صفعه القدر

56 1 0
                                    

(1)
- يا بنتي صدقيني، محدش بيتجوز االلي بيحبه، الحب بييجي بعد الجواز، يمكن متكونيش عارفة حاجة عن جوزك دلوقت بس عندك عمرك كله تتعرفي عليه فيه يعد ما تتجوزوا، كلنا اتجوزنا بالطريقة دي ، يعني مش شايفة اللي اتنيلتي وحبتيه ضحك عليكي واختفي فجاة؟
قالتها الأم و هي تُلبس ابنتها فستان الزفاف.    
_يا ماما مضحكش عليا أنا متأكدة ان فيه سبب خلاه يختفي..
-سبب ولا مش سبب، مفيش حاجة اسمها حب من غير جواز، معندناش بنات تحب وتكلم رجالة غريبة.
_يعني معندكوش بنات تكلم رجالة غريبة لكن تتجوزهم عادي ؟
-بطلي لماضة يلا وسيبك م اللي فات، انتي عملتي الصح، وهو جوازك من هشام.
     نظرت الفتاة في المرآة، تحدق في صورتها بفستانها الأبيض و كثيراً من مساحيق التجميل على وجهها، لا تصدق عينيها، و كأنها لم تعد تتعرف على وجهها، لم تتخيل يوماً أنها ستُزف  لأي شخص سوى عمر، ستتزوج من رجل سألها هل تجيد الطهي في أول لقاء بينهما! هو الصورة المثالية للرجل الشرقي الممل.
     أفاقت من غيبوبة تفكيرها على صوت هاتفها المحمول ينذر عن قدوم رسالة جديدة، خفق قلبها بقوة و فتحت الرسالة لتقرأ "حبيبتي، آسف جدا، بس والله أنا غبت لظروف أقوى مني، عارف انك هتعذريني لما أحكيهالك، ووالله عمري ما هسيبك تاني أبدا، من بكرة هكلم أهلك وأخطبك، ونتجوز ونعيش سوا علطول ونحقق كل أحلامنا.. بحبك جدا ..
   ثمة نوعان من الشقاء: الأول أن تنتظر شيئاً تريد حدوثه بشدة ولا يحدث مهما طال انتظارك، و الثاني أن يحدث هذا الشئ بعد أن يئست منه و بعد أن توقفت عن انتظاره.
    لكن ما تفكر فيه الآن يتطلب شجاعة كبيرة، تخلع حذائها ذا الكعب العالي، ترفع فستانها الضخم عن الأرض، تعبر من الباب الخلفي، و تجري بأقصى سرعتها، لحظات و تصل إليه ليهربا بعيداً عن أعين العالم، بعيداً عن القوم الذين يحرمون الحب، و يشرعون الزواج من دون حب، سيعيشان معاً الي الأبد، صورته و صورة طفلهما الأول تعبث بعينيها فتبتسم.
على صوت والدتها أفاقت من حلمها الأخرق الذي نسجته من بقايا أملها المحتضر.    
- يلا بسرعة، المعازيم مستنيين.

فجأه سمعت صوت
-مبروووك يا عروسه
نظرت العروس ليلى الى صديقتها مرام في يأس، قائلة بصوت هامس: مبروك ايه بس يا مرام، ما انتي عارفة اللي فيها..-🤔
- شعرت ليلى أنها تتمزق من داخلها لكنها لم تكن تعلم أن قلب مرام يتمزق أيضا من الداخل، 
- مرام في نفسها ( ليه بس يا رب بيحصلي كدا وليه ليلى كمان بيحصلها كدا بس اكيد خير خير كلً حاجه بتحصل اكيد ليها سبب))
- في رقصه السلو
هشام بحماس:-مبرروووك يا عروسة
ليلى ببرود:
- الله يبارك فيك
هشام مازحا:
- -مالك مكشره ليه اضحكي علي الأقل لا الناس يفتكروكي مغصوبة عليا ولا حاجة..
ردت ليلى بابتسامة مصطنعة قائلة في نفسها:
-أنا فعلا مغصوبة عليك..
  مر الوقت ثقيلا جدا وكأن عقارب الساعة تتعمد ابطاء الثواني وأخيرا انتهى الزفاف..
    سارت في بطء، مثقلة بأذيال أحلامها التي تتحطم  حلم تلو الآخر مع كل خطوة و كلمات الرسالة تضج في رأسها كالطنين، يا له من قدر! تأبطت ذراع زوجها – الذي لا تعرف عنه شيئاً- و على وجهها شبح ابتسامة ساخره. ، تشعر بأن الوجوه الكثيرة المحدقة بها أمست خالية من الملامح، و ضجيج الموسيقى يخفت ثم يتلاشى، تتخيل أنها تزف للرجل الذي أحبته دائما، وتخيلت هذه اللحظة مئات المرات، تعلم أن ما تفكر به وهما بالكامل، لكن مجرد التخيل جعلها تبتسم .. ولو كانت تعلم ما كان ينتظهرها من عذاب لكان تخيل الموت يسعدها أكثر من تخيل الزواج من الرجل الذي تحبه
يتبع ..

أقدار لا تناقش ❗️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن