وكُنتُ أنا الشرّير في هَذه الحِكاية

5.3K 652 615
                                    







"ثم أتَى الحطّاب بيير! ,  ليطلق النار عليه فيفِرُّ هارباً على الفور!!"

نَطَقت الجملة الأخيرة بصوتٍ أعلى من سابقاتها ليردِف ذلك هُتافٌ مُتصاعدٌ مع كؤوسٍ ترتفع عالياً وتتلاطم ليطيش النبيذ بكل اتّجاه.

ضحكةٌ خافتة ومبهجة انطلقت من صدر ليلى "42" عاماً وهي تنزل من على ذلك الكرسي على منصّة الحانة لتشكر من فيها بنبرةٍ باهتة , قبل أن تعود إلى طاولتها برفقة زوجها وتُكمل احتساء النّبيذ.

وعادت الحانَة لتضجّ بأصواتِ الحضور بالدردشة مُجددّاً بعد أن سَكَنت أنفاسهم آنفاً لِسماع القصّة المشهورة جدّاً في أصقاع أوروبا , بِلسان بطلتها ليلى نفسها.

القصّة التي لم ولن يسأم أحدٌ من سماعها , مع كلِّ عشيّةٍ من عشايا الكرسمِس , في بلدة نانْتس غرب فرنسا.










ما عداي أنا.

دَنَوت بعيني الخائبتين , وغادرتُ مُطأطئ الرّأس من جانب الحانة قبل أن يلمحني أحدهم من أهل البلدة فتكون هذه نهايتي الحقيقيّة , وليست تلك التي في رواية ليلى منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

رُحتُ أجرُّ خُطاي البائسة نحو الغابة , وأتَهادى بجسدي العجوز المُنهك , المُنهك من تلك القصّة وتفاصيلها , وحبكتها الظّالمة وزيف أحداثها الأليم.

تلك القصّة التي لا أفتأ أستمع إليها كل عام.

على أَملٍ كاذب , بأن تتغيّر أحداثها , وأن تتبدّل الحكاية ,  وتُروى كما هي.




••


بلَغت كهفي الذي أقطن فيه , وألقيت بجسدي المُكتفي من ضَنَك الزمان قُبالته , ورُحت أتأمّل ذلك الجدول الرقراق بعينين مبتسمتين بسخريةٍ قاتمة.


"ما ينبغي للبهائم أن تُخالِل بني البشر"



••






قبل ثلاثةٍ وثلاثين عاماً.







تنهّدتُ بعمقٍ من أثَر التخمة , بعد أن التهمت وجبتي الصّباحيّة من ذلك الأيّل الذي ادّخرته منذ البارحة.

ثم استلقيتُ على ظهري بجانب شجرة الصنوبر العملاقة , ورحت أطبطب بأطراف أصابعي على بطني المنتفخ وأنا أهمهم بأغنيةٍ قديمة , أغنيةٍ كنت أسمعها من الصيّادين الذين يجوبون الغابة بين الحين والآخر.

كِذبة ليلىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن