|عَن اكتشَافِها|

210 31 1
                                    


عندما وصلت السيارةُ ووقفتُ أمامي، شددتُ على ياقةِ قميصي وسويتُ هندامي وأنا أرى السائقَ يرتجلَ منهت وينحني إليّ.

انحنيتُ له وتنحيتُ للخلفِ كي يفتح الباب، وفي داخلي همسُ أملٌ صغير يأملُ أنّي سأجدُها خاليةً عندَ صعودي.

أردتُ الهرب بملءِ الدنيا، ولآخرِ لحظةٍ، وقفتُ هناك أتحسسُ اهتزازَ يديّ وجفافِ حنجرتي حتى ما لاحظتُ أنني لا زلتُ أقفُ خارجًا ولم أصعد.

أخذتُ نفسًا عميقًا وانسللتُ للداخلِ مسندًا بظهري على ظهرِ السيارة ببطءٍ وحذرٍ مِن اقترافِ أيّ خطأ وأنا أشعرُ بروحي تفارقُ جسدي عندما سمعتُ صوت البابِ يُغلقُ وراءي.

أولُ شيءٍ أدركَته حواسي كانَ رائحةَ الياسمين التي ملأت السيارة.
حدقتُ مليًا في يديّ المدسوستين جيدًا بين فخذيّ ولم أرفع نظري إلا عندما شعرت بالسائقِ دخلَ وجلس في مكانه.
حتى عندما رفعتُ نظري، لم أكن متأكدًا إن كان ما أراه واقعًا أو حلمًا.

بالطبعِ كانت جميلة..
بالطبع... لم أتوقع شيئًا أكثرَ أو أقل.
كانت تمامًا كالصورةِ التي رأيتها، حتى تلك الملامحُ المتشاركةُ بينها وبين والدتها وجدتُها فيها.

زممتُ شفتيّ بتوترٍ فيما مسحت هي على شعرها الراقدِ على كتفِها وابتسمت ابتسامةً ناعمةً رغم أنني لم أقل شيئًا.

- إم إن سون.

-  بارك جيمين.

كان الوضعُ في السيارةِ خانقًا ومثيرًا للأعصاب جدًا..
لم نكن قد قلنا شيئًا لبعضنا وكنتُ قد بدأتُ أشعرُ بربطةِ عنقي تطبقُ على أنفاسي.
كانت السيارةُ حارةً أيضاً، حارةً جداً، والمساحةُ صغيرةٌ جدًا فيها، ولم يكن هناك مجالٌ للتفكيرِ في طريقةٍ أخلصُ بها نفسي من هكذا مأزق.
بدا كلُّ شيءٍ متقاربًا جدًا.. مكشوفًا جدًا..

فجأةً، عندما كنتُ آخذُ نفسًا أردُ به الهواءَ إلى رئتيّ، شعرتُ بيدها تستريحُ برفقٍ فوق ركبتي.
ارتددتُ للخلفِ بسرعةٍ شديدةٍ جَعَلتَها تجزعُ وتقفزُ في مكانِها، وانحشرَ جسدي في زاوية السيارة ملتصقًا ببابِها المعدنيّ وأنا أحدقُ بها بحدقتين مصدومتين.
تعابيرنا كانت متشابهةً كثيرًا، إلا أنها بدت مدهوشةً، وأنا كنتُ مجزوعًا.

استمرت كلماتُ والدي بالطوفِ في رأسي، ذهابًا وجيئةً، فيزدادُ الاختناق.
أردتُ لملمة نفسي، أردتُ حقًا فعلَ ما كان من المفترضِ أنّ أفعله، لأنني أحبُ تايهيونغ أكثر من نفسي، ولكن ذلك كان صعبًا.
صعبًا جدًا..
في لحظاتٍ كهذه، أتمنى أحيانًا لو أنني لم أولد قطّ، ولو أنني لم آتي لهذه الدنيا.

- إنكَ ترتجف..

- مـ.. ماذا؟ رمشتُ بارتباك.

عاجِزٌ عن مساعدِتكَ أو إشفائِك.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن