العزيز/ (علي درويش).
لستُ أدري سبب انسياب الموسيقا لعقلي بينما اكتُب لك هذا الخطاب يا صديقي ، لاحقتني اغنيات معينة منفرطة ، كحبات لؤلؤ لا تجتمع الإ في عِقدك ، ربما لأن كل اغنيات الكون هي ذكريات.. هي مشاعر .. هي أنت. لذلك قررت ان اكتُب لكَ موسيقا ، عساها تؤنس وحدتك ، و تدخل الى قلبك السرور أينما كُنت.
(1)..
" لما كان ممكن اصدق .. إن السعادة كلمة واحدة"
كان هذا منذ ٧ سنوات ونصف تقريباً ، كانت البراءة أُم ، و الحماس وليداً ، و السرائر صافية من كل شائبة ، لم يتسرب الشك للإيمان ، و كان المبدأ مازال شامخاً لم تجري فيه الشقوق بعد!.
في ٢٤/١/٢٠١٧ ، كان السؤال الذي يجوب سماء القاهرة ، و القلوب المعلقة فيها كالنجوم هو : " إذا قدرنا نجمع ١٠٠ ألف ع الارض ، هنقدر نعمل حاجة ؟ " .. هل ؟! ، ممكن ؟! .. الحقيقة أننا استطعنا عمل شئ عظيم فعلاً، صحيح أننا لم ننتصر في المعركة ، لكننا لم نتقهقر كذلك ، لم نستسلم ، ظفرنا بشرف المحاولة العظيمة ، و الحب الذي وُلِد في رَحِم الميدان ، و الصداقات التي وُثِقَتها الحكومة بخِتم الخرطوش ، و الخوف الذي زفرناه ، و استنشقنا الغاز .. الحقيقة ان هذا هو مكسب الثورة الوحيد في رأيي يا صديقي ، لم نعد نخاف ، ما من نظام قادر على منحنا ذاك الصمت الثقيل مُجدداً ، لم يعد الصمت ( يُطلق ضحكته الساخرة) على حد تعبير (دُنقل) ، و الحقيقة الأخرى التي أدركتها بالطريقة الصعبة ، هي أنه كلما زاد احباؤك ، زاد خوفك! ، و انفرطت معركتك الرئيسية لعدة معارك صغيرة تضيع بينها ، مِثلي!..
(2).." كِنا سوا بنتسلى ، وينك أختفيت ؟ "
في يوم ٢٨/١/٢٠١١ (جمعة الغضب) ، في ميدان رمسيس ، انقذت صدري المُتحسس من بين انياب الغاز ، حَمَلتني لأستمر ، و حَمَّلتني عناء هذا الاستمرار.. من حينها و انت رفيق الدرب ، شاركتني كل الأزمات النفسية ، و الرومانسية الثورية ، و النضال المُرهِق المستمر ، شهور الشك ، و ساعات النصر ، الانتصارات الصغيرة التافهة التي تمر من بين القضبان الحديدية ، و الانكسارات العظيمة التي لا تُجبَر. كُنت اليقين في عتمة شكي، والقشة التي تعلقت بها في غرقي ، و الهتاف وقت انقطاع الصوت ، و كنت صمام الأمان في لحظات الأنهيار ، لكن كل هذا انتهى في (جمعة الارض).
انقذتني في (جمعة الغضب) من الموت بيد الغاز يا (علي) ، و تركتني في (جمعة الارض) أنازع بنصل غيابك الغير مسنون ، و كأن الله لم يُجز على روحي القتل الرحيم.! أمتلكت طوال الوقت قدراً من التشوه جعلني جافاً ، و لم يُعطني اي فرصة لأخبرك أني احبك ، كنت اطبق شَفتيّ في كل المرات التي التقينا فيها ، و التزم الصمت ، أخفيت عنك ذلك ، كما أخفيت عنك عاهتي ايضاً ، أمتلك كَتفاً مائلاً ،لم يمنعه من السقوط دوماً إلا كَتفَك ، الآن انا اسقُط ، ولا أكُف عن السقوط !
(3)..." ألاقي زيك فين يا (علي) ؟ "
في الحقيقة لا اهتم كثيراً بأين اجد (زيك) يا (علي) ، اهتم حقاً بأين اجدك (أنت)! ، اهتم ان اعرف فقط هل ينبغي ان يتجه هذا الخطاب لأسفل ام لأعلى أم في خط مستقيم! ، اهتم ان اعرف فقط عنوان المرسل إليه...
بإخلاص.
أنت تقرأ
بَريد
Romanceلكل من تسبب في تلك اللوحة السريالية ، التي تُزين روحي ، و نظراتي .. هذه الخطابات هي ما لم اقُله ابدًا ...