06 - 《الغرفة الرابعة 》

149 20 6
                                    

بدت لهم غرفة أكبر من سابقتيها بقليل ، لكنها لم تبدو كغرفة يمكن أن توجد داخل كوخ مهترئ يوجد في قرية خالية من أي علامة بشرية بَيد أنه صغير جداً ليحوي كل هذه الغرف ! ، انتصفت السقف ثرية ضخمة متلألئة بأضوائها البرتقالية المحمرة التي انعكست على الجدران و الأرضية مصقولة بعناية ، أسفل الثرية استقرت أريكة بيضاء منتفخة و ناعمة لتُبدي درجة عالية من  الفخامة المغدقة لثناياها الصوفية ،  استقرت امام الأريكة طاولة زجاجية بأرجل مُذهّبة بنقوش رقيقة رائعة ، تلا الطاولة كرسي أسود جلدي و فخم موجود خلف مكتب صغير ومقابل للطاولة الزجاجية شابه الغرفة في أثاثها الأنيق ، فهو لم يحتوي إلا على بضعة أوراق فارغة ، 

لكن هذه المرة لم تكن الحجرة فارغة بل كان هناك رجل ذو ملامح باردة حديدية و غامضة لدرجة تُسري قشعريرة مرعبة في ثنايا البدن ، له شعر أسود مُتفحم و عينان رماديتان عيمقتان و غامضتان بطريقة جذابة ، و كأن مصائب الدنيا كلها تقرفصت فوق كتفيه ،  لكنه لم يكن ينظر باتجاه الأصدقاء الثلاثة بل يوجه نظره إلى تلك الأوراق الفارغة بنظرة خالية من التعابير ، نظر فارس نحو صديقيه بارتباك و كأنه يسألهما : " من هذا ؟!! "

رفع عادل كتفيه صعوداً ثم أنزلهما و تعبير جهل أبله يعلوه ، كسر حاجز الصمت الذي ربما ما كان لينتهي أبداً صوتٌ أجش و عالٍ كجلجل رعد يدوي بالمحيط معاتباً ،
"مرحباً بكم يا سادة " 

تجمد كلٌ من عادل و فارس برعب جعلهما كأشجار تموت من الداخل وهي شامخةً أفرعها ظاهراً بينما لم يُحرك كمال ساكناً وكأنه يشاهد فلم رعب بنهم يعجبه ،
ابتسم ذلك الرجل ذو الأكتاف العريضة و الحُلّة السوداء كغيهبان الليل ابتسامة لا تُبشر بالخير فقد كشفت عن أنياب بيضاء ناصعة توسطتها أسنانٌ مرصوفة بعناية
"تفضلوا بالجلوس , اعتبروا المكان منزلكم  "

قال مجدداً وهو يُشير إلى الأريكة بسبابته  و ابتسامته تتسع ببشاشة مرعبة، زاد ارتباك الشابين فلم يعلما ما الذي يفعلانه ، فهل حقا سينفذان أوامر جثة ميتة ؟! ، تقدم كمال بثقة واضعاً يديه داخل جيبيْ بنطاله و جلس على الأريكة بينما يرمق ذاك الرجل بنظرات تحدٍ ، قام كمال بأول خطوة ليزيح بعضاً من توتر صديقيه اللذان جلسا على جانبيْ كمال ، فأصبح ترتيبهم كالتالي : عادل ، كمال ، ثم فارس .

دسّ الرجل يده داخل سترة قميصه و استخرج قطعةً  نقدية ،

"سوف نلعب لعبة "
دهشة عادل منعته من كبح صرخة ثائرة
"أنت تمزح ! "

لم يرد عليه الرجل مما دلّ على جديته التامة قبل أن يقول
"و لتكون اللعبة جميلة سأقدم لكم بعض الشروط "
صمت قليلاً ليتأمل تعابيرهم التي تقلبت بين رعب و ارتباك و روح مغامرةِ كمال الثائرة
"ستكون هناك أرواح رهن اختياركم " 

كان فارس على وشك السؤال عن ماذا يعني بشرطه السخيف ذاك و لكن و قبل أن ينطق
أشار الرجل بسبابته نحو ثلاثة أشخاص ذوي جثة ضخمة تكاد تفوق الجبال ضخامة ظهروا من العدم بقبعات بيضاء أسطوانية كبرج بيزا المائل و بأيديهم ثلاثة أشخاص ، الأول رجل عجوز هرم حتى اختفت ملامحه من فرط التجاعيد و قد كان ظهره المحني ينمّ عن إرهاق و تعب بعد أن امتصت الحياة أي علامة حيوية به و الثاني كان رجلاً ثلاثيني العمر ذو ذقن خفيفة و أعين نعسة متعبة بَيد أن جسده هزيل جداً وكأنه لم يذق  طعاماً منذ دهور ، أما الثالث ....فهو مفاجأة مرعبة بالنسبة لفارس  فسوف يفغر فاه متعرقاً بينما يركض قلبه فزعاً خارج جسده عندما يُزال ذاك القناع الذي يغطي وجه الفتاة .

الزّوبعة القُرمزية تنتظر !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن