إبتسمت بسعادة عندما شاهدتهما عائدان على صهوة الحصان .. السعادة البادية عليه تنعش صدرها .. وقفت فى مدخل المنزل تنتظرهما بتوتر حاولت إخفائه .. أول من دلفت للمنزل كانت بتول .. إقتربت منها باسمة مقبلة وجنتها هاتفة بمرح : صباح الخير ماما
ربتت مهجة على ظهرها بابتسامة حنون قبل أن تتحول لمتوترة عندما دلف صقر هامسة : صباح الخير يا بنتى
وقف صقر ينظر لها بصمت بينما إقتربت منه بتول محتضنة ذراعة وحثته على التقدم هاتفة : ما بدك تصبح على الماما
هتف بلا مودة : صباح الخير
لاحظت بتول توتر الأجواء فهتفت مازحة وهي تسحبه نحو والدته : لا هيك ما بيصير يلا بوس الماما وقلها صباح الخير
نظرت له أمه وقد ترقرقت الدموع في عينيها .. دوماً وأبداً كانت دموعها نقطة ضعفه التي لم يستطيع التخلص منها
وبدون وعي إحتضنها بشوق أياماً قضاها مبتعداً . بحب كان له الأول على الدوام . بلهفة لم يعد قادراً علي إخفائها . إعتصرها بين ذراعيه رغم كبر سنها ووهن عظامها لم تعترض بل شددت من إحتضانه وتحولت دموعها الى نشيج وهي تهتف من بين دموعها : وحشني حضنك يابني وحشني أوي
إنسابت دموعه دون وعي منه وهو يقربها من قلبه عله يستكين وتهدأ خفقاته
نظرت لهم بتول بحنان بأعين دامعة وقلب مشتاق لحضن أم فقدتها بأيدٍ غادرة
قطع تلك اللحظات الحميمية نزول عوض لساحة المنزل هاتفاً بسخرية : ياسلاااام ابتعد صقر عن أمه ناظراً له بحقد .. تحركت بتول واقفة أمام زوجها مشيرة له ليقترب وعندما فعل .. حجبته بظهرها عن أعين عمه وإمتدت أناملها لتمسح دموعه
هتف عوض بانفعال : الكلام ده يبقي فى أوضتكم مش قدام الخلق كده في بنات في البيت
إبتسم لها صقر و حول بصره ناحية عمه وهتف ساخراً : بنات ! قصدك الي عاوز تجوزهم بدري بدري هممم يا سيدي يتدربوا وأهو كله بثوابه
هدر به عوض : إحترم نفسك يا إبن هاشم
أقبل كل من بالمنزل على صوت صراخ عوض الذي رددت الجدران صداه حولهم
فوقف صقر بثقة واضعاً يديه في جيب بنطاله وهتف بفخر : وليا الشرف إني إبن الحاج هاشم الطلخاوي ثم تابع بنبرة ذات مغزي : مش حد تاني
إقترب فيصل من صقر محاولاً تهدئته بينما هتف فهد بعنف : قصدك إيه لو راجل إتكلم علشان أقطعلك لسانك إنت عاوز تتربي
صقر ساخراً : ومين الى هيربينى بقي ثم أشار نحوه من أعلاه لأسفله بإستهانه وتابع : إنت !
هم فهد بالإنقضاض عليه فاستوقفته عصا أبيه : سيبه أنا عارف إيه الي هيربيه
ثم أشار نحوه بعصاه وهتف : إنت ... دخلتك على بت عمك بكرة و ده قرار كبير العيلة مفيهوش نقاش يا كدة يا ملكش مكان بيننا
شهقت مهجة لاطمة صدرها فهي تعلم إبنها جيداً لا يقبل بالقيود ولن ينصاع لأمر عمه أي كانت النتيجة
بينما بتول وضعت يديها على فمها بصدمة
بينما الطفلة الحالمة إبتسمت بإنتصار
هتف فيصل : مش كلام ده يا حاج عوض
عوض بصراخ : إخرس يأما هتحصله أنا ساكت عليك بمزاجي ولو اتدخلت .. انت وهو هتتجوزوا فى يوم واحد
لطمت نورا صدرها بخوف بينما إبتسم فهد بتشفي
هدر به صقر هاتفاً : مش هيحصل
عوض ببرود : جربني
أبعد صقر يد فيصل الذاهل بجانبه عنه وتوجه ناحية زوجته هاتفاً : يلا يا بتول نجهز حاجتنا ونمشي
ثم أعاد نظره لعمه بتحدي متابعاً : ونيجي وقت تاني يكون ... صمت قليلاً وتابع بسخرية : يكون عمي هدي شوية ثم تابع بنبرة ذات مغزى : شكله عنده مشاكل فى الشغل موتراه
عوض ذاهلاً : قصدك إيه
صقر ضاغطاً علي كل حرف : تجارة السلاح يا كبير الطلاخوة
إتسعت الأحداق حوله وهتف عوض بهلع بينما تبادل النظرات الذاهله مع فهد : كدااااب
صقر ساخراً : إيه رأيك نبلغ البوليس ونشوف مين فينا الكداب
نظر فيصل لصقر بذهول قبل أن ينقض عليه ماسكاً إياه من تلابيبه هاتفاً : إنت إتجننت يا صقر
أبعد صقر يديه بهدوء هاتفاً بأسي لأجل صديق عمره الذي لم يشأ أن يعلم بتلك الطريقة : مش كداب يا فيصل إنت أكتر إنسان عارفني وعارف إن إبن الحاج هاشم ميرميش الناس بالباطل
ثم نظر نحو عوض الذى يبدو فى تلك اللحظة وكأن عمره إزداد أضعافاً وتابع : يوم دخلة فهد على مراته الأخيرة سمعته بيتفق على صفقة سلاح .. مصدقتش لحد ما اتأكدت بنفسي .. سمعت كل مكالمة ليه مع التجار .. عرفت بيتعاون مع مين وبيبيعها لمين
ثم نظر ناحية أمه وتابع : مقدرتش أتكلم علشان إسم العيلة . علشان إسم الحاج هاشم ميتلوثش بعمايل أخوه من بعده
ثم حول نظره نحو فيصل وتابع : وعلشان الصدمة الي شايفها على وشك دي يا صاحبي
فهد هاتفاً : كداب إمشي برة . برة العيلة الي عاوز تحط إسمها فى التراب بررررة
هتفت نورا من خلفهم : أخويا مش كداب
إلتفتت الأنظار نحوها فابتلعت ريقها وتحركت لتقف جوار زوجها الذي إتسعت حدقتاه ممسكة بيده وتابعت : أنا سمعتكوا بليل إنت وفهد يا عمي في مكتبك بعد ما كل الي فى البيت ناموا
قومت أجهز رضعة يانسون لصقر الصغير وسمعتكوا ثم صرخت متابعة : سمعت كل حاجة عن صفقة السلاح الي كنتوا عاوزين تاخدوا تمنها من صقر بعد ما تجوزوه بنتكم .. كنت عاوز تبيع بنتك علشان صفقة مشبوهه .. نظرت لوالدتها وتابعت : سمعت رأيك فى جوازك من أمي .. سمعت رأيك في أبويا .. ثم رفعت نظرها نحو زوجها وتابعت : وسمعت رأيك في فيصل إبنك
عوض بصراخ : كدابة تربية هاشم الفسدانة
صرخت به مهجة لأول مرة هاتفة : إخرس
إلتفت لها الجميع بصدمة وأولهم عوض
تلك البلهاء أرملة أخاه اللدود تتجرأ وتصرخ به !
تابعت مهجة وهي تقف بجوار أبناءها
هاشم الطلخاوي كان الراجل الى عمرك ما هتكونه
صمتت قليلاً تحاول تهدئة أنفاسها وتابعت : طلقني
..................................................
إستعد الجميع للرحيل
صقر وبتول
فيصل ونورا وولدهم
و مهجة
أنهي صقر وضع الحقائب فى سيارته
ووقف ناظراً للمنزل الذي عاش فيه طفولته .. ذكريات والده
طيبة قلب جده
و وطنه
نظرت له بتول بحزن وإقتربت ممسكة بذراعه فنظر لها ثم عاد بنظره للمنزل
وهمس : محدش أدك عارف يعني إيه البعد عن وطنه .. بس أنا جربته
إحتضنت ذراعه ناظرة نحو المنزل وهمست : بعرف صعوبتا بس .. صمتت قليلاً ثم إعتدلت ناظرة لعينيه وتابعت : الوطن مو مكان ثم أشارت نحو خافقها وتابعت : وطنك هون
وحركت نفس الإصبع نحو خافقه متابعة : ووطنى هون
أمسك بيدها مقبلاً لها بعشق خلق لأجلها وتوجها سوياً نحو السيارة( غريبة أنتِ عني كوطني الحبيب
بعيدة أنتِ عني كشمس المغيب
كطيف من ضياءٍ أنرتِ عالمي الرتيب
كقبضة من إباءٍ نزعتي طوقي المعيب
حلقتي بي بعيداً عن سجني المهيب
وصرتي لي حبيبتي
وطني الغريب )
أنت تقرأ
وطنى الغريب
Historia Cortaقد تشعر بالغربة فى وطنك وقد تشعر بالغربة بعيداً عنه . ستبحث دوماً عن مأوى وملاذ ترنو إليه ويحنو عليك . الوطن مكانة لا مكان . قد تتعدد البلدان ولكن أبداً لن تتعدد الأوطان .