحته فيها .. شامخة كانت ككلماتها رقيقة كمشاعرها ..
وكاسرة .. كانتقامها الذي خطته أسطرها .. كم أخطأ حين قال طفلة ..
وهل تقدر طفلة على تحريك اثنا عشر دمية والتحكم بمصائرها دون أن تفلت أيا من حبالها !
رفعت شعرها الهائج بكفها ..
لم تكن جميلة .. لكنها .. جذابة نوعا ما ..
لا تضج أنوثة .. وليس بها شيء مميز .. فقط هالة غريبة من القوة .. تحيط بها ..
تدفع بعضهم للهرب .. والبعض مثله للاقتراب ..
ومن يقدر على أنثى لا تخشى قول الحقيقة ... في وجهك حتى لو عنى ذلك إحراجك !
أنثى لن تتوانى عن قول كاذب ..
ولن تتراجع عن صفعك ..
ولن تجد صعوبة في البصاق بوجهك !
ليست صفات أنثى .. لكنها هي .. متفردة بشخصيتها .. ينقصها شيء من الضعف لتصبح أنثى..
و لو كان يعلم .. كم تكره ضعاف الإناث وتحاربهن كالجرب ..
لو يعرف أنها لا تتعاطف مع فتاة متخاذلة مع نفسها .. ولا تشفق على فتاة انهارت أخيرا ..
ولا ترحم حتى نفسها .. لو ضعفت ..
ولم ترحمها .. ما زالت كل يوم ترجم روحها بسياط من ذكريات حارقة ..
تؤدبها .. حتى لا تذل مرة أخرى ..
*جئتك ..
واثقة هي أن ما خطته يجب أن ينال إعجابه .. فقط لو لا يدقق بها بهذا الشكل المخجل !
فهو ببساطة .. يمد يدا خفية .. تضرم نارا بلا رماد في روحها ..
فقط .. ليشعل منها سيجارة من الانتظار .. يحرق بها أعصابها ..
جلست فجلس ..
*انتظرتك ..
اهتزت عينيها .. كان صيادا لهفواتها التي تجيد اخفائها .. يتصيد لحظات تخاذلها في الدفاع حين يهاجم بغتة...
*أعلم .. فقد طلبت مني القدوم ..
ابتسم .. فخسرت نبضة لصالحه .. تركت صدرها وذهبت له ..
يعجبه الصراع معها .. مغيبة هي .. لا تعلم أنها دخلت للتو .. حلبة النزال ..
فهو قد قرر .. أن المعركة آن أوانها ..
*قهوة ؟
سألها بحاجب مرتفع ..
*سادة ..
ردت ببرود ..
فأشار لركن مكتبه ... حيث رأت عدة القهوة ..
*أعدّيها .. لم يسبق أن خذلنني النساء فيها ..
ضربة .. تألمت دون سبب .. ربما لأنه اعترف أن دعوته التي جعلت ثغرها يبتسم برقة تظن أنها حصلت على شرف قهوته .. حصلت عليها قبلها الكثيرات ..
ستكون مجالا للمقارنة .. وكم تكره أن يقارنها بغيرها ..
*إذن ربما حان الوقت ألا تخذل أنت النساء..
مال برأسه يناظرها .. ليرى حدقتها تهتز بوجل .. خجلة هي .. من إظهار خجلها ..
وخائفة هي .. من أول اختبار للأنوثة !
*لا تتخاذلي أنت .. لم يسبق أن اشتكت أنثاي خذلاني ..
أنثاه !
محظوظة هي من ستكون أنثاه .. لملمت شتات نفسها بكبرياء .. وذهبت حيث أراد ..
ارتجفت قلقا .. كم أنثى مرت هنا .. هل هذه هي أولى جمرات الغيرة تتقد في روحها ..
لكن .. لمَ تغار !
*ملعقتين من السكر .. أحبها حلوة المذاق .. كالأنثى .. تغري حلاوتها ..
ضربة أخرى .. جعلت  يدها ترتجف لتتساقط بعض حبات من البن الناعم على الطباخ الكهربائي الأنيق .. وبغباء لا تملك عليه سيطرة .. مدت إصبعها تمسحها.. لتصرخ بألم أكبر متراجعة ..
تضم كيس البن لصدرها عسى ألا تهدر الكثير من كرامتها ..
*أبخير أنت؟
سألها وقد سابق نبضه لها .. تضم كفها لصدرها .. لتخفض لأول مرة رأسها خجلا ..
*أعتذر ..
تمتمت تكاد تبكي .. متأكدة أن ليس من إناثه من هي بغبائها ..
بينما هو ابتسم منتصرا .. فقد نجحت باختباره الأول للأنوثة.. وضعفت .. خجلا في محضره !
شرقي هو .. تعجبه المرأة البرية كفرس أهوج .. لكن في حضرته ..
يريدها مهرة تنتظر أن يمسد عنقها بحنان ..
*دوري ألا أخذلك ..
أخذ منها البن التركي القوي الرائحة.. لتهرب بخزي من عينيه اللتان لاحقتاها بإصرار ..
تعود لمقعدها .. لترفع رأسها بعد برهة .. كأن شيئا لم يكن ..
تنتظر بشوق .. ألا يخذلها ..
شرقية هي .. ينعش أنوثتها مجرد فنجان قهوة من يد رجل أعجز النساء ولم يتزوج ..
لمَ ! فليتزوج مثله يجب أن يتكاثروا .. حتى لا ينقرض جنس الرجال ..
*سادة ..
قطع الطريق على أفكارها يقدم قهوتها .. بينما جلس دونها.. ارتفع حاجبها بتساؤل ..
لترتفع زاوية فكه بابتسامة ..
*أنت قهوتي اليوم .
احمرت خجلا .. لتتسع ابتسامته .. مع اتساع أملها
*****
انخفض كتفيها ولم تتمكن من التركيز .. تباً لليوغا .. لو أنها حقا تسرقنا من أنفسنا ..
لكنت الآن مرتاحة ..
أخرج من أفكاري .. حررني من قيودك التي أحاطت بي ولم تفكها عني  حين رحلت ..
متعبة أنا .. أيام من الحب .. أعطتني زاد سنوات من الحب ..
التوت ابتسامتها بسخرية ..
غبية هي من تظن أن بإمكانها تطويع سيل جارف اعتاد ألا يقيده مجرى !
تمددت على فراش الذكرى .. لم يعد كوبها يعطيها الومضات ..
عيناها اللتان تناظران سقف أحلامها الملون بالخيبة هي ما ومضت الآن ..
*أنت الآن قهوتي ..
كم جعلتها تلك الجملة تشعر بالانتشاء ..
*أنت قهوتي !
وبغباء أنثى حقيقية .. اختفت قوتها التي تسلحت بها ضد عينيه .. لتحمر مجددا .. خجلا !
وتصبح كوردة جورية حمراء .. لا ينقصها سوى لمسة الندى في الصباح الباكر ..
*هل أعجبك عملي ؟ ..
غبية حقا ! تتلاعب باللحظة لتغير الحديث .. لا تعلم أن اللحظات الأولى في الحب خالدة ..
لو لم تكن كذلك.. لم تذكرها الآن وكأنها تعيشها ..
ضحك ملء شدقيه ..
*مثالية ..
راقب بعين الخبير عينيها اللتان اتسعتا بفرح ووجهها الذي أشرق ..
وكأنه قال شيئا عظيما .. ليكمل بهمس أسكرها فلم تعد قادرة على إبعاد نظراتها عنه كمغناطيس جذبها وعجزت عن الفكاك منه..
*أنتِ.. مثالية أنتِ ..
راقب عنقها الذي تحرك برقة .. و كأنه حجر ينحت ..
ابتسم لتغرق .. من كانت ابتسامته بحر مثله سيغرق فيها الكثيرات مثلها ..
و بجرأة استغربتها .. مال على قهوتها ليسحبها من كفها المرتجف .. و يرتشف منها ..
*حلوة ..
رفعت حاجبها بعجب متأكدة أن قهوتها سادة .. ذاقتها و لم تشعر بشيء من الحلاوة ..
و لم تكد تفتح شقّي الكرز حتى أكمل بذات الهمس المذيب للثلج المحيط بأنوثتها..
*أنتِ..
تأوهت بألم و صدرها بدأ يعلو و يهط .. لم تدخل سباقا للجري لا .. بل كانت تكافح دموع خذلانها .. إذ ابتسمت له ..
أعطته البطاقة الحمراء أن اقتحم أسواري .. حطم قلعتي و احتل أملاكي ..
و كن ملكا في عرشي ..
لم تتوقع أبدا .. أن تكون جاريته ..
شرقي هو .. يهوى الجواري ..
عصرية هي .. تهوى الحرية ..
خاسران هما .. ما التقى العبد ليرفع وجهه مع الوالي .. إلا ليقطع رأسه ..
و فعل .. نحر عنقها دون دماء ..
استباح ألمها .. بأسوأ سكين صدئ ..
ذبحها عشقا .. و احتضرت أمامه شوقا ..
انتفضت أملا .. ابتعدت ... حباً !
فاضلة هي .. تبتعد و لا تكره من تحب ..
*****

لك وحدكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن