خيانة

405 37 3
                                    

كان المشهد شرق الأرض السفلية صامتا تماما، اختفت تلك السحابة ومعها الأمطار الغزيرة، والصفاء غزا ذلك المكان

فجأة، ضحك قوي صدر خلف المعلم، التفت هذا الأخير ليجد أن أربوليس كان يضحك

سأل الملك أخاه "هاي أربوليس، ما الذي يضحكك؟!"

استمر أربوليس في الضحك لهنيهة بعدها وجه نظرته إلى المعلم وقال "لقد ألقيت خطبة عظيمة فيما سبق بخصوص أخذ نصف الأشياء التي تولد طبيعيا وترك النصف، ولكن الآن أنت دمرت كل شيء حتى النصف الذي تركته سابقا لقد تدمر الآن باختفاء السحابة"

"ما أضحكني أنه لم تمضي فترة طويلة وكنت تصرفت عكس ما قلت، أليس هذا تقلب صريح وانعكاس عكسي يوضح الهوة الفعلية بين أقوالك وأفعالك...؟!"

تغير تعبير الملك، خشي أن يغضب معلمه فيقوم بقتل أربوليس هنا، لهذا سرعان ما تصرف بسرعة، مد يده وأغلق فم أربوليس، ثم ابتسم في وجه المعلم وقال "لا تعره انتباها، أرجو أن تغفر له وقاحته هذه"، في الواقع كان الملك يتكلم وجسده يرتعش خوفا

بالنظر إلى الملك، أدرك أربوليس أنه تجاوز حده وقال كلاما لا يجب أن يقال، فقد كان المعلم الأقوى ولطالما ما فعل القوي ما يريد دون أن يكون للضعيف حق السؤال، هذا هو قانون العالم

لكن للمفاجأة لم يغضب المعلم، بل ابتسم وقال لأربوليس "إن خبرتك في هذه الحياة قليلة، وإن مبادئك فوضوية وغير واضحة هذا إن وجدت أصلا، أرجح أن في عقلك قانون واحد، القوي هو الحاكم وهو من يملك مصائر الآخرين ويملك الحق في كل شيء، أراهن أن هذا هو القانون الوحيد في عقلك، أليس كذلك؟"

لم يجب أربوليس، لكن صمته كان دليلا على صحة كلام المعلم

ابتسم المعلم وأكمل "إن هناك الكثيرين أمثالك الذين يغترون بقوتهم ويظنون أنهم ملوك العالم، لا لشيء إلا لأنهم شعروا بأنهم لا يقهرون، صدقني أنت تقهر، مهما كنت قويا هناك أقوى منك، حتى لو أصبحت في قمة الأقوياء لن تتمكن من هزيمة قوة الزمن، ستنهار عاجلا أو آجلا"

"سأعطيك درسا آخر فتذكره، إن القناعة تورث الصلاح وإن الجشع يورث الفساد، لكن القناعة لا تعني أن تستلم للموت، إن جعلتك القناعة في يوم من الأيام تواجه موتك، فاستبدلها بالأنانية، لأن الموت نهاية الخط، واستسلامك له يعني أنك ضعيف حقا، إن الموت عندما يأتي حقيقة سيفرض نفسه عليك لا يوجد مفر منه، وقتها لن ينفعك أحد ولا حتى قوتك هذه"

"الأنانية التي تنجيك من الموت، هي المفتاح الصحيح والخط الفاصل بين الصواب والخطأ، الأنانية في مجملها خطأ، ولكن في خصوصيتها صواب، لأن الأنانية خاصة تجعلك قويا، تجعلك سالما، تجعلك تعرف ما ينفعك ويضرك، لكن في عموميتها تجعلك طماعا، وتجعلك خائنا، وتجعلك شريرا، وتجعلك تنشر الفساد في الأرض"

بحر الدماء Sea of Bloodحيث تعيش القصص. اكتشف الآن